ورقة سياسات - الأطر الناظمة للقطاع التعاوني الزراعي

Primary tabs

This content is currently only available in Arabic, press here to view Arabic Language content

في ظل ضعف القطاع التعاوني الزراعي، تبرز الحاجة لإجراء تعديلات على الأطر الناظمة لنمط الاقتصاد التعاوني (لم تفحص هذه الدراسة بشكل مستقل الأطر الناظمة للقطاع الزراعي)، وتكمُن هذه الأطر في منظومة القوانين واللوائح التنفيذية التنظيمية والتعليمات الوزارية المتعلقة بالقطاع التعاوني، وبشكل خاص تلك المتعلقة بالقطاع الزراعي، بحيث تساهم في تعزيز الأهداف الساعية إلى تحقيق السيادة على الغذاء؛ وحماية صغار المنتجين؛ وخلق بدائل للتوظيف والمساهمة في خفض نسب البطالة في صفوف الشباب والشابات؛ ونسب الفقر؛ إضافة إلى المشاركة المجتمعية والسياسية وتعزيز المساواة في الفرص؛ وتحسين وتنويع الإنتاج الاقتصادي الفلسطيني، سعياً إلى الانفكاك عن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وتعزيز فرص الاكتفاء الذاتي في فلسطين. إذ قد يشكل الطابع التعاوني لتنظيم العمل في التعاونيات الزراعية، أحد المكامن المفترضة لقدرتها على سد فجوات العزوف المجتمعي والسياسي، وتعزيز فهم العملية الإنتاجية باعتبارها صيرورة اجتماعية وثقافية ووطنية واقتصادية.

تعكس السياسات المالية الفلسطينية اصطفافها ودعمها للقطاع الخاص، وتبنيها لنهج السوق الحر، الأمر الذي أفضى إلى تجاهل القطاعات التنموية والإنتاجية، سيما القطاع التعاوني الزراعي. فتواجه التعاونيات، الزراعية خاصةً، العديد من التحديات، كالمخاطر العالية، وإشكاليات التسويق، والمنافسة الشديدة مع المنتجات الإسرائيلية، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية التي تقوض عمل الشباب الفلسطيني في القطاع الزراعي، من خلال مهاجمة كل المشاريع الزراعية الناجحة، والعمل على تدميرها. كما تعاني التعاونيات الزراعية من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، والمياه، وبخاصة في ظل السيطرة الإسرائيلية على ما يقارب من 80% من المصادر المائية في فلسطين، والمعدّات، وسياسات وقوانين الضرائب، والبيروقراطية، وعدم وجود سياسات كافية لحماية المنتجات المحلية.

إن أهمية تعديل وتطوير القوانين وما يتبعها من أنظمة وإجراءات، تنبثق من ضرورة مواءمتها للمتغيّرات والمستجدّات، وكونها إحدى أدوات التغيير والتأثير والإصلاح. وعليه، تسعى هذه الورقة إلى تقديم مقترحات وتوصيات لتعديل وإصلاح منظومة القوانين واللوائح التنفيذية التنظيمية والتعليمات الوزارية المتعلقة بالقطاع التعاوني الزراعي، وعلى وجه التحديد، القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 بشأن الجمعيات التعاونية، إضافة إلى القوانين واللوائح التفسيرية الخاصة وذات الصلة، وذلك بهدف دعم وتطوير منظومة التعاونيات، سيما التعاونيات الشبابية الإنتاجية/الزراعية، وتعزيز النهج التعاوني.

فالاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى قانون تعاوني وسياسات حكومية تراعي خصوصية الحالة الفلسطينية التي تعاني من البنى الاستعمارية المهيمنة وتأثيرها على القطاع التعاوني الزراعي، وذلك لارتباط النهج التعاوني بحماية الأرض، والمقاومة والتصدي، والاكتفاء الذاتي، والسيادة على الغذاء، والتشغيل. ويشار، في هذا السياق، إلى أن هيئة العمل التعاوني تعكف على إنجاز عدد من التعديلات،[1] وضمن حدود اطّلاعنا عليها، نرى أن بعضها يعتبر إيجابياً في المساهمة في تذليل بعض الإشكاليات الحالية، الأمر الذي يتطلب الإسراع في اعتمادها.

جدير بالإشارة أنه بحسب ادّعاء هيئة العمل التعاوني،[2] فإن قانون الجمعيات التعاونية يعدّ من القوانين القليلة المطبقة بشكل فعلي في قطاع غزة، وأن هيئة العمل التعاوني ما زالت على اتصال مع الجمعيات التعاونية في قطاع غزة وتتابعها، إلّا أن هذه العلاقة لا تعتبر كافية في ظل ارتباط قانون الجمعيات التعاونية بجملة من اللوائح الوزارية والقوانين الأخرى غير المطبقة، بحكم الواقع، في قطاع غزة. إضافة إلى ذلك، فإن التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، التي ما زالت رهن الافتراض، حيث إنها قد تُقبل أو تُرفض أو تُعدّل، غير قادرة على معالجة استمرارية حالة ازدواجية التشريعات العامة ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك فيما يتعلق بالقطاع التعاوني الزراعي تحديداً. ومن جانب آخر، يفترض أن تتجه توصيات ومقترحات الهيئة، بشكل أكبر وأوسع، نحو تعزيز العمل في المناطق المصنفة "ج"، مثل العمل على اعتماد نصوص قانونية تعطي أفضلية معينة للعمل في هذه المناطق، كإلغاء الرسوم بشكل كامل للجمعيات التعاونية الزراعية في هذه المناطق. يجب إيلاء اهتمام خاص بهتين القضيتين في كل الأحوال، على الرغم من إدراكنا أن الأمر ليس مناطاً بجسم حكومي واحد، فهذا واقع لا يجب القبول به، وعكسه في العمليات التشريعية.

تختص هذه الورقة بنقاش أبرز التوصيات لمعالجة الإشكاليات والعقبات القانونية والسياساتية المتعلقة بالتعاونيات الزراعية، سواء في القانون، أو اللوائح التنظيمية، أو التعليمات الوزارية المتعلقة به، كما تستعرض بعض النقاط المرتبطة بالسياسات الحكومية المتعلقة بدعم القطاع الخاص على حساب التعاونيات، وتوزيع الأراضي ودور المرأة والشباب في التعاونيات الزراعية، ثمّ حول حماية التعاونيات الزراعية وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية والمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، وآلية تسويق المنتجات، وختاماً؛ بعض النقاط المتعلقة بهيئة العمل التعاوني، التي تم تأسيسها بعد صدور القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 [قانون الجمعيات التعاونية]، وبذلك، ستتم مناقشة النقاط التالية:

  1. سياسات حكومية: دعم القطاع الخاص الاستثماري؛ وملكية الأراضي؛ والحيازات الصغيرة للمزارعين؛ ودور المرأة والشباب ومشاركتهم في التعاونيات الزراعية.
  2. حماية وتعويض التعاونيات الزراعية والمزارعين؛ صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، والمؤسسة الفلسطينية للإقراض للمزارعين؛ والسياسات التسويقية والإنتاجية.
  3. هيئة العمل التعاوني: ملاحظات حول تأسيس وتسجيل الجمعيات التعاونية: ما بين قبول ورفض التسجيل، والتظلّم على القرار؛ وعدد الأعضاء؛ ودور هيئة العمل التعاوني ومركزة العمل؛ والتمويل والأموال: الموارد المالية للجمعية التعاونية، وموافقة الهيئة على المشاريع الممولة؛ الإعفاء الضريبي والجمركي، وضريبة الدخل؛ قرار حل الجمعية التعاونية وتصفيتها.

