ورقة خلفية - الإطار القانوني الناظم لعمل الجمعيات التعاونية الزراعية في الضفة الغربية

Primary tabs

This content is currently only available in Arabic, press here to view Arabic Language content

تنبثق أهمية القوانين وما يتبعها من أنظمة وإجراءات من كونها الأداة الناظمة للعلاقة بين السلطة الحاكمة والشعب، ويجب أن تشكّل المرجعية والأساس لتنظيم العلاقات وسُبل المساءلة. ولذلك، فإنها تتغير وتتعدل تبعاً للتغيّرات والمستجدّات ووفقاً للظروف العامة، أو لأسباب أخرى مرتبطة بعلاقات القوة في المجتمعات. وعلى الرغم من أن العلاقة بين تعديل أو إصدار قوانين جديدة ليست بعلاقة طردية مع انعكاساتها في الواقع، بحكم وجود العديد من المتغيرات والعلاقات الديناميكية، فإنّ لتعديل وتطوير القوانين أهميّة خاصة فيما يتعلق بمواءمة التشريعات واستجابتها لحاجة القطاع المعني ومتطلباته.

تسعى هذه الورقة إلى قراءة منظومة القوانين واللوائح التنفيذية التنظيمية والتعليمات الوزارية المتعلقة بالجمعيات التعاونية، وعلى وجه التحديد، القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 بشأن الجمعيات التعاونية، إضافة إلى القوانين واللوائح التفسيرية الخاصة والمرتبطة به، سواء في الجمعيات التعاونية أو في القطاع الزراعي مباشرة، من جهة مفعولها المتعلق بالزراعة والقطاع الزراعي، وذلك انطلاقاً من أهمية دعم وتطوير منظومة التعاونيات، سيما التعاونيات الشبابية الإنتاجية/الزراعية، وتعزيز النهج التعاوني.

صدر القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 بشأن الجمعيات التعاونية [قانون الجمعيات التعاونية] لتنظيم الحالة القانونية للجمعيات التعاونية، الذي جاء، افتراضاً، قانوناً موحّداً للجمعيات التعاونية في فلسطين، خلافاً لما كان الحال عليه سابقاً، حيث نُظّم العمل التعاوني قبل العام 2017 بالاستناد إلى القانون رقم (50) لسنة 1933 النافذ في قطاع غزة؛ والقانون الأردني رقم (17) لسنة 1956 النافذ في الضفة الغربية. وفي ظل الحالة الراهنة المتّسمة بغياب المجلس التشريعي، والانقسام المستمر منذ العام 2007، فإن هيئة العمل التعاوني، وعلى الرغم من حالة ازدواجية التشريعات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، تسعى إلى المحافظة على التواصل مع الجمعيات التعاونية في قطاع غزة وتتابعها، وبحسب ما تدعيه الهيئة، فإن القانون يطبق فعلياً في قطاع غزة.[1]

إن إلغاء قانون جمعيات التعاون رقم 50 لسنة 1933 وتعديلاته، والأنظمة الخاصة به، إضافة إلى إلغاء قانون الجمعيات رقم 17 لسنة 1956 والأنظمة المعمول بها، ترك فراغاً تشريعياً كبيراً، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. كما أن الحداثة النسبية للقانون جعلته محتاجاً إلى مزيد من الأنظمة واللوائح التفسيرية،[2] والتعديلات. ويشار، في هذا السياق، إلى أن هيئة العمل التعاوني تعكف على إنجاز عدد من التعديلات.[3]

يهدف قانون الجمعيات إلى تشجيع وتنظيم الجمعيات التعاونية بالاعتماد على مبادئ العضوية الطوعية، والإدارة الديمقراطية، والمشاركة الاقتصادية، والاستقلالية الذاتية، والمعرفة التعاونية، والتعاون بين التعاونيات بما يعود بالنفع على الأعضاء التعاونيين والمجتمع المحلي.[4]

جاء قانون الجمعيات التعاونية في 70 مادة موزعة على تسعة فصول: الفصل الأول، تعاريف وأهداف عامة ونطاق التطبيق؛ الفصل الثاني، التنظيم الإداري والمالي للجمعية؛ الفصل الثالث، البنيان التعاوني؛ الفصل الرابع، أحكام التأسيس والتسجيل للتعاونيات؛ الفصل الخامس، إدارة الجمعية؛ الفصل السادس، الأحكام المالية للجمعية؛ الفصل السابع، التحقيق والتصفية والحل؛ الفصل الثامن، المخالفات والعقوبات؛ الفصل التاسع، أحكام ختامية.[5]

عالج قانون الجمعيات أحكام الجمعيات التعاونية بشكل عام، التي لم تختص في مفهوم العمل التعاوني، فعلى سبيل المثال، لم تتناول التعريفات، ضمن الفصل الأول، مفهوم العمل التعاوني والتعاون أو الفلسفة التي يتبناها قانون الجمعيات، فيما اقتصرت على تعريف الجمعية التعاونية والاتحاد التعاوني والاتحاد العام، التي عرّفت بحسب قانون الجمعيات:

الجمعية التعاونية: مؤسسة اقتصادية اجتماعية تؤسس من (15) عضواً على الأقل، يرتبط أعضاؤها طوعاً لتلبية احتياجاتهم وطموحاتهم المشتركة من خلال مساهماتهم الذاتية وملكيتهم المشتركة وإدارتهم ومراقبتهم الديمقراطية، وتمارس نشاطاتها بصفتها الاعتبارية.[6]

أغفل هذا التعريف الأساس الفكري للجمعيات التعاونية، وقدرتها على خلق مساحة لرؤية جماعية مشتركة في التعلم والتطوير والأداء من خلال تبادل الخبرات والمعرفة والأفكار،[7] كما أهمل فلسفة جماعية العمل وتجاوزه لفردانية الفرد. علاوة على ذلك، لم يراعِ التعريف السياق الفلسطيني وخصوصيته والبنى الاستعمارية المهيمنة وتأثيرها على القطاع التعاوني والزراعي، وأهمية ارتباط المفهوم بتاريخ العمل التعاوني، وكونه أداة للمقاومة والتصدي والاكتفاء الذاتي.

