You are here

الطبقة الوسطى الفلسطينية أمام تحديات الشرذمة السياسية والخمول الفكري - الثقافي والنزعة المحافظة

Primary tabs

المؤلف/ة
الشرح: 

يقدم جميل هلال، تحليلاً عميقاً، لظاهرة الطبقة الوسطى في العالم العربي، وللطبقة الوسطى الفلسطينية، في السياقات التاريخية والأيديولوجية المختلفة، من عدة جوانب: مفاهيمها وتعريفاتها المتعددة؛ السياقات التي ارتبطت بنشوئها؛ الشرائح المكونة لها والمنضوية تحتها؛ تركيبها؛ سماتها الأساسية؛ أدوارها؛ وأماكن عملها. يشير هلال إلى محددات هوية أفراد الطبقة الوسطى، وهي الموقع في المؤسسة أو المنظمة التي يعمل أو ينتمي إليها الفرد، بالإضافة إلى مستويات دخلها، ودرجة تعليمها، وشروط عملها. لكن الأهم، بنظره، هو طبيعة النشاط الذي يقوم به أفراد الطبقة الوسطى، في مجال التقسيم الاجتماعي للعمل، فالذي يميز الطبقة الوسطى عن غيرها، ليس مستوى دخلها، بل شروط وطبيعة ومكان العمل. ورأس المال، الأساسي، للطبقة الوسطى، هو رأس المال الثقافي؛ أي المعرفة والمهارات والمؤهلات المكتسبة من التعليم والتأهيل التخصصي من التخصصات المختلفة، وهو، عملياً، قوة عملها. وهي طبقة غير موحدة، في تركيبتها المهنية، ومصادر دخلها، ورؤيتها لدورها ولما ينبغي أن يكون عليه المجتمع والبنية الاقتصادية، ونظرتها للثقافة وحقولها. إذ يتغير ميزان القوى الفكري والسياسي والاجتماعي داخل الطبقة الوسطى (والطبقات الاجتماعية الأخرى، أيضاً)، وفق محددات ومؤثرات كل مرحلة. يوضح الكاتب، ميزة تكوين الطبقة الوسطى الفلسطينية، الذي ارتبط بالشرط الوطني وحالة الاستعمار الاستيطاني، والذي نتج عنه، عدة ملامح لتكوين الطبقة الوسطى الفلسطينية، منها: أنها ولدت بعد النكبة عام 1948، والتحول الدراماتيكي الذي دخل على البنية الاقتصادية - الاجتماعية للشعب الفلسطيني، والتي كان من أبرزها تقلص نسبة العاملين في الزراعة، في مكونات الشعب الفلسطيني، سواء من بقي في فلسطين أو من هجر منها، وظهور ظاهرة التوجه نحو الهجرة للعمل أو الدراسة الجامعة، كمكون بنيوي في حياة التجمعات الفلسطينية المختلفة. ومع استمرار تراجع العمل الزراعي، بعد احتلال إسرائيل بقية فلسطين التاريخية عام 1967، إذ زج بأعداد كبيرة من العمال، من الضفة والقطاع، في سوق العمل الإسرائيلي، مع تواصل الهجرة من هاتين المنطقتين، إلى خارج فلسطين، بحثاً عن العمل والتعليم العالي. فقد تم إنتاج الطبقة الوسطى، بشكل رئيسي، في المهاجر حتى قيام السلطة الفلسطينية، عام 1994. لقد توسعت الطبقة الوسطى الفلسطينية، في الضفة والقطاع، بشكل ملحوظ، بعد تأسيس السلطة الفلسطينية. لكن، حالة الانقسام السياسي - الجغرافي التي طرأت على الحقل السياسي الفلسطيني، لم تؤثر على حجم هذه الطبقة، وإن ساهمت في تفتيتها وتعميق إحساسها بالقلق تجاه مستقبلها المعيشي. تناول الكاتب العلاقة ما بين عملية إنتاج الطبقة الوسطى وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين الجامعيين، إذ إن أحد أسباب ارتفاع البطالة بين الخريجين الجامعيين إلى معدلات قياسية، أنه لم يعد ممكناً الاستمرار في وتيرة التوظيف في القطاع الحكومي وفي قطاع المنظمات غير الحكومية، كما كانت عليه في عقد التسعينيات الماضي، بسبب الوضع المالي للسلطة الفلسطينية واعتمادها الواسع على المساعدات والتحويلات الخارجية. وهو أمر يشير إلى إبطاء في عملية إنتاج الطبقة الوسطى، وإلى دخول عامل توتر جديد على النظام السياسي الفلسطيني القائم، وبخاصة، أنه لا يتوفر، في المدى المنظور، إمكانيات لتوفير فرص عمل للعدد الأكبر من الخريجين وغير الخريجين، ولا إمكانيات للسيطرة على تكلفة المعيشة أمام سيطرة إسرائيل على الاقتصاد الوطني.

المجلد: 
3
الصفحات: 
31-42
سنة النشر: 
2013
اسم المجلة: 
أوراق فلسطينية