سياسات حكومية

دعم القطاع الخاص

بحسب نص أجندة السياسات الوطنية للأعوام 2017-2022 للحكومة الفلسطينية، يبرز اهتمام الحكومة بموضوع التنمية المستدامة، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي الوطني، والحدّ من الفقر، وتوفير فرص العمل، وتوفير بيئة استثمارية ملائمة: "بناء مقومات الاقتصاد الفلسطيني: إعـادة بنـاء قاعـدة الإنتاجيـة للاقتصـاد الفلسـطيني وتطويرهـا، بالتركيـز علـى الصناعـة والزراعـة والسـياحة".[3] دون توضيح آلية التطوير والعمل، على سبيل المثال، ضمن المحور الثالث من الفصل الثالث بعنوان التنمية المستدامة، تأتي الأولوية الوطنية السادسة بهدف العمل على تحقيق الاستقلال الاقتصادي، ونجد أن ما كتب عن التعاونيات لا يتعدّى جملة واحدة: "دعم الجمعيات التعاونية وتوسيع قاعدتها وتطويرها".[4] بالمقابل، نجد العديد من النصوص التي تتحدث عن دعم قطاع الأعمال، والاستثمار وتوفير بيئة تشريعية مناسبة.[5] وهناك بعض النصوص التي تتحدث عن دعم الشباب وتمكينهم وتوفير فرص عمل لهم كإحدى الفئات المهمشة، ولكن دون توضيح سُبل الحصول على مثل هذه الفرص، أو دعم واعتبار التعاونيات أحد التوجهات التي قد تساهم في توفير فرص عمل للشباب والحدّ من الفقر.

أشارت مخرجات الدراسة التي يعدّها معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان منذ عامين [دراسة معهد مواطن] حول التعاونيات الشبابية الزراعية، إلى عدم كفاية الدور الحكومي في استنهاض القطاع التعاوني الزراعي، وانحياز الدعم الحكومي للقطاع الخاص، من خلال منح التسهيلات والإعفاءات الضريبية تحت مظلة "تشجيع الاستثمار"، كما تتقيد الحكومات الفلسطينية ببرنامج سياسي واقتصادي يهمّش القطاع الزراعي بشكل عام، وقطاع العمل التعاوني بشكل خاص. ومن الأمثلة التي قد تبدو بسيطة، ولكنّها استشرافية في الوقت ذاته، اشتراط أن يكون عمر العضو في التعاونية 18 عاماً بالحد الأدنى بحسب نص المادة (22) من قانون الجمعيات التعاونية، بالمقابل، يمكن لمن هو أقل من 18 عاماً أن يكون مساهماً في شركة خاصة، ضمن شروط معينة. وعليه، نرى ضرورة تخفيض سن العضوية، ضمن شروط معينة ومحددات صلاحية التصرف القانوني للقصّر. وفي السياق ذاته، فإن إقرار قانون الجمعيات التعاونية في نهاية العام 2017، بينما القوانين المساندة للقطاع الخاص مثل قانون تشجيع الاستثمار منذ العام 1998، الذي عدل العام 2004، يعد دليلاً على أولوية المشرّع الفلسطيني، وغياباً للتوازن بين القطاعات المختلفة.

ويجدر التأكيد هنا، على ضرورة التمييز بين التعاونيات والمشاريع الصغيرة. فميزة الجمعيات التعاونية تكتمل حين تكون حلاً جمعياً يُدار بطرق وأهداف مختلفة عن القطاع الخاص، ولكنها، لا تشكّل بأي حال جزءاً من القطاع العام، حيث إن الجمعيات التعاونية تعتمد على قيم الديمقراطية والمساواة والتضامن ما بين الأعضاء، ويتم الإشراف عليها من قبل هيئات ومجالس إدارية واتحادات منتخبة من بين الأعضاء التعاونيين أنفسهم، وتقوم الأجسام الحكومية بالدور الرقابي والإشرافي بحدود ضمان عمل الجمعيات التعاونية بحسب قيمها ومبادئها دون خنقها في تفاصيل إدارية بيروقراطية، كما سيتم التوضيح في التوصيات والمقترحات. فالأشخاص المهتمين بالعمل في القطاع التعاوني يمتازون بكونهم لا يسعون إلى تحقيق الربح، ولكن إلى خدمة أعضاء الجمعية التعاونية وتحقيق الدخل لهم، وعليه لا تُشكّل الجمعيات التعاونية كذلك جمعيات خيريّة.

دور الشباب والشابات في القطاع التعاوني الزراعي

أما عن أهمية ودور الشباب في عملية الإنتاج الزراعي، وإمكانيات الإبداع والعمل، فيمكن تفعيل طاقة الشباب من خلال تشجيع مشاركتهم في جميع مراحل الإنتاج الزراعي، وتخصيص الدعم والموارد المالية اللازمة لتزويدهم بوسائل الإنتاج، وتعزيز مهارات الشباب والشابات في المجال الزراعي، والإرشاد المهني. كما ينبغي بذل المزيد من الجهود في جانب التوعية لتشجيع الشباب على الانضمام إلى التعاونيات، على سبيل المثال، من خلال إقرار ترتيبات من شأنها تمكين الشباب من استخدام قطع أراضٍ مصنفة كأراضي دولة أو أراضٍ وقفية، وبخاصة في ظل أن حيازات الشباب الزراعية لا تزيد على 4%،[6] ووضع ترتيبات سقوف أعلى للإعفاءات أو التسهيلات الضريبية للذين يتمكنون من خلق فرص عمل بأنفسهم لفترة زمنية كافية لتحقيق استقرار واستدامة الدخل لديهم، ووضع نظام مكافآت لكل من يخلق مشروعاً تعاونياً ناجحاً. وهذا من شأنه أن يشكل نقطة تحول نحو العمل الزراعي المنتج القائم على تعظيم دور الشباب كطاقة موثوقة.[7]

بحسب نتائج دراسة معهد مواطن، فإن ضعف الإقبال النسائي على الانضمام للتعاونيات، وابتعاد العديد من النساء عن التعاونيات الزراعية المختلطة (نساء ورجال)، ومحاولة تأسيس تعاونيات حرفية إنتاجية نسائية، يأتي في ظل تهميش النساء في المجتمع ككل والضغط المجتمعي، والمرتبط بالعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية، وعدم ملكية النساء للأراضي، ونظام الميراث المطبق في فلسطين، وعدم امتلاك النساء لوسائل مواصلات تمكنهن من التنقل بين مساكنهن والمواقع الزراعية. بالتالي، نلاحظ أن عمل النساء في التعاونيات يتركز، في مجمله، في التعاونيات الحرفية، التي تشكل ما يقارب نسبته 2% فقط من مجمل القطاع التعاوني، أما فيما يتعلق بالتعاونيات الزراعية الإنتاجية، فتشكل المرأة ما نسبته 8% فقط،[8] إضافة إلى أن غالبيتهن لا يحصلن على أجر مقابل العمل،[9] فنلاحظ، على سبيل المثال، أن نسبة الإناث من أعضاء الأسرة العاملين في الزراعة، وغير مدفوعي الأجر، هي النسبة الأكبر، إذ تشكّل 80.5% من مجمل أعضاء الأسر العاملين في الزراعة دون أجر، في الضفة الغربية للعام 2018،[10] على الرغم من أن نسبة الإناث العاملات في الزراعة (تشرين الأول - كانون الأول 2018) في الضفة الغربية، تشكّل نسبة أكبر من نسبة الذكور، 8.3% مقابل 5.9% للذكور،[11] نظراً لأن العاملين في الزراعة من الذكور غالباً ما يمثّلون أصحاب عمل أو يعملون لحسابهم، على عكس النساء العاملات لأسرهن دون أجر، ما يؤثر على مساهمتهن في اتخاذ القرار وإضعاف استقلاليتهن الاقتصادية.[12]

ومن خلال السياسات الحكومية في توزيع الأراضي وتسهيل عمل المزارعين، بالإمكان تشجيع النساء على الانخراط في التعاونيات الزراعية، ما يسهم بتعزيز مشاركتهن في القطاع الإنتاجي، والمشاركة المدنية (المجتمعية والسياسية).

وعليه، في حال تطبيق سياسة الحكومة لاستصلاح الأراضي الزراعية،[13] نرى ضرورة العمل على تخصيص توزيع أراضٍ للتعاونيات الزراعية، والأخذ بعين الاعتبار حاجة الشباب والشابات، والانتباه إلى انخفاض نسب حيازة النساء والشباب للأراضي، وعليه بالإمكان العمل على نظام كوتا نسائية في حال تأجير أو تضمين بعض الأراضي الوقفية/الحكومية للمزارعين، أو إعطاء الأولوية للتعاونيات المختلطة بهدف تعزيز مشاركة الشباب والشابات المجتمعية والسياسية. تجدر الإشارة إلى ارتباط ملكية الأراضي بنظام الميراث المتبع، وغلاء الأسعار. ولذلك، هناك أهمية اتباع سياسات حكومية تهدف إلى تخصيص الأراضي الخصبة للزراعة ومنع استخدامها للتطوير العقاري، وقطاع الخدمات.