بحسب التعديلات المقترحة من قبل هيئة العمل التعاوني، التي يفترض أن تُرسل في أقرب وقت إلى مجلس الوزراء لاعتمادها (وذلك حسب ما وردنا خلال الاجتماع الذي أُجري مع الهيئة في شهر تشرين الثاني 2020)، عُدّل تعريف التعاونية لينص على أن عدد الأعضاء يجب ألّا يقل عن (7) أعضاء.

على الرغم من حداثة إصدار قانون الجمعيات التعاونية، الذي جاء متأخراً نسبياً، فإنه لاقى العديد من الانتقادات، بعضها يتعلق بالنص بحد ذاته، أو بتجاهل النص لمسائل جوهرية، وبعضها يتعلق بآليات تطبيق القانون، وباللوائح التنفيذية الوزارية المفسرة لنصوصه. وتجدر الإشارة هنا، بشكل خاص، إلى أن القانون لم يراعِ خصوصية الجمعيات التعاونية التي تقع ضمن المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية.[8]

تختص هذه الورقة بنقاش أبرز الإشكاليات والعقبات القانونية المتعلقة بالجمعيات التعاونية الزراعية، سواء في القانون، أو اللوائح التنظيمية والتعليمات المتعلقة به، كما تستعرض بعض النقاط المرتبطة بهيئة العمل التعاوني، التي تم تأسيسها بعد صدور قانون الجمعيات، إضافة إلى بعض الملاحظات، غير التفصيلية، حول صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية والمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي. وبذلك، ستتم معالجة النقاط التالية:

  1. تأسيس الجمعيات التعاونية وتسجيلها: قبول أو رفض التسجيل؛ وعدد الأعضاء.
  2. دور هيئة العمل التعاوني ومركزة العمل.
  3. التمويل والأموال: الموارد المالية للجمعية التعاونية، وموافقة الهيئة على المشاريع الممولة؛ والإقراض.
  4. الإعفاء الضريبي والجمركي، وضريبة الدخل.
  5. قرار حل الجمعية التعاونية وتصفيتها.
  6. حماية وتعويض الجمعيات التعاونية الزراعية والمزارعين.

تأسيس الجمعيات التعاونية وتسجيلها

إن مهمة تسجيل الجمعيات التعاونية مُناطة بحسب المادة (7) من قانون الجمعيات التعاونية بمجلس هيئة العمل التعاوني، وبحسب المادة (24)، فإنه يجب إصدار قرار قبول أو رفض تسجيل الجمعية خلال شهر من تاريخ استكمال طلب التسجيل، وقد نصت المادة أنه في حال عدم صدور قرار خلال مدة الشهر، تعتبر الجمعية مسجلة بحكم القانون. في السياق ذاته، وبحسب المادة (8)، تعقد اجتماعات المجلس كل شهرين على الأقل، في حين أن اتخاذ قرار تسجيل التعاونية، وهو ضمن صلاحيات مجلس الإدارة، يجب أن يُتخذ خلال شهر. ويعني ذلك إمكانية وجود حاجة إلى عقد اجتماعات بوتيرة أعلى من تلك المشار إليها في القانون كحد أدنى، أو تعطيل تسجيل الجمعيات، أو ستُسجل جمعيات بحكم القانون لمرور شهر على تقديمها للطلب، دون أن يتمكن مجلس الإدارة من النظر وفحص طلب تسجيلها.[9] ومن شأن هذه الترتيبات، أن تجعل من "الاستثناء" حالة مستمرة، وهو أمر لا يتواءم مع الهدف العام من عملية التشريع، ولا مع الأهداف الخاصة بهذا القانون.

جدير بالذكر أنه بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، فقد تم سحب العديد من المهام والصلاحيات التي كانت مُناطة بالمجلس لصالح رئيس الهيئة. فيما يتعلق بتسجيل التعاونية، على سبيل المثال، وخلال المقابلة مع الهيئة، تم توضيح أن هذه الصلاحية أُنيطت برئيس الهيئة مباشرة.

يثير نص قانون الجمعيات في المادة (23 الفقرة 3) منه، فيما يتعلق بصلاحية مجلس إدارة الهيئة بالنظر في طلب تسجيل الجمعية التعاونية، في الاستئناس برأي جهات رسمية (لم يتم تحديدها على وجه الدقة) المخاوف، بحيث إن ذلك "من شأنه أن يفرض قيوداً غير مبررة على حرية تشكيل الجمعيات التعاونية، وبخاصة، في ظل إمكانية استئناس المجلس برأي رئيس الهيئة والاتحاد المختص".[10] وبحسب رسالة اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية إلى وزير العمل، التي أُرسلت من خلال اتحاد لجان العمل الزراعي، فقد عبّر الاتحاد عن خشيته أن يكون هذا الرأي عبارة عن تدقيق وفحص أمني من قبل جهات حكومية أمنية، وأن يتحول رأيها "الاستشاري" إلى شرط لاستكمال عملية التسجيل كما يحصل مع الجمعيات الخيرية في كثير من الحالات. هذا إضافة إلى أن قانون الجمعيات، في جميع الأحوال، يشترط بوضوح بأن يكون عضو الجمعية غير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يردّ إليه اعتباره، وهو ما يُثبت من خلال شهادة عدم المحكومية الصادرة عن الجهات العدلية المختصة. وعلى الرغم من أنه لم يُشر في نص القانون إلى اشتراط "السلامة الأمنية" أو الحصول على شهادة حسن سلوك بهدف الانضمام إلى جمعية تعاونية، ما يُعد مخالفاً للقانون، فإن بعض الجمعيات التعاونية أشارت إلى أنها واجهت إشكاليات في التسجيل نتيجة للانتماءات السياسية لبعض أعضائها.[11]

بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، فقد تم إبلاغنا أن التوصية جاءت بإلغاء نص المادة (23 الفقرة 3).

إشكالية اشتراط عدد محدد لأعضاء الجمعية التعاونية

يشترط قانون الجمعيات ضمن تعريف الجمعية التعاونية بحسب نص المادة (15) أن يكون عدد الأعضاء 15 عضواً كشرط لتسجيلها، وهو ما يُخالف العديد من التعريفات الدولية، التي لم تشترط أي عدد لتأسيس الجمعية التعاونية. فمثلاً، تعرف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، التعاونيات أنها: "نوع خاص من المشاريع، جمعية من نساء ورجال يشكلون معاً مشروعاً يدار ديمقراطياً بشكل مشترك ولا يكون توليد الأرباح غير جزء من هدفه. وتعطي التعاونيات الأولوية للناس قبل الربح، كما أنها تساعد أعضاءها على تحقيق أهدافهم المشتركة وتطلعاتهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية".[12] وعرفت توصية منظمة العمل الدولية الرقم (193)، الجمعية التعاونية بأنها: "جمعية مستقلة مؤلفة من أشخاص اتّحدوا معاً طواعية، لتحقيق احتياجاتهم وتطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة، عن طريق منشأة مملوكة ملكية جماعية، ويشرف عليها ديمقراطياً".[13]

إن اشتراط عدد معين للأعضاء، الذي يُعد نسبياً عدداً كبيراً، يشكّل عقبة أمام العديد من الجمعيات التعاونية في إجراءات التسجيل الرسمية،[14] ما يؤدي إلى وجود العديد من النماذج التعاونية الحديثة غير المسجلة في هيئة العمل التعاوني، التي ترى في هذا الشرط تناقضاً مع مفهوم العمل التعاوني ووجوب سلاسة التعامل ضمن أطر ومعايير معينة لا تتعلق بالضرورة بعدد الأعضاء، بل ترتبط بروح العمل وجدواه وأهميته. جدير بالذكر أن قانون التعاون الأردني رقم (17) لسنة 1956، المُلغى صراحة، اشترط أن يكون عدد الأعضاء لا يقل عن سبعة أشخاص فقط، وكذلك الحال بالنسبة للقانون الانتدابي رقم (50) لسنة 1933.

بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، تم تعديل نص المادة (15) لتقلّص العدد الواجب لتأسيس التعاونية، ويصبح سبعة أعضاء كحد أدنى.

تجدر الإشارة، كذلك، إلى أن قانون الجمعيات التعاونية لم ينص على حالات زوال العضوية في الجمعية، في المقابل، أشار نص المادة (60) إلى حق الأعضاء بتوريث عضويتهم: "تنتقل حقوق والتزامات العضو المتوفى إلى الورثة، طبقاً لأحكام المواريث المعمول بها بعد حسم الديون المترتبة على العضو المتوفى للجمعية".  أما بحسب التعديلات المقترحة من الهيئة، فقد وردنا أن النص جاء واضحاً وصريحاً، إذ نص على أن أحد أسباب زوال العضوية هو وفاة العضو، على الرغم من اقتراح تعديل المادة (60) كذلك، لتقضي بأنه يجوز لأحد الورثة أن يحلّ محل العضو المتوفى (ممن تنطبق عليهم شروط العضوية) وشريطة موافقة بقية الورثة بموجب سندات رسمية. إضافة إلى اقتراح إمكانية تحويل حصة المورّث إلى شخص من الغير شريطة انطباق شروط العضوية عليه. وهو ما قد يُعتبر أفضل من الناحية التنظيمية، وأكثر مواءمة لمفهوم العمل التعاوني والتشاركي. إن مسألة توريث العضوية شائكة ومعقدة لارتباطها بنظام الميراث المعمول به في فلسطين، إضافة إلى ملكية الأراضي، وعليه لن تتم دراستها بالتفصيل في هذه الورقة.

وفيما يتعلق بنظام الرسوم، سواء لتسجيل التعاونية أو لتصديق الأوراق الرسمية أو للإشراف على بعض الخطوات اللازمة، بيروقراطياً، لعمل الجمعيات التعاونية، فإن قرار مجلس الوزراء رقم (11) لسنة 2018 بنظام رسوم هيئة العمل التعاوني، يفرض العديد من الرسوم المستحدثة التي تشكّل عبئاً إضافياً على أعضاء الجمعية التعاونية، على سبيل المثال، إن رسوم التسجيل التعاونية هي 300 دينار، التي تُعد مرتفعة، وبخاصة بالنسبة للتعاونيات الشبابية المبتدئة والحديثة. وبحسب المقابلات التي أجريت مع 20 جمعية تعاونية،[15] والتي تشمل نماذج مختلفة من التعاونيات، فقد أشار غالبيتهم إلى ارتفاع قيمة هذه الرسوم، وتساءلوا عن الحاجة لها في كثير من الحالات، وإلى ضرورة إلغائها أو تعديلها.

دور هيئة العمل التعاوني ومركزة العمل

إن مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني يتكون من 11 عضواً، برئاسة وزير العمل، وذلك بحسب المادة (6) من قانون الجمعيات، وغالبية أعضائه الأحد عشر هم من موظفي القطاع الحكومي، بينما لا يحظى القطاع التعاوني سوى بثلاثة ممثلين فقط.[16] يعد تشكيل المجلس بهذه الطريقة غير منسجم مع مبادئ العمل التعاوني الواردة في قانون الجمعيات التعاونية، وكذلك المبادئ الدولية،[17] كالإدارة الديمقراطية، وإشراك أصحاب الاختصاص، وأهمية دمج العاملين في القطاع التعاوني ضمن الهيئات والأجسام صاحبة القرار، كما لا يضمن التعبير عن إرادة وآراء الجهات المخاطبة بأحكامه في القرارات والسياسات التي يتخذها المجلس،[18] وذلك على خلاف ما كانت عليه التشكيلة سابقاً بوجود ستة ممثلين عن الحركة التعاونية.[19] ناهيك عن الانتقادات التي جاءت بصدد آلية تعيين رئيس الهيئة والشروط الواجب توافرها فيه، والتي تخرج عن نطاق النقاش في هذه الورقة.

أما بحسب التعديلات المقترحة على قانون الجمعيات من قبل الهيئة، فقد وردنا خلال الاجتماع مع الهيئة أنه قد تمّت إضافة أربعة أعضاء جدد: الرئيس التنفيذي للهيئة عضواً ليس له حق التصويت؛ شخص إضافي من الاتحاد التعاوني العام - ليصبح عددهم ثلاثة أشخاص، كما تم سحب حق التصويت من الثلاثة أعضاء (بحسب النص الأساسي هناك عضوان يحق لهم التصويت)؛ خبير تعاوني مستقل يتم تنسيبه من قبل الهيئة عضواً؛ وختاماً، ممثل عن مؤسسات المجتمع المدني ذات الاختصاص يتم تنسيبه من قبل الهيئة عضواً.

