You are here

مؤتمر مواطن السنوي الثالث والعشرون: الديمقراطية في الميدان العام

Primary tabs

تاريخ المؤتمر/الندوة:
6 و 7 تشرين الأول/أكتوبر 2017

الديمقراطية في الميدان العام

 

 

ورقة المفهوم

يعالج مؤتمر مواطن الثالث والعشرون قضية تشوه مفهوم الديمقراطية في الممارسة على الصعيد الفلسطيني خصوصا والصعيد العالمي عموما، ويسعى إلى تسليط الضوء على التحولات التي حدثت عالميا على فهم وممارسة الديمقراطية (بمختلف أشكالها وتعريفاتها)، وصولا إلى إبعادها عن كونها تعبيرا عن الإرادة العامة. ويهدف المؤتمر إلى إعادة مفهوم الديمقراطية في الحياة اليومية وفي الحيز العام إلى مكانته المحورية في نقاش التطور الديمقراطي في العالم وفي فلسطين. كما يهدف إلى وضع النقاش الجوهري حول الديمقراطية على جدول الأعمال الوطني في سياق الاحتياجات التنموية للمجتمع الفلسطيني، وتعزيز العمل على مساءلة السلطة التنفيذية ودفعها للتجاوب مع احتياجات المجتمع الفلسطيني، والسعي نحو تفويض الجمهور، بالإضافة إلى مجموعات محددة لكي تكون جزءاً من عملية الإصلاح وتحديد الأولويات.
على الصعيد الفلسطيني، اختُزلت غالبية الخطابات حول القضية الفلسطينية على مر السنين إلى قضايا تتعلق بطبيعة السلطات السياسية وهيكلياتها، تاركة جانباً كل قضايا السياسة على المستوى الشعبي، كتنظيم الحيز العام والحياة اليومية للفلسطينيين. وأحد مظاهر هذا الاختزال هو إضفاء مكانة عالية المركزية على القضايا التي تتعلق ببناء الدولة وقضايا الوضع النهائي وبناء المؤسسات وما شابه. بكلمات أخرى، هنالك قضية وحيدة متعلقة بالسلطة /السلطات السياسية ولكن هناك غياب للقضايا المتعلقة بالهدف النهائي والأصلي لوجود هذه السلطة: تقرير المصير الفردي والجماعي الذي يتطلب تنظيم الحيز العام، وبالتالي الأسئلة حول هذه السلطة. توجد دوافع ومحركات عدة لهذا الاختزال لكنها جميعاً مترابطة. من أبرز هذه المحركات طبيعة الإعداد لعملية السلام، بمراحلها المختلفة التي تشمل مدريد وواشنطن وأسلو ومفاوضات ما بعد أسلو. وثمة محرك آخر ألا وهو الاهتمام السائد بالمناقشات التي تتمحور حول المساعدات الإنمائية، ونقاشات أخرى، ذات طابع سياساتي، التي تشكلت (أو تمت إعادة صياغتها) كجزء من عملية الصوغ الإشكالية للنظام العالمي الحالي ذي الطابع النيوليبرالي.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يتزامن اختزال قضية الديمقراطية إلى قضية السلطة، مع اختزال قضية الاحتلال إلى قضية تمظهراته (الأمر الذي يشكل وجها آخر لإقصاء المجتمع عن الشأن السياسي)، وإلى تجزئته إلى قضايا الحوكمة في مجالات شتى (يطلق عليها غالبا اسم قضايا الوضع النهائي) لا تشمل قضية تقرير المصير المركزية إلا شكلا، ويتلخص نقاش هذه القضايا بآليات وصلاحيات إدارتها دون الوصول إلى رأي الشارع فيها.
إن الميل لاختزال القضايا السياسية إلى قضايا سلطة، لن يخدم بشكل فاعل تحسين حياة الشعب، ولن تكون له فائدة واضحة ومباشرة على الحرية وتحقيق تقرير المصير، وهي القضايا التي تشكل الأهداف الجوهرية للتنظيم السياسي الذي يتخذ شكل السلطة السياسية. كما أنه يتم اختزال قضايا الديمقراطية في هذا الإطار إلى قضايا متعلقة بشكل النظام السياسي وبعض المسائل الإجرائية، ما يؤدى إلى ترك القضايا الجوهرية التي تتعلق بالمشاركة وإعمال الإرادة الحرة للأفراد والجماعات.