وبالإمكان التفكير في سياسات أخرى، مثل زيادة الموازنات المخصصة للقطاع التعاوني الزراعي، والعمل على إنتاج بيوت زراعية فلسطينية؛ وتوفير تسهيلات للتعاونيات الزراعية فيما يتعلق بتكلفة الإنتاج؛ والعمل على تضمين قانون الجمعيات التعاونية نصوصاً قانونية تضمن إيجاد وسائل ناجعة، وسريعة، وقليلة التكلفة لفض النزاعات المتعلقة بالجمعية وأعضائها.[14]

حماية وتعويض الجمعيات التعاونية الزراعية والمزارعين

بحسب الدراسات والتقارير، يبرز انخفاض نسبة العمالة الزراعية في فلسطين عن السنوات السابقة بشكلٍ حاد، لتصل إلى 6.5% العام 2018.[15] يشكل أعضاء التعاونيات حوالي 2% من سكان الضفة الغربية، وتقدر قيمة إنتاج الحيازات الزراعية التابعة لأعضاء التعاونيات الزراعية حوالي 233 مليون دولار، أي ما يقارب الـ 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي، سنة 2010.[16] إن تراجع العمل في القطاع الزراعي ومساهمته في الاقتصاد الوطني، حتى ولو كان ذلك ناجماً جزئياً عن نمو القطاعات الأخرى، يؤكد أهمية إجراء التعديلات والإصلاح على القوانين والأنظمة المرتبطة بالقطاع الزراعي، التي تؤثر بشكل مباشر على القطاع التعاوني الزراعي، وضرورة اتخاذ السياسات الملائمة لتطوير التعاونيات الزراعية.

الحماية والتعويض

فيما يتعلق بالحماية والتعويض عن الظروف الطبيعية والكوارث، فإنها تنظم بحسب القرار بقانون رقم (12) لسنة 2013 بشأن صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، وضمن المادة (7) التي تتعلق بمهام الصندوق فيما يتعلق بالزراعة، يتم التفريق ما بين التعويضات للمزارعين والتعويضات للمؤمن لهم، ما ينطوي على فهم أن التعويضات قد لا تشمل جميع المزارعين، أو أن هناك معايير مختلفة للتعويضات، كما أنها تتسم بالطوعية وعدم الإلزامية، أي إنها لا تشكل حقاً للمزارعين. وبحسب نتائج دراسة معهد مواطن، برزت العديد من الانتقادات على فاعلية الصندوق وعمله.

ونظراً لقرار مجلس الوزراء الأخير، الصادر بتاريخ 4 كانون الثاني 2021،[17] الذي يقضي بإلغاء صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، نشير إلى أهمية العمل على نظام جدّي وفعال للتعويض والتأمين الزراعي، يشمل حق التعاونيات في الاستفادة وتخفيف الخسائر. فقانون التأمينات الزراعية، الذي سيُلغى تبعاً لإلغاء الصندوق، مرتبط بضرورة تحقيق الاسترداد الضريبي، والمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي لتمارس عملها وتمنح المزارعين قروضاً، يجب أن يكون المزارع مؤمناً، ولكي يؤمن المزارع يجب أن ينتهي من تسوية الاسترداد الضريبي، والاسترداد الضريبي مرتبط تباعاً بوزارة المالية. وهذه العملية المركبة والمعقدة، لا تساعد المزارع، وبخاصة المزارع البسيط، على تحقيق الاستقرار في عملية الإنتاج وفي الدخل.

الإقراض

لا ينص قانون الجمعيات فيما يتعلق بنظام الإقراض على أية أحكام تفصيلية، سوى إنشاء صندوق التنمية التعاوني، والهادف إلى وضع آلية لتمويل الجمعيات التعاونية الصغيرة، وبخاصة الإنتاجية منها، وهناك قراران وزاريان خاصان بالقطاع الزراعي تحديداً، وليس الجمعيات التعاونية بشكل خاص، وهما: قرار مجلس الوزراء رقم (12) لسنة 2018 بنظام التمويل والإقراض للمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، وقرار بقانون رقم (8) لسنة 2015 بشأن المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي.

أبرز البحث الميداني، الذي قام به فريق معهد مواطن، بعض الإشكاليات والصعوبات التي تواجه الجمعيات التعاونية فيما يتعلق بالإقراض، بشكل عام، سواء من البنوك أو مؤسسات الإقراض، التي غالباً ما ترتبط بتوفير الضمانات، وكذلك في الفوائد المرتفعة. ويجب الإشارة إلى أن المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي لم تقم بتقديم أي قرض حتى لحظة إجراء المقابلة (آب 2020)، ولا توجد معايير واضحة لعملية منح القروض، إضافة إلى عدم توفر الدعم المالي الحكومي للصندوق ولمؤسسة الإقراض، للقيام بعملها بشكل مؤثر وحقيقي. هذا إضافة إلى أنه يجب على كل مزارع يرغب في الحصول على قرض، أن يكون مسجلاً في صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية،[18] ما يعني فرض مزيد من الأعباء على المزارع. كما اتضح لنا من خلال المقابلات التي أجراها فريق معهد مواطن، أن غالبية الجمعيات التعاونية الزراعية لا تعلم بوجود هذه المؤسسة، ولم تستفد أي منها من هذه القروض.

وفي ظل قرار مجلس الوزراء الأخير، الصادر بتاريخ 4 كانون الثاني 2021،[19] الذي يقضي بإلغاء المؤسسة الفلسطينية للإقراض بشكل كامل، نرى ضرورة التفكير والعمل على استحداث أنظمة عملية وسهلة، تساهم في تعزيز عمل التعاونيات الزراعية، من خلال الحصول على القروض المساندة، إن رغبت في ذلك.

أما بالنسبة لصندوق التنمية التعاوني، فلم يتم تفعيله كذلك، ويستلزم وضع خطة لتمكينه بهدف دعم المبادرات التعاونية وتطويرها. كما أشار البحث الميداني، الذي أجراه فريق معهد مواطن، إلى صعوبة فتح حسابات في البنوك التي لا يمكن الحصول على قروض بدونها، تبعاً للعقبات الناتجة عن القيود والشروط المفروضة من البنوك، والتي تتناقض مع احتياجات الجمعيات التعاونية الناشئة، وبخاصة في مرحلة التأسيس.

الإنتاج والتسويق

تعاني التعاونيات الزراعية من غياب النصوص الناظمة لموضوع الإنتاج والتسويق، على الرغم من وجود بعض النصوص غير المنظمة وغير الكافية المتعلقة بالتسويق بحالة المزارعين، بحيث لا توجد نصوص تنظم الاتفاق مع التجار ونقل البضاعة، والإعلانات، وتحديد أسعار المنتجات.

يتضح من معطيات دراسة معهد مواطن غياب خطة حكومية استراتيجية للتسويق أو للزراعة بشكل عام، وتتضح تباعاً إشكاليات التسويق الداخلي كمسألة المواصلات التي تعد عائقاً يرتبط بدرجة كبيرة بالحواجز الإسرائيلية بين المدن الفلسطينية. إضافة إلى ذلك، فإن البيع في الأسواق المركزية، وتذبذب الأسعار، يشكل عائقاً آخر. كما أن عدم وجود إمكانيات لتخزين الفائض من الإنتاج في برادات، والتعرض لدرجات الحرارة المرتفعة، يتلف الإنتاج، ناهيك عن المنافسة مع المنتجات الزراعية الإسرائيلية. وكلها عقبات تحتاج إلى سياسات تدفع باتجاه تجاوزها.

