زكريا محمد: في قضايا الثقافة الفلسطينية. 2002
في قضايا الثقافة الفلسطينية
زكريا محمد
2002
لقد حان الوقت للتعامل مع الثقافة الفلسطينية ككيان واحد، وكشف تناقضات مسارها وبنيتها، والأشكال التي تأخذها هذه التناقضات، والاسباب الاعمق لها. بمعنى آخر، صار لا بد من النقد الثقافي العام، لتجاوز نقد الحقول المفردة والارتفاع فوقها.
إن ثقافة لا تتأمل ذاتها ومسارها، وتنقد هذا المسار، وتكشف إشكالياته هي، في الواقع، ثقافة طفلة، ثقافة لم تبلغ سن الرشد بعد. ونظن ان الثقافة الفلسطينية قد اقتربت من سن النضج. وهذا ما يلزمها أن تضع نفسها على المشرحة.
لقد "نافقت" هذه الثقافة ذاتها خلال العقود الماضية، لأنها كانت محتاجة الى المديح والإطراء لكي تؤكد ذاتها أمام محاولات النفي والإلغاء. وهي بحاجةٍ الآن الى رمي المديح والإطراء وراء ظهرها لكي تشهر سلاح النقد لذاتها، بعد أن اشتد عودها.
وهذا المبحث هو محاولة صغيرة في هذا الباب. وهو لا يزعم لنفسه أكثر من كونه تخطيطاً أولياً لعدد من المعضلات الأساسية في حياة الثقافة الفلسطينية، التي تم استقصاؤها سريعاً في عدد من الحقول. أي أنه لم يستغرق حقول هذه الثقافة كلها- ولم يكن بإمكانة أن يفعل ذلك- بل كان على تماس مع عدد من الحقول الأساسية والأهم.