فالناقشات السياسية التي تثار في سياق عملية الاختزال الواسعة هذه تمسي عقيمة وثنائيةً: دولة واحدة أم اثنتان؟ فتح أم حماس؟ دولة مستقلة أم كونفدرالية؟ مفاوضات أم انتفاضة؟ يتم نقاش المواقف حول هذه القضايا من منطلق "واقعية سياسية" محددة تصرف النظر عن قضايا حيوية متعلقة بالافتراضات الأساسية حول ماهية المشكلة التي يجب حلها. فحتى الممارسة السياسية للانتخابات تنتهي لصالح "غالبية" كنتيجة للمشاركة السلبية.
1. الديمقراطية في الميدان العام
في حين أن جوهر الديمقراطية يتعلق بتحقيق الإرادة العامة، وفي حين أن مختلف البلدان، بما فيها فلسطين، قد طورت، من أجل تحقيق هذه الإرادة، أدوات وأنظمة وإجراءات مختلفة تشمل إصلاحات قانونية ودستورية وإنشاء هيئات حماية حقوق الإنسان وتدابير لمكافحة الفساد وإصلاحات قضائية وأنظمة انتخابية، وما إلى ذلك، يبدو أن هناك تضاؤلا في المساحة (الحيز العام) الضرورية للتعبير عن الإرادة العامة وممارستها.
لقد تسببت عدة تطورات (ذات صبغة عالمية) حديثة نسبياً في نشوء هذه المتلازمة (أو على الأقل جعلها أكثر حدة)، ومن بينها طبيعة التحولات النيوليبرالية التي تتمظهر في عملية التسليع (أو الخصخصة الفعلية) للفضاء العام (مثل رعاية الشركات الكبرى للمناسبات العامة)؛ والعقيدة الأمنية الجديدة التي تفقد الخصوصية معناها من خلال خصخصة الخدمات العامة (مثل جمع الشركات الخاصة للمعلومات الخاصة كشرط لتقديم الخدمات الحيوية)؛ وما يترتب على ذلك من غموض الحدود بين القطاعين العام والخاص (مثل نوع المعلومات الخاصة المتاحة للبنوك)؛ وتكنولوجيا الاتصالات الجديدة، حيث يمكن للفرد أن يتصور ظهور فضاءات جديدة غير العام والخاص كالقطاع الخاص-العام، (أي معلومات خاصة متاحة في الحيز العام (مثل الموقع الجغرافي الخاص بك من خلال خدمات نظام المعلومات الجغرافية (GIS) على الهواتف الذكية؛ والعام-الخاص (مثل احتكار القطاع الخاص للموارد العامة – استخدام معلومات (GIS) لأغراض التسويق)؛ والتغيير في طبيعة الحوكمة التي باتت لا تفترض الاستثمار في الصالح العام على مستوى الدولة (كاضمحلال تمويل التعليم العالي)، وعلى مستوى الحكومة المحلية (مثل قيام التخطيط الحضري على افتراض أنه يتوجب على أحد ما أن يدفع مقابل كل مرفق أو خدمة مقدمة)، والعديد من المظاهر الأخرى.
القضية العالمية
إن السؤال الذي ينشأ هنا يتعلق بماهية القرارات الجوهرية التي يمكن أن يتخذها المواطن إذا كانت الخيارات تقتصر على الاختيار بين سلع في السوق. وإذا كانت حكمة المخطط النيوليبرالي مقبولة، ينشأ سؤال آخر حول الحاجة إلى النظام السياسي أصلا. وبكلمات أخرى، إذا كان النظام السياسي لا يمتلك استقلالية عن السوق فلماذا لا يكون نظام حوكمة الشركات للحياة الاجتماعية كافياً وبديلاً عن تنظيمها السياسي؟ في هذه الحالة سوف يصبح الأفراد مواطنين في شركات بدلاً من المدن والدول - ويمكن بعد ذلك أن يظهروا في المطار جواز سفر مايكروسوفت على سبيل المثال بدلاً من جواز سفر هندي!
القضية الفلسطينية