وفيما يتعلق بعملية الإنتاج، لا يوجد ما ينظم شراء المدخلات من بذور وأشتال، وتطوير البنية التحتية من سياج وبيوت بلاستيكية وأنظمة ري وتحكم بالحرارة والرطوبة والحموضة وغيرها. وعليه، هناك حاجة لتطوير دور وزارة الزراعة، والبحث عن سبل تطوير آلية ونظام لمساعدة المزارعين، مثل تقديم التدريبات والنصائح الإرشادية فيما يتعلق بأوقات الزراعة، والمواسم الزراعية، وإنشاء منصة إلكترونية لتوفير المعلومات كافة التي يحتاجها المزارع الفلسطيني، بهدف تعزيز عمل المزارعين الصغار والتعاونيات الزراعية، إضافة إلى إعطاء الأولوية للبذور المحلية والإنتاج المحلي، وإيلاء اهتمام أساسي لبنوك البذور المحلية الفلسطينية التي تعتبر خزنة أمان للحفاظ على الأصناف الجينية للبذور المحلية وحمايتها.[20]

كما أن هناك حاجة لوضع سياسات وخطط تسويقية من شأنها إيجاد أفضل التوازنات للتقليل من وقع سيطرة الاحتلال على المنافذ والمعابر الحدودية، والموازنة بين توجيه الإنتاج الزراعي للتصدير الخارجي مثل زيت الزيتون (حيث إن هناك عدداً لا بأس به من الجمعيات التعاونية والشركات التي تعمل على التصدير إلى خارج فلسطين)، ووضع سياسات لاستقرار التسويق والاستهلاك المحلي لأغلب المحاصيل بشكل يمنح صغار المزارعين والمنتجين حماية خاصة، ويعزز دورهم في عجلة الإنتاج المحلي، وصولاً إلى تلبية احتياجات ومتطلبات السوق المحلي، بدلاً من إعطاء الأولوية لإنتاج المحاصيل للأسواق الخارجية، وبخاصة في ظل عدم الاكتفاء الذاتي.[21]

ومن جانب آخر، هناك ضرورة لتعزيز الرقابة الحكومية على ارتباط بعض المشاريع الزراعية أساساً بشركات إسرائيلية. كما يجب النظر في طرق لتمكين المنتجات النسوية أو التعاونية أو منتجات صغار المزارعين من التنافس في السوق الداخلي، ما لذلك من أثر في تخفيف الحاجة إلى التعامل مع دولة الاحتلال، والتخلص، بالتالي، من التبعات السلبية لهذا التعامل.

هيئة العمل التعاوني

بحسب ما أشارت له نتائج البحث الميداني، الذي أجراه فريق معهد مواطن، فإن دور الرقابة والإشراف بحسب ما تقوم به هيئة العمل التعاوني، يأتي، في جانب منه، على خلاف المهام الأساسية للهيئة كتشجيع أفراد المجتمع، وبخاصة الشباب على تأسيس التعاونيات وتيسير عملها وعمل الاتحادات وتقديم استشارات قانونية. كما تشكّل سياسات الهيئة، في بعض الجوانب، عائقاً للعمل التعاوني، وتنحياً عن هدفه وطبيعته الرئيسية بكونه عملاً مجتمعياً يفترض هامشاً واسعاً من الحرية بالعمل، بعيداً عن البيروقراطية الحكومية.

إن للأدوار المناطة بهيئة العمل التعاوني، كالرقابة والإشراف على عمل التعاونيات، أهمية كبيرة، ولكن دون وجوب التدخل المباشر في طبيعة العمل، فلا توجد، بأي حال، حاجة لرقابة على القطاع التعاوني أكبر أو أشد من الرقابة المفروضة على القطاع الخاص.

تأسيس الجمعيات التعاونية وتسجيلها

نلاحظ من البحث الميداني، الذي أجراه فريق معهد مواطن، أن عدداً لا بأس به من التعاونيات، غير مسجل في هيئة العمل التعاوني، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، منها صعوبة إجراءات التسجيل، وبخاصة فيما يتعلق بإجراءات فتح الحسابات البنكية، أو لأسباب خاصة بالتعاونية، بحيث يرى البعض أن لا فائدة من التسجيل، وأن إجراءات الحكومة البيروقراطية كالمتابعة والإشراف والرقابة، تشكّل عقبات أكثر منها تسهيلات أمام عمل التعاونيات.

وعليه، نقترح تسهيل إجراءات تسجيل التعاونيات، إضافة إلى ضرورة إجراء تعديلات شكلية لبعض الإشكاليات التنظيمية والإجرائية، كمسألة عقد اجتماعات المجلس كل شهرين على الأقل، في حين أن اتخاذ قرار تسجيل التعاونية، وهو ضمن صلاحيات مجلس الإدارة، يجب أن يُتخذ خلال شهر. أما فيما يتعلق بصلاحية مجلس إدارة الهيئة بالنظر في طلب تسجيل الجمعية التعاونية، وفي الاستئناس برأي جهات رسمية (لم يتم تحديدها على وجه الدقة)، فإننا ندعم توصية هيئة العمل التعاوني بإلغاء نص هذه المادة؛ (23/3[22] وندعو إلى اعتمادها بهدف إنهاء مخاوف التعاونيات وارتباط هذه الصلاحية، في ظل عدم تحديد الجهات ذات الاختصاص، بمسألة التدقيق والفحص الأمني.

وحول عدد الأعضاء المشترط لتأسيس التعاونية، نرى ضرورة الإسراع في اعتماد التعديلات المقترحة من قبل هيئة العمل التعاوني، والخاصة بتقليص العدد الواجب لتأسيس التعاونية، على أن يتم تحديد الحد الأدنى للعضوية بناء على دراسة ميدانية تتعلق بالشباب والشابات الذين يطمحون إلى إنشاء تعاونية. إضافة إلى ذلك، هناك حاجة لإجراء تعديلات فيما يتعلق بنظام الرسوم، سواء لتسجيل التعاونية أو لتصديق الأوراق الرسمية أو للإشراف على بعض الخطوات اللازمة، بيروقراطياً، لعمل الجمعيات التعاونية، فإن قرار مجلس الوزراء رقم (11) لسنة 2018 بنظام رسوم هيئة العمل التعاوني، يفرض العديد من الرسوم المستحدثة التي تشكّل عبئاً إضافياً على أعضاء الجمعية التعاونية. فعلى سبيل المثال، إن رسوم التسجيل التعاونية هي 300 دينار، التي تُعد مرتفعة، بحسب نتائج البحث الميداني، الذي أجراه فريق معهد مواطن، وبخاصة بالنسبة للتعاونيات الشبابية المبتدئة والحديثة، ولهذا الغرض ربما يكون مجدياً التمييز بين أنواع التعاونيات وحجمها وإقرار الرسوم بشكل متوافق مع ذلك.

هيئة العمل التعاوني ومركزة العمل

يتكون مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني حالياً من 11 عضواً، برئاسة وزير العمل، وغالبية أعضائه الأحد عشر هم من موظفي القطاع الحكومي، بينما لا يحظى القطاع التعاوني سوى بثلاثة ممثلين فقط. ولا تنسجم نسب التمثيل هذه، مع أهمية دمج العاملين في القطاع التعاوني ضمن الهيئات والأجسام صاحبة القرار وأهداف الحكومة المعلنة حول خلق الشراكات، كما لا تضمن هذه النسب مشاركة فاعلة في القرارات والسياسات التي يتخذها المجلس. ولذلك، فإن من المناسب إعادة النظر في نسب التمثيل.

كما نجد أن من الضروري الأخذ بتوصية هيئة العمل التعاوني بإلغاء صلاحية المجلس بالتنسيب لمجلس الوزراء بمكافآت أعضاء المجلس (أي منحهم صلاحية التنسيب وتحديد مكافآتهم بأنفسهم)، وإن كان التنسيب غير ملزم، إلا أن لهذه الممارسة مخاطر ترتبط بتناقض المصالح.

