أدى انتشار وباء كورونا المستجد، وتحوله إلى جائحة، وانكشاف العجز والضعف لدى أغلب الدول في التعامل مع الأزمة الناتجة عن الجائحة إلى إبراز الأسئلة حول طبيعة الأنظمة الاقتصاد-سياسية في النظام العالمي الراهن.
ورغم أن هذه الأسئلة طفت على السطح منذ الأزمة المالية سنة 2008، والحركات في الشارع العربي في نهاية سنة 2010، وما تلاها من حراكات ما تزال فاعلة في بلدان عربية، وفي أنحاء مختلفة من العالم. وباتت هذه الأسئلة ملحة حين بدأت الأزمة تتمخض عن صعود غير مسبوق للاتجاهات اليمينية المتطرفة والفاشية في دول عديدة. إن غياب أي احتياطي اقتصادي وصحي كافي لتجنب الوباء دونما انهيار الاقتصاد والنظام الصحي، في ضوء وجود ثروات خيالية لدى أثرياء العالم، وتوجه الدول إلى المفاضلة الحرجة بين صحة الشعب والاقتصاد، وغياب أي فكرة جدية بشأن إعادة توزيع الثروة في حقبة الأزمة على الأقل، يشير إلى مشكلة جذرية، تتطلب منا التوقف أمامها وفحص الآفاق الممكنة للحول.
رغم تباين الآراء حول شكل العالم ما بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا (ازدياد حدّة السياسات النيوليبراليّة، في مقابل اعتبار الأزمة إعلانا نهائيا لفشل هذه السياسيات والتصورات النظريّة التي تقف وراءها)، فإنّ إجماعا يوحّد الطيف كاملا: ما بعد الأزمة لن يشبه ما قبلها. ستُدرج هذه الأزمة في قائمة الأزمات الأكثر حدّة لنمط الإنتاج الرأسماليّ، وآثارها عالميّة.
أما فلسطين، وإن كان خطابها منشغلا بقضاياه الداخليّة حصرا، ليست خارج هذه التحوّلات العالميّة. وبهدف إعادة مَوضَعَة السؤال عن مستقبل فلسطين في السياق العربيّ والعالميّ، ينظّم معمل الأفكار سلسلة الحواريّات هذه، من أجل تعميق التحالفات التحررّيّة، ومن أجل أن يضطلع الفلسطينيّون بدورهم في القضايا العالميّة. وتشكل السلسلة مسرحا للجدل الفكريّ بين المثقّفين/ات العضويّين/ات يسهم في تعزيز دورهم الذي يمليه انتماؤهم الإنسانيّ.