نلاحظ بحسب التعديل المقترح، أن هناك محاولة للالتفاف على الانتقادات التي وجّهت على تشكيلة المجلس، من خلال إضافة أعضاء جدد؛ إما لا يحق لهم التصويت، وإما يتم تنسيبهم من قبل الهيئة، أي إن الأعضاء المضافين، حتّى وإن كانوا ممثلين عن القطاع التعاوني، أو أعضاء غير حكوميين، يجب أن يكونوا منسّبين وموافقاً عليهم من قبل الهيئة.

أضف على ذلك، وفيما يتعلق بتجديد مدة عضوية المجلس، فقد تم، بحسب التعديلات المقترحة، إلغاء جملة "لمرة واحدة فقط"، ما يعني إمكانية تجديد عضوية المجلس لأجل غير معيّن. وهو ما يعتبر مخالفاً لمبدأ الديمقراطية.

كما نص قانون الجمعيات في المادة (7 الفقرة 7) منه على صلاحية المجلس بالتنسيب لمجلس الوزراء بمكافآت أعضاء المجلس؛ أي منحهم صلاحية تحديد مكافآتهم بأنفسهم، ما ينطوي على حالة من تضارب المصالح، بحيث إن مكافآتهم يجب أن تكون محددة بموجب قرار القانون تفادياً لمنحهم صلاحية اختيار وتحديد المبلغ الذي يريدونه. وعليه، إن وجود حالات من تضارب المصالح، قد يخلق بيئة مؤاتية لانتشار الفساد، وقد تتيح إمكانية إهدار المال العام، إذ إن أعضاء المجلس من موظفي القطاع الحكومي يتقاضون رواتب من الخزينة العامة بحكم وظائفهم، ونص المادة المذكور بصيغته الحالية يمنحهم إمكانية الجمع بين راتب ومكافأة، مصدرها واحد وهو الخزينة العامة للحكومة الفلسطينية، ما يخالف القانون، وما استقرت عليه الاجتهادات القضائية.[20]

بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، تم إلغاء النص السابق؛ المادة (7 الفقرة 7).

إن الجمعيات التعاونية تخضع للرقابة والإشراف الحكومي، فقد نصت المادة (7 الفقرة 13) من قانون الجمعيات التعاونية على أنه من مهام هيئة العمل التعاوني "[...] ومراقبة مدى التزامها [الجمعيات التعاونية] بتطبيق أحكام هذا القرار بقانون، والتحقيق في شؤونها، وتصفيتها وحلها"، وذلك إضافة إلى الرقابة المفروضة أساساً من قبل ديوان الرقابة المالية والإدارية بحسب (قرار بقانون رقم (18) لسنة 2017 بشأن تعديل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة 2004)، تحديداً المادة (31) المعدلة.

إن هذه الرقابة، من الناحية العملية، وبناءً على ملاحظات المتقابلين، تأتي على خلاف المهام الأساسية للهيئة من تشجيع أفراد المجتمع، وبخاصة الشباب على تأسيس التعاونيات وتيسير عملها وعمل الاتحادات، وتقديم استشارات قانونية، وتشكّل في بعض الجوانب عائقاً أمام العمل التعاوني، وتنحياً عن هدفه وطبيعته الرئيسية بكونه عملاً مجتمعياً يفترض هامشاً واسعاً من الحرية بالعمل، بعيداً عن البيروقراطية الحكومية، كما تعكس هذه الرقابة، وفي ظل الانتقادات على تشكيلة مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني، إشكاليات في عدم التمثيل الصحيح والرقابة السليمة على طبيعة عمل الجمعيات التعاونية وفهم مصالحها، كما لا يتلاءم مع ضرورة وضع خطة عمل استراتيجية هادفة إلى تطوير القطاع التعاوني الزراعي.

التمويل والأموال في الجمعيات التعاونية

الموارد المالية للجمعية التعاونية، وموافقة الهيئة على المشاريع الممولة

تفرض نصوص قانون الجمعيات التعاونية قيوداً غير مبررة فيما يرتبط بتمويل القطاع التعاوني، وذلك باشتراطها في المادة (5 الفقرة 8)، والمادة (7 الفقرة 10)[21] موافقة مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني على الخطط والمشاريع الممولة من الجهات المانحة والمقدمة للتعاونيات، دون تحديد المعايير الواجبة للموافقة على التمويل، الأمر الذي من شأنه المساس باستقلالية ومساحة عمل هذه الأجسام الاقتصادية المجتمعية، وعرقلة أدائها وتنفيذ مهامها ونشاطاتها وتحقيق أهدافها.[22] تؤثر هذه الشروط كذلك، بصور مباشرة أو غير مباشرة، على الأوضاع الاقتصادية لكل عضو من أعضاء الجمعية التعاونية والفئات المستفيدة من خدماتها. كما يرتبط هذا النقد بما سبق ذكره حول تشكيلة مجلس هيئة العمل التعاوني وعدم الإشراك الكافي لممثلي التعاونيات.

بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة على المادة (5) من قانون الجمعيات التعاونية والمادة (7)، تمت إضافة مزيد من النصوص التي تُعنى بالرقابة على الأموال والمشاريع الممولة من الجهات المانحة للقطاع التعاوني، وإعطاء الصلاحية للهيئة لإعادة توزيع وتحويل المشاريع من جمعية تعاونية إلى أخرى. وتم اقتراح تعديلات على الصلاحيات المخولة لمجلس إدارة الهيئة وإعطاء بعضها لرئيس الهيئة أو العكس، ولكن جميعها في إطار تكثيف الرقابة على الخطط والمشاريع الممولة.

إن اشتراط أخذ جمعيات واتحادات التعاونيات موافقة مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني لحصولهم على تمويل يؤثر على استقلالية عملهم، وقد يمس بمبدأ المساواة بين الجمعيات التعاونية، وذلك نظراً لغياب المعايير والأسس المتعلقة بالمشاريع أو التمويل ليتم قبولها أو لا، علماً أن هناك العديد من الشكاوى والاعتراضات التي تتعلق بالإجراءات البيروقراطية والطويلة المتعلقة بإدارة هيئة العمل التعاوني، التي من خلالها لم تتم الموافقة على كثير من المشاريع لتمويل بعض الجمعيات التعاونية،[23] ما قد يؤدي بالتالي، إلى فقدان الجمعية التعاونية أحد مصادر تمويلها وتوقف مشاريع معينة أو يهدد استمرارية عملها وتطورها. بالمقابل، بحسب نص المادة (40) من قانون الجمعيات التعاونية، فإن أحد مكونات الموارد المالية للجمعيات التعاونية هو "الهبات والمساعدات والمخصصات غير المشروطة بموافقة المجلس"، وهنا، أيضاً، لم يتم توضيح ماهية هذه المساعدات والهبات غير المشروطة والمحددة بموافقة المجلس [مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني] كذلك.