التمويل والأموال في الجمعيات التعاونية

الموارد المالية للجمعية التعاونية، وموافقة الهيئة على المشاريع الممولة

تفرض نصوص قانون الجمعيات قيوداً على تمويل القطاع التعاوني، وذلك باشتراطها في المادة (5 الفقرة 8)، والمادة (7 الفقرة 10)[23] من قانون الجمعيات التعاونية، موافقة مجلس إدارة هيئة العمل التعاوني على الخطط والمشاريع الممولة من الجهات المانحة والمقدمة للجمعيات التعاونية. وتكمن الإشكالية في هذا الشرط في شقين، الأول؛ بأن النص لا يحدّد المعايير والشروط الواجبة للموافقة على التمويل من عدمها، والثاني؛ أن الرقابة القبلية على الأموال، وبخاصة بالنسبة للجمعيات التعاونية، تخلق عقبات أمام العمل في ظل مرونة العمل المفترضة في الجمعيات التعاونية واتّسامها بالطوعية، إضافة إلى ذلك، من شأن مثل هذه القيود المساس باستقلالية ومساحة عمل هذه الأجسام الاقتصادية المجتمعية، وعرقلة أدائها وتنفيذ مهامها ونشاطاتها وتحقيق أهدافها.[24]

وعليه، نقترح أن تكون الرقابة القبلية متناسبة مع قيمة المشروع الممول، فبالإمكان اشتراط الموافقة في ظل ارتفاع قيمة المشروع عن مبلغ معين يتلاءم مع طبيعة عمل الجمعيات التعاونية، ومن ناحية أخرى، نوصي بأن تكون الرقابة تنفيذية وبعدية، أي من خلال أن تقوم الهيئة بالتأكد والتمحيص من أن الأمر بالصرف الحاصل لمشروع معين قد تم صرفه أو الالتزام به بصفة مطابقة لتنظيمات وقوانين ومبادئ التعاون، وذلك يتم من خلال التقارير وتقييم إنجاز العمل، وبالمقابل بالإمكان التحقيق في المخالفات، وفي حال وجود شبهات فساد، فأصبح بالإمكان أن تخضع الجمعيات التعاونية للمساءلة أمام هيئة مكافحة الفساد، وبخاصة في ظل أن أموال الجمعيات التعاونية هي أموال عامة، وتأتي باسم الشعب الفلسطيني.

من جانب آخر، نرى أن اشتراط قانون الجمعيات التعاونية ضرورة أخذ موافقة هيئة العمل التعاوني على المنح والهبات التي تحصل عليها التعاونيات، ضمن نص المادة (40) من قانون الجمعيات، التي تنص على أن أحد مكونات الموارد المالية للجمعيات التعاونية هو "الهبات والمساعدات والمخصصات غير المشروطة بموافقة المجلس"، يشكّل إشكالية إضافية للجمعيات التعاونية، ووردنا من خلال اجتماعنا مع هيئة العمل التعاوني، أن هناك مقترحاً لتعديل هذه المادة، لتشترط الموافقة على المنح والهبات إن تجاوزت قيمة مبلغ معين، وهو ما نراه معقولاً، ونؤيده، وبخاصة في ظل أن النص الحالي لم يوضّح ماهية المساعدات والهبات التي تشترط أخذ الموافقة ولا الشروط المحددة لموافقة مجلس إدارة الهيئة من عدمها، إضافة إلى أنه لا يوجد هناك أي سلطة إشرافية أو رقابية من قبل الهيئة على إمكانية الجمعيات التعاونية أخذ القروض، وهو ما يعد أخطر وبحاجة لرقابة وإشراف أكثر لمصلحة الجمعية التعاونية، ولعدم تحميلها أعباء تشكّل خطراً على الأعضاء كذلك.

إن تطوير العمل التعاوني يتطلب توازناً يمكّن التعاونيات من العمل ضمن معطيات السوق، وبخاصة في ظل احتكار السوق من قبل القطاع الخاص، وفرض قيود على الجمعيات التعاونية تحجّم إمكانية عملها أمام الشركات الخاصة، أو عدم السماح لها بدخول بعض القطاعات المعينة وفقاً لسياسة الاحتكارات.[25]

الإعفاء الضريبي والجمركي

بحسب نتائج الدراسة، تبين وجود العديد من التعقيدات أمام إمكانية فتح الملفات الضريبية، التي ترتبط، بشكل مباشر، بفتح الحسابات البنكية للتعاونيات، وتباعاً تحقيق الاسترداد الضريبي، وأن طلبات الإعفاء الضريبي والجمركي تتم بشكل منفرد لكل جمعية تعاونية على حدة بحسب تقديم الكشوفات الدورية والإقرار الضريبي. إن نص قانون الجمعيات في المادة (17) منه حول إعفاء الجمعيات والاتحادات القطاعية من الضرائب والرسوم الجمركية لا يشكّل عائقاً بذاته، إنما تبرز الإشكالية بفهم النص، إذ إنه غير واضح بالشكل الكافي فيما يتعلق بالشروط والمعايير للحصول على الإعفاءات، كما تبيّن من خلال المقابلات التي أجراها فريق معهد مواطن، أن جميع الجمعيات التعاونية الزراعية تواجه صعوبات في الاستفادة من هذه الإعفاءات، وأن البيروقراطية التي يتم تعامل فيها تخلق معاناة كبيرة أمام الجمعيات التعاونية والمزارعين. إضافة إلى ذلك، برز من خلال المقابلات أن مسألة الإعفاء ليست مقتصرة على وجود هذا النص في قانون الجمعيات التعاونية، وإنما في التبعات المستحقة عند تنفيذ إجراءات الإعفاء، وبخاصة في ظل ارتباطه وعلاقته بوزارة المالية وسلطة النقد من خلال البنوك.

على الرغم من أن المادة (69/2) من قانون الجمعيات تنص على إلغاء كل ما يتعارض معه، فإن عدم قيام مجلس الوزراء بإصدار أنظمة وتعليمات توضح وتقنن الإجراءات البديلة الضرورية للعمل بالقانون يخلق إرباكاً. وما يزيد الأمور تعقيداً، هو القلق من القوانين الضريبية لأسباب تاريخية جزئياً، وبسبب التأرجح التشريعي المتعلق بها، وبخاصة ما يرتبط بضريبة الدخل، وتحديداً للمزارعين.[26] وعليه، فإن من المفيد صوغ قانون الجمعيات التعاونية بشكل يجعله (مشجعاً للاستثمار) في عدد من أنواع التعاونيات الزراعية، كما أن من الضروري إعادة النظر بالنظام الضريبي، بحيث ينصف التعاونيات (الزراعية بشكل خاص)، والخريجين الجدد، والشباب العاطلين عن العمل.

حل الجمعيات التعاونية

إن منح مجلس الإدارة لهيئة العمل التعاوني صلاحية حل الجمعية وفق المادة (54 الفقرة 2)، ينطوي على تقييد لحرية العمل التعاوني، وبخاصة في ظل أن الإجراءات التحذيرية والتحقيق في وضع الجمعيات التعاونية ليس إلزامياً في الحالات كافة لإصدار قرار الحل.

وعليه، تقدر الورقة أن قرار حل الجمعية يجب أن يسبقه إجراءات تحذيرية في كل الحالات، مثل وضع نص يتعلق بالإنذار لتصويب الوضع القانوني أو المالي، وحل الجمعية خلال مدة معينة بدلاً من الحل المباشر، وأن يتم الحل وفق الإجراءات القضائية السليمة.

الخلاصة

يشكل متوسط انخراط الناس في قوة العمل ضمن القطاع التعاوني على المستوى العالمي حوالي 12%،[27] أما في فلسطين، فإن نسبة الأعضاء التعاونيين في الجمعيات التعاونية العاملة،[28] ومن نسبة العاملين المصنفين ضمن القوى العاملة للعام 2017،[29] تشكّل 4.97% (لا يعد هذا المؤشر دقيقاً، حيث إنه تم حسابه بحسب معهد مواطن وفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إضافة إلى أن العمالة تصنف بعمالة تامة وعمالة ناقصة متصلة بالوقت، وفي هذا السياق تم اعتماد نسبة العمالة بشكل عام).[30] ويعني ذلك أننا نحتاج إلى تطوير البيئة المشجعة إلى الوصول إلى هذه النسبة وتجاوزها، فإمكانية ذلك متصلة، بين أمور أخرى، بلحمة المجتمع الفلسطيني الخاصة وطبيعة نسيجه الاجتماعي التي تطورت عبر العقود في مواجهة الاستعمار. وحاجتنا إلى ذلك جلية، فالقطاعان العام والخاص باتا غير قادرين على استيعاب الأجيال الجديدة التي ترفد القوى العاملة بأعداد جديدة وكبيرة نسبياً كل سنة؛ ثم إن الأوضاع السياسية والاقتصادية أدت إلى وجود شباب لا يعملون، وأراضٍ تحتاج إلى من يفلحها؛ إضافة إلى ذلك، هناك متسع لزيادة الإنتاج المحلي في مجالات عديدة، وإحياء الحرف، وتطوير جودة وإنتاجية العمل الزراعي.

