This content is currently only available in Arabic, press here to view Arabic Language content
اختتمت أعمال مؤتمر معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان - جامعة بيرزيت، اليوم الأحد السابع والعشرين من أيلول 2020، في دورته السادسة والعشرين، تحت عنوان "متى تعود الابتسامة إلى عالمنا؟"، عبر صفحة معهد مواطن على اليوتيوب، وذلك بمشاركة العديد من المفكرين من مختلف أنحاء العالم.
استهل اليوم الثالث للمؤتمر بالجلسة الرابعة بعنوان "معطيات الواقع ومتطلبات التغيير"، التي ترأستها مديرة مكتب مؤسسة هنرش بل الألمانية في رام الله الصحفية بيتينا ماركس. قدم الورقة الأولى الباحث في جامعة لوفانا في ألمانيا، الدكتور سامي خطيب بعنوان "العنف والرأسمالية وشبح الفاشية"، وأوضح من خلالها أنه لا يمكن فهم عنف الفاشية "الاستثنائي" دون تحليل عنف الرأسمالية "الطبيعي"، فالعنف سمة متأصلة في المجتمع الطبقي الرأسمالي، كما اعتمد في ورقته على تحليل فانون لواقع العنف الاستعماري فهناك وجود شبحي للعنف الاستعماري كعلاقة غير متكافئة وديالكتيكية. وتساءل خطيب حول إمكانية استخدام نظرية مدرسة فرانكفورت المبكرة حول الفاشية، لتساعدنا على فهمنا للوضع الحالي للفاشية النيوليبرالية، والأشكال الاستبدادية للهيمنة الرأسمالية المعاصرة، واستدامة الواقع الرأسمالي في وظائفه النظامية.
أما الورقة الثانية "المقاومة المدنية واللاعنف"، فقد قدمها الدكتور هيثم مناع، رئيس المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان في جنيف. تناول فيها شرح للمنظومة العالمية التي تميزت بتعدد أنماط العنف الممارس على المصنفين بأنهم "أعداء"، إذ كان دائماً يتم اللجوء إلى العنف سواء عسكرياً أو اقتصادياً. وأوضح أن اللجوء للعنف من قبل القامع والمقموع، على حد سواء، هو مدمراً للشعوب المستضعفة، وتساءل الدكتور مناع حول إمكانية جعل اللاعنف والمقاومة المدنية أسلوب نضال أممي مشترك للمجتمعات المدنية لمواجهة، ما يُطلق عليه، نقص "المناعة الذاتية" في دول المحيط والمجتمعات الأضعف أثناء عملية التحول البطيئة في النظام العالمي.
الورقة الثالثة والأخيرة في الجلسة، حول "رأسمالية الخليج العربي والاقتصاد السياسي العالمي المتغير"، قدمها الدكتور اَدم هنية، عضو الهيئة الأكاديمية في برنامج دراسات التنمية في جامعة لندن. تناول فيها وضع دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً بعد ظهور النفط والفوائض المالية المرتبطة به، كقضية أساسية لتوازن القوى العالمية ووظائف الرأسمالية الحديثة، وأشار أيضاً إلى كيفية تشكيل ومساهمة هذه السمات على تطور الدولة في الخليج، التي ترتبط بفئة قوية من تكتلات الأعمال الخليجية التي أصبحت تهيمن على جميع لحظات التراكم. وتساءل الدكتور هنية حول ما قد يعنيه تدويل رأس المال الخليجي بالنسبة لمكانة الشرق الأوسط في الديناميكيات المتغيرة للاقتصاد العالمي، ونوه خلال حديثه إلى ارتكاز رأس المال الفلسطيني الكبير بدرجة كبيرة إلى اقتصاد دول الخليج العربي.
ترأس عضو الهيئة الأكاديمية في معهد الحقوق في جامعة بيرزيت الدكتور جميل سالم الجلسة الخامسة الختامية بعنوان "معالم المستقبل". عرض فيها ورقة بعنوان "بل متى كان عالمنا يبتسم؟"، أستاذ دراسات التنمية والعلاقات الدولية في جامعة لندن البروفيسور جلبير الأشقر، الذي تطرق إلى الإنجازات السياسية والاجتماعية التي بلغت ذروتها في ستينيات القرن المنصرم، إذ شهد ذلك العقد صعود حركات التحرر الوطني ونجاحات كبيرة في نزع الاستعمار وصمود الشعب الفيتنامي في وجه العدوان الأمريكي، والثورة الثقافية في الصين وغيرها، فعرف العالم خلال ذلك العقد وتائر عالية من النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي. فقد كان عقد الستينيات، عالم حقاً يبتسم، وكان الشباب فيه متفائل يتطلع إلى مستقبل مُشرق منوها إلى تنغيص الأمل العربي إبان النكية والنكسة. كما أشار الدكتور أشقر، إلى أن زمن كوفيد 19 يأتي بعد أربعين عاماً من النيوليبرالية التي شهدت تفكيك الكثير من الإنجازات الاجتماعية التي كانت بالسابق، وتبدل موازين القوى العالمية والتحولات الاقتصادية التي تميزت بالاستغلال الفاحش واللامساواة، وتساءل الدكتور أشقر في الختام عن إمكانية أن يستعيد الجيل الجديد القدرة على الابتسام والأمل من جديد.
قدم الورقة الثانية في الجلسة الخامسة "العالم العربي ما بعد وباء الكورونا"، الدكتور جورج جقمان، عضو الهيئة الأكاديمية في جامعة بيرزيت، تناول فيها اَراء مختلفة حول شكل العالم ما بعد كورونا، فمنهم من يرى أن العالم سيشهد كساداَ اقتصادياً كبيراً ومعولماَ، بينما يرى آخرون أن هذا سيولد صراعاً كونياً بين قوى محافظة تسعي إلى منع التغيير وبين حركات جماهيرية من المتوقع أن تنشأ وتظهر. وأشار الدكتور جقمان، من وجه نظره، إلى أن العالم العربي لن يكون بمنأى عن هذا الصراع الذي بدأ مسبقاً مع نهاية عام 2010 في تونس ومن ثم مصر والثورات العربية الأخرى، وأوضح بأن العالم العربي سيشهد الآن، وبسبب الإفقار والإملاق الإضافيين، عودة لمرحلة ثالثة من الثورات والانتقاضات، سيجري فيها الاصطفاف بين الدول العربية التي تقود الثورة المضادة منذ عام 2011.
واختتمت أعمال المؤتمر بكلمة ختامية لأستاذ التاريخ والقانون في جامعة ييل في الولايات المتحدة الأمريكية، الدكتور صاموئيل موين، بعنوان "سقوط الرفاه وصعود حقوق الإنسان". تناول فيها قضية تزامن صعود النيوليبرالية مع ازدهار خطاب حقوق الإنسان، وتراجع الاشتراكية من جهة، وتراجع الدول الغربية عن أنظمة الرفاه، ونزوعها نحو إحلال "حقوق الإنسان" محل الرفاه. وأشار موين إلى أن وعد حقوق الإنسان لن يتحقق بدون المكونات الاقتصادية والاجتماعية لمنظومة الحقوق، وبدون إعطاء المساواة مكان الصدارة في مشاريع المستقبل.
وتخلل مؤتمر مواطن السادس والعشرين العديد من النقاشات من قبل المشاركين، والتي تركزت حول محاور المؤتمر، وخاصة الاقتصاد السياسي العالمي المتغير، والأزمات المتعاقبة، ومتطلبات والخيارات المتاحة للتغيير، ومستقبل العالم وبشكل خاص العالم العربي ما بعد وباء كورونا.