أما بحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، فقد وردنا، خلال الاجتماع مع الهيئة، أنه تم اقتراح تعديل للفقرة السابقة من المادة (40)، بحيث تتم إضافة قيمة معينة للهبات والمنح التي يمكن قبولها دون موافقة المجلس.

وفي سياق آخر، فيما يتعلق بصلاحية الهيئة العمومية للجمعية التعاونية، نصّت المادة (30) ضمن جملة الصلاحيات الممنوحة للهيئة العمومية للجمعية التعاونية على ضرورة قبولها للهبات والمنح وأية إعانات أخرى. لقد اعتبر البعض أن هذه الصلاحيات الممنوحة للهيئة العمومية كثيرة، ويجب ترك بعض منها إلى مجلس إدارة التعاونية، لأن موافقة أعضاء الهيئة العمومية كافة، يستغرق وقتاً كبيراً، بينما لو أنه من صلاحية مجلس الإدارة لكان أفضل، أو على الأقل تحديد سقف الهبة التي تكون من صلاحيات مجلس الإدارة.[24] ومن ناحية أخرى، فإن هذه الصلاحية الممنوحة للهيئة العمومية لا تنفذ بدون موافقة الهيئة.

إن تطوير العمل التعاوني يتطلب توازناً يمكّن التعاونيات من العمل ضمن معطيات السوق، بما في ذلك التنافس مع القطاع الخاص الذي لا توجد عليه قيود من هذا القبيل، فهو لا يحتاج إلى موافقات للحصول على هبات.

الإقراض

أما فيما يتعلق بنظام الإقراض، فإن قانون الجمعيات التعاونية لا ينص على أية أحكام سوى إنشاء صندوق التنمية التعاوني، وهناك قراران وزاريان خاصان بالقطاع الزراعي تحديداً، وليس الجمعيات التعاونية بشكل خاص، وهما: قرار مجلس الوزراء رقم (12) لسنة 2018 بنظام التمويل والإقراض للمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، وقرار بقانون رقم (8) لسنة 2015 بشأن المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي.

وبحسب المقابلات التي أجراها باحثو معهد مواطن على مدار الفترة الواقعة ما بين 6 حزيران حتى 22 آب 2020 مع جمعيات تعاونية، فغالبية الذين تمت مقابلتهم من الجمعيات التعاونية الزراعية لا يعلمون بوجود المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، وفي حالتين اثنتين كانت تجربتهم سيئة في التعامل مع مؤسسة الإقراض، كما برز الحديث عن العديد من الإشكاليات والصعوبات التي تواجه الجمعيات التعاونية فيما يتعلق بالإقراض بشكل عام، وتحديداً في ظل الفوائد المرتفعة. ويجدر لفت النظر إلى قرار مجلس الوزراء الأخير، الصادر بتاريخ 4 كانون الثاني 2021،[25] الذي يقضي بإلغاء المؤسسة الفلسطينية للإقراض بشكل كامل.

إن من أهداف صندوق التنمية التعاوني وضع آلية لتمويل التعاونيات الصغيرة، وبخاصة الإنتاجية منها، ما يستلزم تمكين الصندوق فيما يلزم لدعم وتطوير المبادرات التعاونية في مجال البيئة والتأمين التعاوني، إلا أن الجمعيات التعاونية في فلسطين ما زالت تعاني من العديد من الإشكاليات المتعلقة بالحصول على القروض، سواء من البنوك أو مؤسسات الإقراض،[26] التي غالباً ما ترتبط بإشكالية الضمانات وتوفيرها.

كما أشار البحث الميداني إلى صعوبة فتح حسابات في البنوك التي لا يمكن الحصول على قروض بدونها، وإلى وجود عقبات أمام فتح الحسابات ناجمة عن سياسات البنوك، وعن سياسات سلطة النقد التي لا تتماشى مع احتياجات الجمعيات التعاونية الناشئة، وبخاصة في مرحلة التأسيس.

الإعفاء الضريبي والجمركي

قد يكون نص قانون الجمعيات التعاونية في المادة (17) منه حول إعفاء الجمعيات والاتحادات القطاعية من الضرائب والرسوم الجمركية واضحاً ومباشراً. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإشكالية تكمن أمام الجمعيات التعاونية عند محاولة تنفيذ النص. وبحسب الأستاذ جمال النمر (رئيس مجلس إدارة اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية) فإن الإعفاء للجمعيات التعاونية له شروط، تتمثل بالتالي:[27]

  1. تشمل رسوم التسجيل والأموال المنقولة وغير المنقولة اللازمة لتنفيذ أهدافها الواردة في النظام الداخلي.
  2. أن يتم النظر بطلب الإعفاءات من الرسم لكل حالة على حدة.
  3. أن تلتزم الجمعيات والاتحادات بعدم التصرف بالأموال التي عليها الإعفاء، سواء كانت منقولة أو غير منقولة لمدة خمس سنوات.
  4. أن تلتزم الاتحادات والجمعيات بتقديم الكشف الدوري، والإقرار الضريبي كلاً حسب الأصول.

الجدير بالذكر أن العديد من الجمعيات التعاونية التي تمت مقابلتها أشاروا إلى تعقيدات فتح الملف الضريبي بهدف الاسترداد الضريبي، والعديد منهم أشار، أيضاً، إلى أنه تم تقديم ملفاتهم بهدف الاسترداد الضريبي منذ سنوات دون نتيجة.