وتشمل عملية تطوير البيئة المنشودة صوغ أدوات تنظيمية تراوح بين وضع السياسات، وتعديلات القوانين، وسن الأنظمة والتعليمات لإنشاء البيئة الضرورية لتوسيع انخراط القوى العاملة في العمل، وتعزيز الإنتاج الوطني، ورفع نسبة الاعتماد الذاتي، وتعزيز البيئة المدنية التي تشكل شرطاً لتوسيع المشاركة السياسية، والتقدم الاجتماعي. وتشكل العوامل السالف ذكرها عناصر ضرورية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الكامنة في خلق وتعزيز ظروف للمقاومة ضد الاستعمار، وتعزيز عملية بناء الدولة. ويشكل القطاع التعاوني (الزراعي خاصةً) أداة مركزية في هذه العملية، وبخاصة في ضوء ارتباط المشروع الاستعماري بالسيطرة على الأراضي، وفي ظل التوجه المفرط للشباب الفلسطيني نحو القطاعات الخدمية أكثر من القطاعات الإنتاجية.

ونأمل أن تساهم التوصيات المقترحة في تعزيز توجه الشباب للعمل في الأرض والزراعة من خلال أطر تعاونية، بدلاً من الاقتصار على تمكين القطاع الخاص (وبخاصة الشركات الكبيرة) بدون تطوير البدائل التي من شأنها أن تحدّ من سلبياته التي تتجلّى عالمياً ومحلياً في استقطاب الثروة (ارتفاع معامل جيني في المناطق الحاضنة للعناقيد الزراعية)، وزيادة التفاوت في الملكيات، وغير ذلك من ظواهر من شأنها زيادة اغتراب الفئات المستبعدة من عملية الإنتاج، والتبعات السلبية لذلك على النسيج الاجتماعي، والعنف، والجريمة، والتوجهات الشعبوية، وغيرها من أمور نعرف تمام المعرفة عن كونها تنتج عن سوء توزيع الثروة.

تشير نتائج دراسة معهد مواطن إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية التي توفرها التعاونيات، فالعمل التعاوني يوفر أرضية صلبة لتعزيز العمل الجمعي وزيادة التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع، بدلاً من الفردانية التي تهدد بتفكيك المجتمع، ومن ناحية أخرى تشكل التعاونيات أداة فعلية للتحدي والصمود والعودة للأرض، وبخاصة بين فئة الشباب، وأيضاً المساهمة في التقليل من حدة الفروق بين الطبقات الاجتماعية الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة بين الشابات والشباب، وتقليل الاعتماد على العمل المؤقت.

إن قراءة نقدية لقانون الجمعيات التعاونية والأنظمة المتعلقة به نصاً ووقعاً على المعنيين، تشير إلى أن المنظومة التي أنشأها لا تحقق هدفاً رئيسياً من أهدافها، وهي تنظيم العمل التعاوني، ويبدو أنها بدلاً من تنظيم العمل التعاوني، تجعل من عملية التنظيم عقبة في طريقه، ولا توفر دافعاً لتشجيع العمل التعاوني وانتهاجه كاستراتيجية رئيسية تساهم في حل جزء من المشاكل التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني، وبخاصة فئة الشباب وخريجي الجامعات، كالبطالة الحادة، وسوء الأوضاع المعيشية، وتدني مستوى الرواتب بشكل عام، وأيضاً من حيث العمل التعاوني كأداة للنهوض بواقع القطاعات المهمّشة كالزراعة، وجعلها إحدى روافع الاقتصاد الفلسطيني.

على الرغم من قرارات مجلس الوزراء الأخيرة، الخاصة بإلغاء هيئة العمل التعاوني، وإلحاق اختصاصاتها ومهامها وموظفيها إلى وزارة العمل، وإلغاء كل من مؤسسة الإقراض الزراعي وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية،[31] فإنه بمراجعة استراتيجية الحكومة، والتمعن فيما يرشح عنها، تشير إلى رغبتها في تعزيز العمل والتعاون والإنتاج، وأنها مدركة لضرورة التوازن بين القطاعات المختلفة، وقد تخلت عن تجربة السير في مجال واحد وحيد للتنمية. وبطبيعة الحال، فإن على السياسات الحكومية أن تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المرحلة الراهنة من مسيرة الشعب الفلسطيني، وأن تعمل على توفير شروط النهوض بالواقع التعاوني الزراعي، وجذب فئة الشباب أو المزارعين بشكل خاص.

إننا نعتقد أن التوصيات المقترحة هنا، سواء المتعلقة بقانون الجمعيات التعاونية أو بالسياسات الحكومية، ستساهم في تفعيل عدد أكبر من التعاونيات، وتجاوز بعض العقبات التي تواجهها.

 

المصادر

Abu Saif, Fuad. 2020. "Sovereignty over Food Production: A Palestinian Approach towards Developing the Rural Economy." This Week in Palestine (271): 56-61.

ICA, and EURICSE. 2018. World Cooperative Monitor 2018: Exploring the Cooperative Economy. Brussels and Trento: International Cooperative Alliance (ICA), and European Research Institute on Cooperative and Social Enterprises (EURICSE). https://monitor.coop/sites/default/files/publication-files/wcm2018-web-803416144.pdf

الاتحاد العام للجمعيات التعاونية. د. ت. "رسالة إلى وزير العمل". ورقة موقف. (أرسلت من خلال اتحاد لجان العمل الزراعي).

اتحاد لجان العمل الزراعي. 2019. دراسة حول السياسات الوطنية في القطاع الزراعي. أيلول/سبتمبر، اتحاد لجان العمل الزراعي. https://bit.ly/3vbrdCi

—. 2020. "أرقام صادمة تعكس واقع النساء في القطاع الزراعي". اتحاد لجان العمل الزراعي.  25 تشرين الثاني/نوفمبر. http://uawc-pal.org/news.php?n=3701&lang=1

الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 2011. التعداد الزراعي - 2010، النتائج النهائية - الأراضي الفلسطينية. كانون الأول/ديسمبر، رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_PCBS/Downloads/book1818.pdf

—. 2019. "التوزيع النسبي للعاملين 15 سنة فأكثر في الزراعة والصيد والحراجة وصيد الأسماك في فلسطين حسب المنطقة والحالة العملية والجنس، 2018". الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. https://bit.ly/3cvYeD3

—. 2019. "نسبة العاملين 15 سنة فأكثر في نشاط الزراعة والصيد والحراجة وصيد الأسماك من إجمالي العاملين 15 سنة فأكثر في جميع الأنشطة الاقتصادية في فلسطين حسب المنطقة والجنس، 2018". الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. https://bit.ly/3pD34nb

—. 2019. مسح القوى العاملة الفلسطينية: التقرير السنوي، 2018. أيار/مايو، رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book2433.pdf

دولة فلسطين. 2016. أجندة السياسات الوطنية 2017-2022. كانون الأول/ديسمبر، رام الله: مكتب رئيس الوزراء. https://bit.ly/3xaagcT

السلطة الوطنية الفلسطينية. 2017. "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م بشأن الجمعيات التعاونية [قانون الجمعيات التعاونية]". الوقائع الفلسطينية. عدد 138 (29 تشرين الثاني/نوفمبر). 5-25.

الشاهد، رياض، المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي. 2019. "آفاق سياسات الإقراض الزراعي". ورقة غير منشورة. ندوة حوار السياسات – العدالة للقطاع الزراعي. 9 تموز/يوليو. رام الله: مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)؛ اتحاد لجان العمل الزراعي.

صحيفة الأيام. 2019. "اشتية: الخطة جزء من استراتيجية الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، الحكومة تطلق خطتها ’العناقيد التنموية‘ بدءاً من قلقيلية". صحيفة الأيام. 4 أيلول/سبتمبر.https://bit.ly/2TV6HsV

عدوان، يوسف، وسارة نوفل. 2010. الجمعيات التعاونية الزراعية في الأراضي الفلسطينية: الواقع وسبل التطوير. القدس ورام الله: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس).

قدورة، باسم حسين. 2018. مراجعة للقرار بقانون الجمعيات التعاونية الجديد رقم 20 لسنة 2017 ومقترحات بخصوص تعزيز دور المرأة بالعمل التعاوني. 14 تموز/يوليو، جمعية تنمية المرأة الريفية.

مجلس الوزراء – دولة فلسطين. 2021.  "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)". الأمانة العامة لمجلس الوزراء. 4 كانون الثاني/يناير. http://www.palestinecabinet.gov.ps/portal/news/details/51674.

المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. 2012. الدور الاقتصادي والاجتماعي للجمعيات التعاونية في الضفة الغربية: دراسة تحليلية. رام الله: الإدارة العامة للتعاون  -  وزارة العمل.

هيئة العمل التعاوني. 2019. تقرير الإنجاز السنوي للعام 2018. أيار/مايو، رام الله: هيئة العمل التعاوني.

—. 2020. مقابلة جماعية. رام الله (10 تشرين الثاني/نوفمبر).

—. 2021. مقابلة جماعية. رام الله (4 كانون الثاني/يناير).



[1] من جملة التعديلات، تعديل اسم القرار بقانون ليصبح "بشأن التعاونيات" بدلاً من "بشأن الجمعيات التعاونية"، وعليه يعدّل مسمى الجمعية التعاونية ليصبح التعاونية في كل النص.

تم نقاش التعديلات المقترحة خلال اجتماع ممثل عن معهد مواطن مع هيئة العمل التعاوني: هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (رام الله: 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2020).

[2] هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (رام الله: 4 كانون الثاني/يناير 2021).

[3] دولة فلسطين، أجندة السياسات الوطنية 2017-2022 (رام الله: مكتب رئيس الوزراء، كانون الأول/ديسمبر 2016)، 37،

https://bit.ly/3xaagcT

[4] المصدر نفسه.

[5] المصدر نفسه.

[6] الشباب بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني هي الفئة العمرية من 15-29 عاماً: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، التعداد الزراعي - 2010، النتائج النهائية - الأراضي الفلسطينية (رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، كانون الأول/ديسمبر 2011)، 71،

http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_PCBS/Downloads/book1818.pdf

[7] Fuad Abu Saif, “Sovereignty over Food Production: A Palestinian Approach towards Developing the Rural Economy,” This Week in Palestine, no. 271 (November 2020): 56-61.

[8] باسم حسين قدورة، مراجعة للقرار بقانون الجمعيات التعاونية الجديد رقم 20 لسنة 2017 ومقترحات بخصوص تعزيز دور المرأة بالعمل التعاوني (جمعية تنمية المرأة الريفية، 14 تموز/يوليو 2018).

وبلغ عدد أعضاء الهيئات العامة في التعاونيات العاملة (350 تعاونية) من الذكور 32275 عضواً، بنسبة 76.1%، مقابل 10151 من الإناث، بنسبة 23.9%: هيئة العمل التعاوني، تقرير الإنجاز السنوي للعام 2018 (رام الله: هيئة العمل التعاوني، أيار/مايو 2019)، 34.

[9] اتحاد لجان العمل الزراعي، "أرقام صادمة تعكس واقع النساء في القطاع الزراعي"، اتحاد لجان العمل الزراعي (25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020)،

http://uawc-pal.org/news.php?n=3701&lang=1

[10] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، "التوزيع النسبي للعاملين 15 سنة فأكثر في الزراعة والصيد والحراجة وصيد الأسماك في فلسطين حسب المنطقة والحالة العملية والجنس، 2018"، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2019)،

https://bit.ly/3cvYeD3

[11] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، "نسبة العاملين 15 سنة فأكثر في نشاط الزراعة والصيد والحراجة وصيد الأسماك من إجمالي العاملين 15 سنة فأكثر في جميع الأنشطة الاقتصادية في فلسطين حسب المنطقة والجنس، 2018"، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2019)،

https://bit.ly/3pD34nb

[12] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، "التوزيع النسبي للعاملين".

[13] صحيفة الأيام، "اشتية: الخطة جزء من استراتيجية الانفكاك التدريجي عن الاحتلال، الحكومة تطلق خطتها ’العناقيد التنموية‘ بدءاً من قلقيلية"، صحيفة الأيام (4 أيلول/سبتمبر 2019)،

https://bit.ly/2TV6HsV

[14] يوسف عدوان وسارة نوفل، الجمعيات التعاونية الزراعية في الأراضي الفلسطينية: الواقع وسبل التطوير (القدس ورام الله: معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، 2010)، 27-49.

[15] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، "نسبة العاملين 15 سنة فأكثر".

[16] المركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الدور الاقتصادي والاجتماعي للجمعيات التعاونية في الضفة الغربية: دراسة تحليلية (رام الله: الإدارة العامة للتعاون - وزارة العمل، 2012)، 11.

[17] مجلس الوزراء – دولة فلسطين، "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)"، الأمانة العامة لمجلس الوزراء (4 كانون الثاني/يناير 2021)،

http://www.palestinecabinet.gov.ps/portal/news/details/51674

[18] رياض الشاهد، المؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، "آفاق سياسات الإقراض الزراعي"، ورقة غير منشورة، ندوة حوار السياسات – العدالة للقطاع الزراعي (رام الله: مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)؛ اتحاد لجان العمل الزراعي، 9 تموز/يوليو 2019).

[19] مجلس الوزراء – دولة فلسطين، "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)".

[20] Abu Saif, “Sovereignty over Food Production.”

[21] Ibid.

[22] هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (2020). (اجتماع مع هيئة العمل التعاوني، لمناقشة التعديلات المقترحة على القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017).

[23] قانون الجمعيات التعاونية: مادة (5) أهداف ومهام الهيئة: "تهدف الهيئة إلى تنظيم القطاع التعاوني والإشراف عليه دون أن تمارس العمل التعاوني بشكل مباشر، ولها في سبيل ذلك القيام بالمهام الآتية: 8. الموافقة على المشاريع الممولة من الجهات المانحة للقطاع التعاوني، بما يهدف إلى تنمية القطاع التعاوني وتطويره. "مادة (7) صلاحيات المجلس: "للمجلس في سبيل تحقيق أهداف الهيئة القيام بالآتي: 10. الموافقة على الخطط والمشاريع الممولة من الجهات المانحة". انظر: السلطة الوطنية الفلسطينية، "قرار بقانون رقم (20) لسنة 2017م بشأن الجمعيات التعاونية [قانون الجمعيات التعاونية]"، الوقائع الفلسطينية، عدد 138 (29 تشرين الثاني/نوفمبر 2017)، 5-25.

[24] الاتحاد العام للجمعيات التعاونية، "رسالة إلى وزير العمل"، ورقة موقف (د. ت.) (أرسلت من خلال اتحاد لجان العمل الزراعي).

[25] هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (2021).

[26] اتحاد لجان العمل الزراعي، دراسة حول السياسات الوطنية في القطاع الزراعي (اتحاد لجان العمل الزراعي، أيلول/سبتمبر 201961،

https://bit.ly/3vbrdCi

[27] ICA and EURICSE, World Cooperative Monitor 2018: Exploring the Cooperative Economy (Brussels and Trento: International Cooperative Alliance (ICA), and European Research Institute on Cooperative and Social Enterprises (EURICSE), 2018),

https://monitor.coop/sites/default/files/publication-files/wcm2018-web-803416144.pdf

[28] وصل عدد الأعضاء التعاونيين (أعضاء الهيئات العاملة في التعاونيات)، في الضفة الغربية، في نهاية العام 2018، إلى 59370 عضواً، من بينهم 42426 عضواً مسجلين في التعاونيات المصنفة عاملة (350 تعاونية). انظر: هيئة العمل التعاوني، تقرير الإنجاز السنوي، 8.

وتُعرف الجمعية العاملة، حسب معايير هيئة العمل التعاوني، بأنها: "كل جمعية ملتزمة بالقانون من حيث إنها أعدت ميزانية واحدة على الأقل خلال آخر ثلاث سنوات مالية (2015-2017)، وعقدت اجتماع هيئة عامة واحداً على الأقل حسب الأصول خلال آخر ثلاث سنوات (2016-2018)". انظر: المصدر نفسه، 29.

[29] تشكل نسبة العاملين من المصنفين داخل القوى العاملة 82.4%. انظر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح القوى العاملة الفلسطينية: التقرير السنوي، 2018 (رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أيار/مايو 2019)، 22،

http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book2433.pdf

[30] تم حساب النسبة بحسب عدد أعضاء الجمعيات التعاونية العاملة للعام 2018، مقارنة بنسبة العاملين من المصنفين داخل القوى العاملة في الضفة الغربية للعام 2018. انظر: المصدر نفسه.

