ملخص الدراسة
تعتبر حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" من اكبر الفصائل والحركات السياسية التي شكلت منظمة التحرير الفلسطينية بشكل خاص وعموم الحركات السياسية في فلسطين بشكل عام. لعبت الحركة وما زالت تلعب دورا رئيسيا في صياغة العملية السياسية في فلسطين. فمنذ توقيع اتفاقات إعلان المبادئ ما عرف لاحقا بأوسلو (1) عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وحتى الانتخابات التشريعية الفلسطينية مطلع 2006 والحركة تستفرد في قيادة السلطة الفلسطينية وتلعب الدور الأكبر في صياغة النظام السياسي الفلسطيني. ترك الدخول في تطبيق اتفاق أوسلو (1) وما تلاه من اتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، أثره على حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية التي تم تأسيسها وتشكيلها من قبل الحركة، كذلك الأمر بالنسبة إلى فشل هذه الاتفاقات ودخول الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة فيما سمي لاحقا بالانتفاضة الثانية.
سوف يحاول هذا البحث الإجابة على سؤال: ما هو الأثر الذي تركه اتفاق أوسلو والانتفاضة الثانية على حركة فتح والسلطة الفلسطينية؟ فبعد التوقيع على الاتفاقات المذكورة، قامت حركة "فتح" بتأسيس السلطة الفلسطينية بشكل منفرد مقابل معظم القوى السياسية الفلسطينية التي إما استنكفت عن المشاركة في العملية حتى تاريخ الانتخابات التشريعية عام 2006، أو أنها شاركت تحت مظلة ومنطلقات حركة "فتح". تم تحديد معالم وشكل السلطة الفلسطينية وفقا للرؤى والمصالح والاعتبارات "الفتحاوية"، حصل اندماج شبه كامل بين الحركة والسلطة الفلسطينية، ما
خ
نجم عنه تشكيل مجموعة من "المتضامنين" الذين تجمعهم مصلحة اقتسام ما يتم التحصل علية من خلال السيطرة على أجهزة ومؤسسات السلطة الفلسطينية. أي شبكة من الزبائنية التي شكلها الرئيس عرفات من الأنصار والمشايعين له والتي خضعت والى حد شبه مطلق إلى قيادته الفردية، والتي حوّلت السلطة الفلسطينية إلى ما يشبه نماذج الباتريمونياليات الحديثة المنتشرة في الكثير من البلدان النامية والمجاورة.
سوف يحاول هذا البحث من خلال مراجعة ودراسة أدبيات تعرضت إلى النظم الباتريمونيالية والزبائنية، كما أدبيات عالجت موضوع الانتقال إلى النظام الديمقراطي، بالإضافة إلى تحليل المواقف والخطوات والممارسات والتطبيقات السياسية والإدارية لحركة "فتح" والسلطة الفلسطينية لمحاولة تشخيص ما آلت إليه الحركة والسلطة الفلسطينية في ضوء اتفاقات أوسلو والدخول في مرحلة الانتفاضة الثانية.