وبحسب التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، يعدّل نص المادة (17) بإضافة كلمة "جميع" قبل الضرائب والرسوم، وهو ما نرى أنه لا يغيّر من النص شيئاً، إذ إن النص السابق لا يشكّل عائقاً بذاته، إنّما تبرز الإشكالية بفهم النص، حيث لم يتم توضيح الشروط والمعايير للحصول على الإعفاءات، كما تبيّن من خلال المقابلات التي أجراها فريق معهد مواطن، أن جميع الجمعيات التعاونية الزراعية تواجه صعوبات في الاستفادة من هذه الإعفاءات، وأن البيروقراطية التي يتم التعامل فيها تخلق معاناة كبيرة أمام الجمعيات التعاونية والمزارعين. إضافة إلى ذلك، برز من خلال المقابلات أن مسألة الإعفاء ليست مقتصرة على وجود هذا النص في قانون الجمعيات التعاونية، وإنما في التبعات المستحقة عند تنفيذ روح النص، وبخاصة في ظل ارتباطه وعلاقته بوزارة المالية وسلطة النقد من خلال البنوك.

كما تم ضمن التوصيات والمقترحات من الهيئة، إضافة نص توضيحي حول إعفاء التعاونيات من جميع الضرائب والرسوم الجمركية عن تعاملاتها مع غير الأعضاء بشرط ألا يزيد حجم هذه التعاملات على 50% من مجموع التعاملات. وهو ما نراه إيجابياً، وبخاصة لأهمية توضيح الإعفاء الخاص بالتعاملات مع غير الأعضاء، وانسجاماً مع نص القرار بقانون بشأن الدخل.

أما المادة (7) من القرار بقانون رقم (8) لسنة 2011 بشأن ضريبة الدخل، فتنص على إعفاء دخل الجمعيات التعاونية فيما يتعلق بمعاملاتها مع أعضائها فقط، وهذا يشكل صعوبة في تحديد أي من الأعضاء يتعامل، وأي منهم لا يتعامل مع الجمعية، كما أنّه يشكل عبئاً إضافياً على الجمعية، ويفتح باب التحايل، وبخاصة في ظل سهولة تعديل القوانين الضريبية.[28]

كما نص القانون على أن دخل الجمعيات التعاونية من عمل لا يستهدف الربح مُعفى من الضريبة، بمفهوم المخالفة، إذا استهدف العمل تحقيق الأرباح، فإنه لا يُعفى من الضريبة، وهذا يتيح النقاش حول مفهوم استهداف الربح في حالة الجمعيات التعاونية، وتحديداً في ظل الشرط المنصوص عليه في المادة (7 الفقرة 19) حول ضرورة ألا تستهدف الجمعية التعاونية الربح حتى تكون معفية من الضريبة، وفي مفهوم المخالفة، فهذا يعني إمكانية وجود جمعيات تعاونية تستهدف الربح، وهو ما يرتبط مع كون الجمعيات التعاونية لا تُعد عملاً بالمجان بل لتحقيق حاجة اقتصادية لأعضائها، وتسعى إلى تحقيق الدخل.[29] إضافة إلى ذلك، بما أن الأرباح التي يتم إخضاعها للضريبة يجب أن تعامل معاملة الشركات، في هذه الحالة لا يوجد أي حافز للجمعيات، كما أن الربح الذي يوزع على الأعضاء، لا يكون مُعفى من الضريبة، وهو ما قد يعتبر ضريبة الدخل للأفراد.

حل الجمعيات التعاونية

إن منح مجلس الإدارة صلاحية حل الجمعية وفق المادة (54 الفقرة 2)، ينطوي على تقييد لحرية العمل التعاوني. وتقدر الورقة أن قرار حل الجمعية يجب أن تسبقه إجراءات تحذيرية، في كل الحالات، مثل وضع نص يتعلق بالإنذار لتصويب الوضع القانوني، وحل الجمعية خلال مدة معينة بدلاً من الحل المباشر. وفي السياق ذاته، فإن اعتبار تحقيق الجمعية لأهدافها التي أُسّست من أجلها، كأحد أسباب حل الجمعية، كما نص قانون الجمعيات التعاونية، دون توضيح ماذا يعني أن الجمعية قد حققت أهدافها، لا يعكس رؤية العمل التعاوني وأهدافه، التي تؤمن بأهمية استمرارية هذا العمل بهدف دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وتعزيز صموده، وبخاصة في ظل خصوصية الحالة الفلسطينية.[30]

أما فيما يتعلق بالتصفية، فحسب قرار مجلس الوزراء رقم (12) لسنة 2020م بلائحة التحقيق في أعمال الجمعيات والاتحادات التعاونية، فإنه قد ينتج عن نتائج التحقيق قرار بتصفية الجمعية التعاونية، بعد أن تمنح مدة ستة أشهر لتصويب أوضاعها. بحسب نص المادة (55) من قانون الجمعيات التعاونية، فإن قرار تصفية الجمعية قابل للتظلم، أمام رئيس مجلس إدارة الهيئة.

بحسب التعديلات الواردة من قبل هيئة العمل التعاوني، فإن صلاحية تصفية الجمعية عُدّلت لتصبح بقرار من رئيس الهيئة، وهو ما يعني تضييقاً أكثر على عمل الجمعيات التعاونية، وتفرداً في إصدار الصلاحيات. أما ما يتعلق بالتظلم، فلم يتم تعديل النص، ليبقى التظلم أمام رئيس المجلس.

حماية وتعويض الجمعيات التعاونية الزراعية والمزارعين

نلاحظ غياب للنصوص الناظمة لموضوع الإنتاج والتسويق في حالة الجمعيات التعاونية، على الرغم من وجود بعض النصوص غير المنظمة وغير الكافية المتعلقة بالتسويق بحالة الزراعة والمزارعين، بحيث لا توجد نصوص تنظم الاتفاق مع التجار ونقل البضاعة، والإعلانات، وتحديد الأسعار. ومن خلال المقابلات التي أجراها باحثو معهد مواطن على مدار الفترة الواقعة ما بين 6 حزيران حتى 22 آب 2020 مع جمعيات تعاونية، يبرز غياب الخطة الحكومية الاستراتيجية للتسويق أو للزراعة بشكل عام. فيما يتعلق بالإنتاج، لا توجد نصوص تنظم شراء المدخلات من بذور وأشتال، تطوير البنية التحتية من سياج وبيوت بلاستيكية وأنظمة ري وتحكم بالحرارة والرطوبة والحموضة وغيرها.

فيما يتعلق بالحماية والتعويض عن الظروف الطبيعية والكوارث، فهناك قرار بقانون رقم (12) لسنة 2013 بشأن صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، المادة (7) تتعلق بمهام الصندوق فيما يتعلق بالزراعة، وتفرق المادة ما بين التعويضات للمزارعين والتعويضات للمؤمن لهم، ما ينطوي على فهم أن التعويضات قد لا تشمل جميع المزارعين، أو أن هناك معايير مختلفة للتعويضات. ويجدر لفت الانتباه إلى قرار مجلس الوزراء الأخير، الصادر بتاريخ 4 كانون الثاني 2021،[31] الذي يقضي بإلغاء صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية.

