اختُتِمت أعمال مؤتمر معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان - جامعة بيرزيت اليوم الأربعاء الثلاثين من تشرين الأول 2024، في دورته التاسعة والعشرين، تحت عنوان " التفكير الاستراتيجي في زمن الوحوش العملاقة وحروبها: مكانة الحق وآفاق التحرر"، بترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت وعبر الفضاء الافتراضي، وذلك بمشاركة العديد من الباحثين والأكاديميين من أنحاء العالم.
استُهل اليوم الثاني والأخير للمؤتمر بالجلسة الرابعة بعنوان "الترابط بين التجاذبات الداخلية والسياسة الخارجية" وترأستها الأستاذة جمانة صباح، وهي باحثة مساعدة في معهد مواطن. قدم الورقة الأولى "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل: رصيد إستراتيجي أم قوة جماعات الضغط الصهيونية؟ حرب الإبادة نموذجاً" الدكتور جورج جقمان، عضو هيئة أكاديمية معتمد في جامعة بيرزيت ومتخصص في الفلسفة وقضايا التحول الديمقراطي. حاججت المداخلة بأن وجهات النظر السائدة التي تسعى إلى تفسير طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والمتأرجحة بين قطبي "رأس الحربة الإمبريالية" وجماعات الضغط الصهيونية، يشوبها القصور وتعمد إلى تجاهل أدلة عينية واضحة. لذلك، تشدد المداخلة على أن نقطة البدء في التفسير تكمن في ديناميكيات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة.
أما الورقة الثانية "الإمبريالية البيئية والهيمنة الرأسمالية: الزيتون والغابات في فلسطين" فقدمها كل من عمر قسيس وهديل أيوب، وهما باحثان مساعدان في معهد مواطن. قاربت المداخلة الإمبريالية البيئية كأحد أشكال الإمبريالية العالمية. فبالإضافة إلى تغيير المشهد البيئي بفعل استخراج المواد الخام لصالح رأس المال، فإن تغيير المشهد البيئي هو جزء من عملية الإلغاء والهيمنة. وبالاستناد على دراسة حالتين استراتيجيتين عن أصناف الزيتون والتشجير، جادلت المتحدثة والمتحدث أن النظام الاستيطاني في فلسطين يقف في طليعة الأنظمة الاستيطانية الهادفة إلى تطوير الزراعة الرأسمالية، وأن دراسته تشكّل عتبة في قراءة الهيمنة الرأسمالية العالمية.
وفي الورقة الثالثة "مسؤوليات الجامعات البلجيكية فيما يتعلق بالتعاون مع الجامعات الإسرائيلية" التي قدمتها چمرة إردم توركيلي، عضو الهيئة الأكاديمية في مجموعة أبحاث القانون والتنمية في جامعة أنتويرب وثاليا كروجر، عضو الهيئة الأكاديمية في القانون الدولي الخاص في مجموعة أبحاث القانون والتنمية في جامعة أنتويرب، تم نقاش التعاون بين الجامعات البلجيكية والجامعات الإسرائيلية التي تجمعها صلة وثيقة مع دولة الاحتلال. وشددت المداخلة على أن الجامعات ملزمة بالتزامات حقوق الإنسان والقانون الدولي، وما يستوجبه هذا من عدم التواطؤ في انتهاكات القواعد الآمرة للقانون الدولي.
أما في الجلسة الخامسة وعنوانها "الفشل الإقليمي" وترأستها الأستاذة ريم البُطمة، عضو الهيئة الأكاديمية في معهد الحقوق في جامعة بيرزيت، قدم جلبير الأشقر، وهو أستاذ في دراسات التنمية والعلاقات الدولية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، الورقة الأولى "بؤس التفكير الاستراتيجي العربي في مواجهة الدولة الصهيونية"، وتناول توالي الاستراتيجيات العربية الخاسرة في وجه الدولة الصهيونية. وأشار إلى أنه رغم تنوّع الاستراتيجيات، من دولانية إلى حركات المقاومة، فإن اعتماد الثانية على الأولى هو إحدى سمات بؤسها. وشددت المداخلة على وجود سمات أساسية تشكّل شرطاً أساساً لقيام أي استراتيجية عقلانية.
وكانت الورقة الثانية "لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقولوا شيئاً؟" وقدمها العربي صديقي، وهو أكاديمي مختص في العلوم السياسية، وبيّن أن الموقف العالمي من أجل فلسطين يرفض فكرة الاعتماد على التضامن العربي من أجل التحرير، إذ إن المؤسسة العربية تتميز بانعدام الفعل. ونوه إلى أن انعدام الفعل يصل إلى التواطؤ مع المحتل.
أما الجلسة الختامية بعنوان "دروس للمشروع الوطني الفلسطيني"، فترأسها أحمد عطا الله، وهو باحث مساعد في معهد مواطن. كانت الورقة الأولى في هذه الجلسة "تراجع الثقافة الشعبية الفلسطينية" للدكتور فيصل دراج، وهو ناقد وكاتب وباحث فلسطيني، عرضها الدكتور عبد الرحيم الشيخ، عضو الهيئة الأكاديمية في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت. عرضت المداخلة للتراجع العام الذي يَسِم الواقع الوطني الفلسطيني في مفاصله الأساسية: التنظيمات السياسية والوعي الشعبي وانحلال المراجع السياسية المفترضة. وشددت المداخلة على مأساوية الوضع الوطني الفلسطيني حيث لا علاقة عضوية بين "القيادة" والشعب، حيث ينتشر العجز من المركز إلى الأطراف.
وفي الورقة الثانية "إعادة تصوّر المشروع الوطني الفلسطيني: الحركية في مواجهة الحزبية" التي قدمها الدكتور بلال الشوبكي، وهو رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، كان التركيز على ضرورة إبقاء الصراع مع إسرائيل مفتوحاً، وعدم السماح لها بحسمه، خاصة في ظل سياق يفتقر لأرضية فلسطينية صلبة، ولمناخ إقليمي ودولي مساند. وبالتالي، جادلت المداخلة أن من الضروري الانتقال من مهمة حسم الصراع إلى وقف سياسات الإبادة والتطهير العرقي، كمرحلة أولى يمكن الانطلاق منها نحو الدفع باتجاه نيل الحقوق الفلسطينية.
أما الورقة الثالثة والأخيرة "الجوهرية الاستراتيجية وحدود الفكر الليبرالي (والنقدي) في التحرير الفلسطيني"، فقدمها جوشوا سيلي-هارنتغتون، عضو الهيئة الأكاديمية ورئيس قسم المساواة في كلية الحقوق في جامعة وندسور في كندا. تناول المتحدث استخدام/إساءة استخدام "الهوية" في الخطاب الاجتماعي القانوني، مستكشفاً الأغراض السياسية والتكتيكية التي يتم من خلالها توظيف الهوية، ومحاججاً بضرورة نقد العدالة العرقية الليبرالية لتشخيص أزمة النظام العالمي.
30 تشرين الأول/ اكتوبر 2024
المرفقات: