الثورات والانتقال الديمقراطي في العالم العربي واوروبا الشرقية بولندا ومصر نموذجا
هل تحمل الحراكات/الثورات العربية سمات الفعل الديمقراطي؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست بالأمر السهل، لاعتبارات كثيرة، ليس أقلها أولاً، حداثة الحراكات/الثورات العربية وقصر أمدها الزمني، فما زالت التجربة العربية في مسألة التغيير تجربة حديثة وغضة العود، ولم تبلغ سن الرشد. ربما هناك مؤشرات إيجابية في مسألة الديمقراطية )كحالة تونس مثلاً(لكن يبقى من الصعب البناء عليها، فهذه المؤشرات والأزمات جنينية، وتبقى عرضة للارتداد إلى اتجاهات مغايرة، فكما نعلم، التجارب الديمقراطية )والعريقة منها على وجه الخصوص كالأمريكية والإنجليزية والفرنسية(استغرقت وقتاً طويلاً قبل أن تتعزز وتستقر، كما أودت بحياة ملايين من البشر، وزجت بملايين آخرين في أتون الفقر أو التمييز أو الاستغلال قبل بلوغها سن الرشد.
يسلط هذا الكتاب بفصوله الأربعة، الضوء على الكثير من القضايا السياسية )النظرية أو العملية(التي ستبقى حاضرة معنا لفترة طويلة. فهو يتناول في فصله الأول، بالعرض والتحليل، المقاربات المختلفة المستخدمة لفهم مسألة التحول الديمقراطي، ومدى مواءمتها للحالة العربية. بينما يرصد في الفصلين الثاني والثالث، أوجه الشبه والاختلاف في حالتين دراسيتين هما مصر وبولندا، من زاوية الظروف التي واكبت هاتين التجربتين في مسعى الانتقال إلى الديمقراطية. أما الفصل الرابع والأخير، فقد خُصّص لتسليط الضوء على بعض المقارنات بين الحالتين، وخَلُص إلى مجموعة من النتائج والاستنتاجات.