إضافة إلى قرار مجلس الوزراء فيما يتعلق بموضوع مكافحة الأوبئة والحشرات: قرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2012 بنظام مبيدات الآفات الزراعية. ومن خلال المقابلات التي أجريت، برزت العديد من الانتقادات على عمل الصندوق، وأشار العديد من المتقابلين إلى أنهم قدموا ملفاتهم للصندوق دون جدوى.

الخلاصة

بمراجعة نصوص قانون الجمعيات التعاونية، فإننا نلاحظ أنه يغلب عليه الإفراط في المأسسة والبيروقراطية التي تقيد الجمعيات التعاونية، وتحاول ربط التعاونيات بالأجسام الحكومية، والتي تواجه العديد من الانتقادات في ظل الحالة الفلسطينية، وبالتالي هي محاولة لإخضاع الجمعيات التعاونية لأيديولوجية الحكومة وقوانينها وسياساتها، كما يبرز ضعف مستوى الاهتمام الحكومي بالقطاع التعاوني والقطاع الزراعي، ما يفقده جانباً من مبادئه وأهدافه. وهنا يجب التوضيح أن الجمعيات التعاونية لا تشكّل جزءاً من القطاع العام، وليست بطبيعة الحال جزءاً من القطاع الخاص، وإنما بالإمكان اعتبارها قطاعاً ثالثاً يتميّز بمبادئه الخاصة، وآليات عمله المنظمة محليّاً ودولياً.

ويمكن رصد إجراءات الحكومة البيروقراطية من خلال النظر في إجراءات تسجيل الجمعية التعاونية ومتطلباته وشروطه، إلى جانب تركيز الصلاحيات والمسؤوليات بيد رئيس الهيئة ومجلس الإدارة دون تمثيل واضح ومؤثر للحركة التعاونية الفلسطينية. إن نصوص القانون لا توفر دافعاً لتشجيع العمل التعاوني وانتهاجه كاستراتيجية رئيسية تساهم في حل جزء من المشاكل التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني، وبخاصة فئة الشباب وخريجي الجامعات، كالبطالة الحادة، وسوء الأوضاع المعيشية، وتدني مستوى الرواتب بشكل عام، وأيضاً من حيث العمل التعاوني كأداة للنهوض بواقع القطاعات المهمشة كالزراعة، وجعلها أحد روافع الاقتصاد الفلسطيني.

إضافة إلى ذلك، إن نصوص قانون الجمعيات التعاونية لا تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية في الحالة الفلسطينية الراهنة، وبالتالي لا توفر شروطاً واقعية للنهوض بالواقع التعاوني، وجذب فئة الشباب أو المزارعين وغيرها من القطاعات. كما يغلب على قانون الجمعيات التعاونية تحجيم العمل التعاوني وتهميشه، مقابل الدعم والتسهيلات المقدمة للقطاع الخاص، من حيث التسهيلات الضريبية والتسويقية التي تقدم لكل منهما على سبيل المثال.

ختاماً، لا يعبّر قانون الجمعيات التعاونية عن الهدف الأساسي وجوهر العمل التعاوني وأبعاده السياسية والاجتماعية كأداة للمواجهة والمقاومة على صعيدين، الأول السياسيات الاقتصادية الرأسمالية والنيوليبرالية، وما ينتج عنها من تهميش للفئات الفقيرة وزيادة تردي أحوالها وظروف معيشتها والفروقات في المجتمع، والثاني كأداة مقاومة في ظل السياسات التي يفرضها الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في الظرف الفلسطيني الذي يستهدف السيطرة على الأرض والمياه والموارد والتضييق على الفلسطينيين.

إن بعض التعديلات المقترحة على قانون الجمعيات التعاونية من قبل هيئة العمل التعاوني (في حال اعتمادها)، ستساهم في تفعيل عدد أكبر من الجمعيات التعاونية، وتجاوز بعض العقبات التي تواجه التعاونيات، على الرغم من أن بعض التعديلات المقترحة بحاجة إلى تعديل عليها، وتخلق نوعاً آخر من الإشكاليات القانونية.

 

المصادر

AbdulMajeed, Ayman. 2018. "Conceptual and Methodological Approaches to Reading the Realm of Cooperatives in Occupied Palestine." Journal für Entwicklungspolitik (JEP): Austrian Journal of Development Studies 34 (1): 35-61.

اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية. 2019. ملاحظات على قانون التعاون رقم (20) لسنة 2017 - استراتيجية الضغط والمناصرة. رام الله: اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية.

الاتحاد العام للجمعيات التعاونية. د. ت. "رسالة إلى وزير العمل". ورقة موقف. (أرسلت من خلال اتحاد لجان العمل الزراعي).

اتحاد لجان العمل الزراعي. 2019. دراسة حول السياسات الوطنية في القطاع الزراعي. أيلول/سبتمبر، اتحاد لجان العمل الزراعي. https://bit.ly/3vbrdCi.

جاموس، عمار. 2020. "الموقف من القرار بقانون رقم 20 لسنة 2017 المتعلق بالجمعيات التعاونية". ورقة غير منشورة. ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات. 25 آب/أغسطس. عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية.

دعنا، طارق. 2013. البدائل الإنتاجية لنموذج المناطق الصناعية "أريحا والأغوار". سلسلة أوراق تنموية (12)، أيار/مايو، رام الله: مركز بيسان للبحوث والإنماء.

السلطة الوطنية الفلسطينية. 2017. "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م بشأن الجمعيات التعاونية [قانون الجمعيات التعاونية]". الوقائع الفلسطينية. عدد 138 (29 تشرين الثاني/نوفمبر). 5-25.

طه، عز الدين. 2020. "ماذا تريد الجمعيات التعاونية من المعهد التعاوني وصندوق التنمية التعاوني". ورقة غير منشورة. ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات. 25 آب/أغسطس. عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية.

مجلس الوزراء – دولة فلسطين. 2021.  "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)". الأمانة العامة لمجلس الوزراء. 4 كانون الثاني/يناير. http://www.palestinecabinet.gov.ps/portal/news/details/51674.

