نظم معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة بيرزيت، جلسة لمناقشة مسودة مقترح بحثي بعنوان "فاعلو التغيير المجتمعي" أعدها الباحث في معهد مواطن عمر قسيس، وذلك يوم الأربعاء 16 تموز/ يوليو 2025 في مقر المعهد في حرم جامعة بيرزيت، حيث شارك في النقاش نخبة من الباحثين والمهتمين بالشأن السياسي والمجتمعي في فلسطين.
افتتح الجلسة مضر قسيس، مدير المعهد، مرحباً بالحضور، مبيناً الإشكالية المركزية التي يسعى المشروع ورقة إلى معالجتها، والمتمثلة في التراجع الحاد في الانخراط الحزبي في فلسطين، وفي أشكال تنظيم العمل السياسي والمدني المختلفة، وتحول قضايا العمل الجماهيري إلى قضايا متخصصة، تحتاج إلى "خبراء". وأشار إلى أن هذا التحول ساهم في خلق حالة من الاغتراب، حيث تراجعت مساهمة الأفراد في الفعل الجماعي، وانقسمت القضايا إلى ملفات منفصلة، رغم أنها في جوهرها مظاهر لنفس البنية السياسية والاقتصادية القائمة.
أما الباحث عمر قسيس قد استعرض في مداخلته الفرضيتين التي انطلقت منهما هذه المسودة: الأولى أن التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تمر بها فلسطين جزء من مع أنماط تغير عالمية أوسع وإن كان لها خصوصيتها فلسطين؛ والثانية أن فعل التغيير المجتمعي لا يمكن أن يقتصر على منظمات المجتمع المدني (NGOs)، بل ينبثق من داخل المجتمع ذاته عبر أشكال تنظيمية مختلفة. إذ يسعى المقترح إلى الوقوف على منهجية مناسبة لدراسة فاعلي التغيير المجتمعي في فلسطين من خلال دراسة المنظمات المختلفة، من حيث الشكل والوظيفة والبنية والتقنيات والتشكيلات المقياسية.
وأكد قسيس أن التحولات العالمية النيوليبرالية ساهمت في إضعاف الروابط الاجتماعية والسياسية، ليس في فلسطين فحسب بل على مستوى عالمي، مما يجعل فهم السياق المحلي بحاجة إلى قراءة مقارِنة مع تجارب عالمية، مشيراً إلى تجربة الثورة البلشفية كمثال على إمكانية التمكين المجتمعي من خلال العمل السياسي المنظم.
وتخلل الجلسة نقاش مفتوح شارك فيه الحضور، وتركز حول إشكاليات التنظيم السياسي في السياق الفلسطيني، وعلاقة القوى الاجتماعية المختلفة بفكرة التغيير، وأهمية بناء بدائل حقيقية في ظل تآكل المؤسسات التمثيلية التقليدية، مثل الأحزاب والنقابات.
وشدد النقاش على الحاجة إلى إعادة تعريف التغيير المجتمعي من خلال فهم المواقع الطبقية للفاعلين المختلفين والمصالح المترتبة على ذلك، لا سيما في ظل تفكك الروابط الجماعية وتفشي الاغتراب في المجتمع. كما طُرحت أسئلة حول إمكانية استعادة النضال الأممي كمجال لفهم وتوسيع أفق العمل الجماعي في مواجهة منظومة الاستعمار والإمبريالية المعاصرة.
وخلصت الجلسة إلى أن مسودة المقترح البحثي تُمثّل نقطة انطلاق مهمة لإعادة التفكير في سؤال التنظيم السياسي، ودور الفرد، وإمكانات بناء أشكال بديلة من الفعل الجماعي في ظل الأزمة المركبة التي تعيشها فلسطين والعالم. كما دعت إلى تعميق الورقة بضم تجارب عربية مقارنة، وتوسيع النقاش حول إعادة بناء الأحزاب السياسية كأحد مفاتيح الخروج من الأزمة.