وفي حين أن مخاطر هذه التغيرات على طبيعة المواطنة تتسم بطابع عالمي، فإنها بالغة الحساسية في فلسطين، التي تعاني من درجة أعلى من "الانكشاف"، لثلاثة أسباب على الأقل: أولاً، حقيقة أن فلسطين لا تزال في عملية تشكيل نظامها السياسي والاقتصادي (بما في ذلك سوقها)، فإن الاتجاهات الحالية للحكم ستؤدي إلى تنمية غير متوازنة لإطار الحكم الذي قد يكون غير إنساني؛ ثانياً، لأن اعتماد النظم السياسية والاقتصادية في فلسطين على التدخل الأجنبي (سواء المساعدات الاقتصادية أو اعتماد النظام السياسي على العوامل الخارجية) يعني درجة أعلى من الهشاشة فيما يتعلق بالتحولات النيوليبرالية؛ ثالثاً، لأن غياب "أمر واقع" معروف لماهية المواطنة (تقاليد المواطنة) يعني أنه لا توجد تقنيات اعتدال (قوى "محافظة" لمجابهة التغيير) يمكن أن تكون عاملا يؤدي إلى اتزان هذه العمليات.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الظروف المشار إليها أعلاه على طبيعة الحركات السياسية وعملية التحرر الوطني. فإذا كانت هذه الديناميكيات تعني غياب أفق الدولة القومية، فإن الغموض سيغلف مصير مشروع التحرر الوطني.
هناك العديد من المؤشرات على أن التحولات المذكورة أعلاه أصبحت جزءا من خطاب التحرر الوطني منذ أوائل التسعينات. وما كان يمكن أن يكون جوانبا مسكوت عنها في تكوين عملية السلام منذ أوائل التسعينات، سيصبح الآن معرفة شائعة تخلق ديناميات جديدة، ربما غير مسبوقة، للتغيير السياسي المتصور والاتجاهات والأشكال الجديدة للمقاومة. وكلما تجذرت هذه الاتجاهات في الحياة اليومية للفلسطينيين، زادت إمكانية أثرها العكسي على تحقيق السلام وتقرير المصير بالشكل المتعارف عليه تقليديا حتى الآن.
في ضوء ذلك، هناك حاجة إلى دراسة نوع التدخل الذي يمكن أن يؤدي إلى انتقال ديمقراطي غير محكوم عليه بالفشل. هناك حاجة إلى مشروع انتقال غير مقتصر على فكرة وأنموذج مثالي، بل إلى مشروع يضمن استدامة وجود الموضوع الديمقراطي: ففي فلسطين ما نزال نحتاج إلى تشكيل هذا الموضوع قبل الشروع بحمايته.
2. محاور المؤتمر
سيبحث المؤتمر في جملة أمور، من ضمنها:
• واقع وآفاق الديمقراطية عالمياً ومحلياً، بما في ذلك الأثر المتوقع لتعثر النظام العالمي بشكله الراهن، وتطور النزعات القبلية، والهوياتية، والأمننة (securitization)، وتعاظم الحديث عن العدالة على نطاق عالمي بسبب التداخل الحاصل بفعل العولمة، أي أن الحلول من المتعذر أن تكون في إطار دولة واحدة فقط.
• استحالة بناء الديمقراطية السياسية ذات السيادة تحت الاحتلال لكن وجود إمكانية للإعداد لها في مرحلة التحرر الوطني، وصوغ الأجندة الوطنية الفلسطينية بما يساهم في دفع عملية التحرر الوطني والاجتماعي أيضا وبشكل متزامن.
• مشروع بناء الدولة الديمقراطية في فلسطين بمكونات اجتماعية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والضمان الاجتماعي، ودور القطاع الأمني، وأداء الجهاز القضائي، والنظام الضريبي، وبما يعزز بقاء وصمود الفلسطينيين في أرض الوطن، وهو الرصيد الإستراتيجي في مواجهة المشروع الصهيوني في فلسطين.
• طبيعة الحكم المحلي الفلسطيني والمركزي من خلال نقاش التخطيط العمراني، وخصخصة الخدمات البلدية، وعموما ما يجب وما لا يجب أن يخصخص من مرافق وخدمات، وإدارة الموارد المائية، وقضايا  البيئة، وعلاقتها بالديمقراطية الإجتماعية وآليات اتخاذ القرار.
• طبيعة ودور المجتمع المدني الفلسطيني من خلال مناقشة جوانب مثل جداول أعمال المؤسسات المختلفة للمجتمع المدني، والتمثيل، والائتلافات، وأشكال التنظيم والعمل، وكيفية إعادة بناء الأطر المنظمة التي لها قاعدة جماهيرية واسعة مثل النقابات والأحزاب السياسية والهيئات باختلاف أنواعها، التي هي عادة يعول عليها في عملية التغيير والتأثير على القرار، والأدوار المناطة بها في هذه المرحلة.