مركز بيسان للبحوث والإنماء. 2010. "الاقتصاد التعاوني كقطاع مؤثر في التنمية". المرصد التنموي (1): 29-34.

نمر، جمال. 2020. "تأثير البيئة القانونية بخصوص الإعفاءات والرسوم على التعاونيات". ورقة غير منشورة. ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات. 25 آب/أغسطس. عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية.

هيئة العمل التعاوني. 2019. تقرير الإنجاز السنوي للعام 2018. أيار/مايو، رام الله: هيئة العمل التعاوني.

—. 2021. مقابلة جماعية. رام الله (4 كانون الثاني/يناير).

 

 

 


[1] هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (رام الله: 4 كانون الثاني/يناير 2021).

[2] اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، ملاحظات على قانون التعاون رقم (20) لسنة 2017 - استراتيجية الضغط والمناصرة (رام الله: اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، 2019)، 9-11.

[3] من جملة التعديلات المقترحة، تعديل اسم القرار بقانون ليصبح بشأن التعاونيات بدلاً من "بشأن الجمعيات التعاونية"، وعليه يعدّل مسمى الجمعية التعاونية ليصبح التعاونية في كل النص.

[4]  السلطة الوطنية الفلسطينية، "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م بشأن الجمعيات التعاونية [قانون الجمعيات التعاونية]"، الوقائع الفلسطينية، عدد 138 (29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017)، 5-25.

[5] المصدر نفسه.

[6] المادة (15 الفقرة 1: أ) من قانون الجمعيات التعاونية، انظر: المصدر نفسه.

[7] Ayman AbdulMajeed, “Conceptual and Methodological Approaches to Reading the Realm of Cooperatives in Occupied Palestine,” Journal für Entwicklungspolitik (JEP): Austrian Journal of Development Studies 34, no. 1 (2018): 35-61.

[8] اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، ملاحظات على قانون التعاون، 9-11.

[9] المادة (8) من قانون الجمعيات التعاونية: "يعقد المجلس جلساته على النحو الآتي: 1. جلسة عادية دورية كل شهرين على الأقل بدعوة من رئيس المجلس أو نائبه حال غيابه". انظر: السلطة الوطنية الفلسطينية، "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م".  

[10] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل"، ورقة موقف (د. ت.) (أرسلت من خلال اتحاد لجان العمل الزراعي).

[11] نتائج البحث الميداني الذي أجراه باحثون في معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة بيرزيت على مدار الفترة الواقعة ما بين 6 حزيران/يونيو حتى 22 آب/أغسطس 2020 مع جمعيات تعاونية.

[12] طارق دعنا، البدائل الإنتاجية لنموذج المناطق الصناعية "أريحا والأغوار"، سلسلة أوراق تنموية (12) (رام الله: مركز بيسان للبحوث والإنماء، أيار/مايو 2013)، 15.

[13] مركز بيسان للبحوث والإنماء، "الاقتصاد التعاوني كقطاع مؤثر في التنمية"، المرصد التنموي، عدد 1 (كانون الأول/ديسمبر 2010): 32.

[14] نتائج البحث الميداني الذي أجراه باحثون في معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة بيرزيت على مدار الفترة الواقعة ما بين 6 حزيران/يونيو حتى 22 آب/أغسطس 2020 مع جمعيات تعاونية.

[15] نتائج البحث الميداني الذي أجراه باحثون في معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة بيرزيت على مدار الفترة الواقعة ما بين 6 حزيران/يونيو حتى 22 آب/أغسطس 2020 مع جمعيات تعاونية.

[16] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل".

[17] هيئة العمل التعاوني، تقرير الإنجاز السنوي للعام 2018 (رام الله: هيئة العمل التعاوني، أيار/مايو 2019)، 10.

[18] عمار جاموس، "الموقف من القرار بقانون رقم 20 لسنة 2017 المتعلق بالجمعيات التعاونية"، ورقة غير منشورة، ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات (عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، 25 آب/أغسطس 2020).

[19] المادة (6) من قانون الجمعيات التعاونية. انظر: السلطة الوطنية الفلسطينية، "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م".

[20] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل".

[21] مادة (5) أهداف ومهام الهيئة: تهدف الهيئة إلى تنظيم القطاع التعاوني والإشراف عليه دون أن تمارس العمل التعاوني بشكل مباشر، ولها في سبيل ذلك القيام بالمهام الآتية: 8. الموافقة على المشاريع الممولة من الجهات المانحة للقطاع التعاوني، بما يهدف إلى تنمية القطاع التعاوني وتطويره.

مادة (7) صلاحيات المجلس: للمجلس في سبيل تحقيق أهداف الهيئة القيام بالآتي: 10. الموافقة على الخطط والمشاريع الممولة من الجهات المانحة. انظر: السلطة الوطنية الفلسطينية، "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م".

[22] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل".

[23] جاموس، "الموقف من القرار بقانون رقم 20 لسنة 2017".   

[24] اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، ملاحظات على قانون التعاون، 9-11.

[25] مجلس الوزراء – دولة فلسطين، "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)"، الأمانة العامة لمجلس الوزراء (4 كانون الثاني/يناير 2021

http://www.palestinecabinet.gov.ps/portal/news/details/51674

[26] عز الدين طه، "ماذا تريد الجمعيات التعاونية من المعهد التعاوني وصندوق التنمية التعاوني"، ورقة غير منشورة، ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات (عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، 25 آب/أغسطس 2020).

[27] جاموس، "الموقف من القرار بقانون رقم 20 لسنة 2017".

[28] اتحاد لجان العمل الزراعي، دراسة حول السياسات الوطنية في القطاع الزراعي (اتحاد لجان العمل الزراعي، أيلول/سبتمبر 201961،

 https://bit.ly/3vbrdCi

[29] جمال نمر، "تأثير البيئة القانونية بخصوص الإعفاءات والرسوم على التعاونيات"، ورقة غير منشورة، ندوة تحليل للبيئة القانونية وأثرها في تمكين التعاونيات (عبر الفضاء الإلكتروني: معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)؛ هيئة العمل التعاوني؛ اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية، 25 آب/أغسطس 2020).

[30] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل".

[31] مجلس الوزراء – دولة فلسطين، "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)".