 

[31] مجلس الوزراء – دولة فلسطين، "جلسة مجلس الوزراء رقم (90)".


في ظل ضعف القطاع التعاوني الزراعي، تبرز الحاجة لإجراء تعديلات على الأطر الناظمة لنمط الاقتصاد التعاوني (لم تفحص هذه الدراسة بشكل مستقل الأطر الناظمة للقطاع الزراعي)، وتكمُن هذه الأطر في منظومة القوانين واللوائح التنفيذية التنظيمية والتعليمات الوزارية المتعلقة بالقطاع التعاوني، وبشكل خاص تلك المتعلقة بالقطاع الزراعي، بحيث تساهم في تعزيز الأهداف الساعية إلى تحقيق السيادة على الغذاء؛ وحماية صغار المنتجين؛ وخلق بدائل للتوظيف والمساهمة في خفض نسب البطالة في صفوف الشباب والشابات؛ ونسب الفقر؛ إضافة إلى المشاركة المجتمعية والسياسية وتعزيز المساواة في الفرص؛ وتحسين وتنويع الإنتاج الاقتصادي الفلسطيني، سعياً إلى الانفكاك عن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وتعزيز فرص الاكتفاء الذاتي في فلسطين. إذ قد يشكل الطابع التعاوني لتنظيم العمل في التعاونيات الزراعية، أحد المكامن المفترضة لقدرتها على سد فجوات العزوف المجتمعي والسياسي، وتعزيز فهم العملية الإنتاجية باعتبارها صيرورة اجتماعية وثقافية ووطنية واقتصادية.

تعكس السياسات المالية الفلسطينية اصطفافها ودعمها للقطاع الخاص، وتبنيها لنهج السوق الحر، الأمر الذي أفضى إلى تجاهل القطاعات التنموية والإنتاجية، سيما القطاع التعاوني الزراعي. فتواجه التعاونيات، الزراعية خاصةً، العديد من التحديات، كالمخاطر العالية، وإشكاليات التسويق، والمنافسة الشديدة مع المنتجات الإسرائيلية، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية التي تقوض عمل الشباب الفلسطيني في القطاع الزراعي، من خلال مهاجمة كل المشاريع الزراعية الناجحة، والعمل على تدميرها. كما تعاني التعاونيات الزراعية من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، والمياه، وبخاصة في ظل السيطرة الإسرائيلية على ما يقارب من 80% من المصادر المائية في فلسطين، والمعدّات، وسياسات وقوانين الضرائب، والبيروقراطية، وعدم وجود سياسات كافية لحماية المنتجات المحلية.

إن أهمية تعديل وتطوير القوانين وما يتبعها من أنظمة وإجراءات، تنبثق من ضرورة مواءمتها للمتغيّرات والمستجدّات، وكونها إحدى أدوات التغيير والتأثير والإصلاح. وعليه، تسعى هذه الورقة إلى تقديم مقترحات وتوصيات لتعديل وإصلاح منظومة القوانين واللوائح التنفيذية التنظيمية والتعليمات الوزارية المتعلقة بالقطاع التعاوني الزراعي، وعلى وجه التحديد، القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 بشأن الجمعيات التعاونية، إضافة إلى القوانين واللوائح التفسيرية الخاصة وذات الصلة، وذلك بهدف دعم وتطوير منظومة التعاونيات، سيما التعاونيات الشبابية الإنتاجية/الزراعية، وتعزيز النهج التعاوني.

فالاقتصاد الفلسطيني بحاجة إلى قانون تعاوني وسياسات حكومية تراعي خصوصية الحالة الفلسطينية التي تعاني من البنى الاستعمارية المهيمنة وتأثيرها على القطاع التعاوني الزراعي، وذلك لارتباط النهج التعاوني بحماية الأرض، والمقاومة والتصدي، والاكتفاء الذاتي، والسيادة على الغذاء، والتشغيل. ويشار، في هذا السياق، إلى أن هيئة العمل التعاوني تعكف على إنجاز عدد من التعديلات،[1] وضمن حدود اطّلاعنا عليها، نرى أن بعضها يعتبر إيجابياً في المساهمة في تذليل بعض الإشكاليات الحالية، الأمر الذي يتطلب الإسراع في اعتمادها.

جدير بالإشارة أنه بحسب ادّعاء هيئة العمل التعاوني،[2] فإن قانون الجمعيات التعاونية يعدّ من القوانين القليلة المطبقة بشكل فعلي في قطاع غزة، وأن هيئة العمل التعاوني ما زالت على اتصال مع الجمعيات التعاونية في قطاع غزة وتتابعها، إلّا أن هذه العلاقة لا تعتبر كافية في ظل ارتباط قانون الجمعيات التعاونية بجملة من اللوائح الوزارية والقوانين الأخرى غير المطبقة، بحكم الواقع، في قطاع غزة. إضافة إلى ذلك، فإن التعديلات المقترحة من قبل الهيئة، التي ما زالت رهن الافتراض، حيث إنها قد تُقبل أو تُرفض أو تُعدّل، غير قادرة على معالجة استمرارية حالة ازدواجية التشريعات العامة ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك فيما يتعلق بالقطاع التعاوني الزراعي تحديداً. ومن جانب آخر، يفترض أن تتجه توصيات ومقترحات الهيئة، بشكل أكبر وأوسع، نحو تعزيز العمل في المناطق المصنفة "ج"، مثل العمل على اعتماد نصوص قانونية تعطي أفضلية معينة للعمل في هذه المناطق، كإلغاء الرسوم بشكل كامل للجمعيات التعاونية الزراعية في هذه المناطق. يجب إيلاء اهتمام خاص بهتين القضيتين في كل الأحوال، على الرغم من إدراكنا أن الأمر ليس مناطاً بجسم حكومي واحد، فهذا واقع لا يجب القبول به، وعكسه في العمليات التشريعية.

تختص هذه الورقة بنقاش أبرز التوصيات لمعالجة الإشكاليات والعقبات القانونية والسياساتية المتعلقة بالتعاونيات الزراعية، سواء في القانون، أو اللوائح التنظيمية، أو التعليمات الوزارية المتعلقة به، كما تستعرض بعض النقاط المرتبطة بالسياسات الحكومية المتعلقة بدعم القطاع الخاص على حساب التعاونيات، وتوزيع الأراضي ودور المرأة والشباب في التعاونيات الزراعية، ثمّ حول حماية التعاونيات الزراعية وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية والمؤسسة الفلسطينية للإقراض الزراعي، وآلية تسويق المنتجات، وختاماً؛ بعض النقاط المتعلقة بهيئة العمل التعاوني، التي تم تأسيسها بعد صدور القرار بقانون رقم (20) لسنة 2017 [قانون الجمعيات التعاونية]، وبذلك، ستتم مناقشة النقاط التالية:

  1. سياسات حكومية: دعم القطاع الخاص الاستثماري؛ وملكية الأراضي؛ والحيازات الصغيرة للمزارعين؛ ودور المرأة والشباب ومشاركتهم في التعاونيات الزراعية.
  2. حماية وتعويض التعاونيات الزراعية والمزارعين؛ صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية، والمؤسسة الفلسطينية للإقراض للمزارعين؛ والسياسات التسويقية والإنتاجية.
  3. هيئة العمل التعاوني: ملاحظات حول تأسيس وتسجيل الجمعيات التعاونية: ما بين قبول ورفض التسجيل، والتظلّم على القرار؛ وعدد الأعضاء؛ ودور هيئة العمل التعاوني ومركزة العمل؛ والتمويل والأموال: الموارد المالية للجمعية التعاونية، وموافقة الهيئة على المشاريع الممولة؛ الإعفاء الضريبي والجمركي، وضريبة الدخل؛ قرار حل الجمعية التعاونية وتصفيتها.
 

[1] من جملة التعديلات، تعديل اسم القرار بقانون ليصبح "بشأن التعاونيات" بدلاً من "بشأن الجمعيات التعاونية"، وعليه يعدّل مسمى الجمعية التعاونية ليصبح التعاونية في كل النص.

تم نقاش التعديلات المقترحة خلال اجتماع ممثل عن معهد مواطن مع هيئة العمل التعاوني: هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (رام الله: 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2020).

[2] هيئة العمل التعاوني، مقابلة جماعية (رام الله: 4 كانون الثاني/يناير 2021).