ورقة سياسات - دمج العمل التعاوني في مؤسسات التعليم العالي

Primary tabs

نعرض في هذه الورقة بعض المقترحات المتعلقة بسياسات التعليم العالي في فلسطين التي استخلصها فريق معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان ضمن دراسته بعنوان "التعاونيات في فلسطين: بطالة الشباب، والفقر، واللامبالاة، والتعليم العالي".

يبقى السؤال عن دور ووظيفة الجامعة في المجتمع وفي الدولة سؤالاً حيوياً دائماً، ولكنه يكتسب أهمية خاصة اليوم، حيث باتت تراود البعض الشكوك حول قيام الجامعة بدورها فعلاً. وتأتي هذه الشكوك غالباً من داخل الجامعات، وبشكل خاص من أجسامها الطلابية. ولا شك أن التغيرات والظروف الصعبة التي مر ويمر فيها المجتمع الفلسطيني تتطلب النظر والتقييم المستمرين لمؤسسات التعليم العالي، والدور الذي تلعبه في مختلف جوانب حياة المجتمع ومستقبله. وتسعى هذه الورقة إلى نقاش الدور الذي يتوخى أن تلعبه الجامعات الفلسطينية في مجال تعزيز العمل التعاوني ليشكل أداة مضافة تساهم في خلق التوازن بين الأنماط المختلفة لتنظيم العمل، التي تعكس، جزئياً، أولويات حياتية مختلفة لدى أعضاء المجتمع، من شأن تعايشها أن تحد من وطأة الفروقات والسلبيات الملازمة لكل من أنماط تنظيم العمل المختلفة.

ويكتسب التنظيم التعاوني للعمل في حاضر فلسطين أهمية خاصة لأسباب عدة، من بينها إيجاد بدائل للتشغيل في مواجه مشكلة البطالة، المتفاقمة لدى خريجات وخريجي الجامعات بشكل خاص، بآليات تختلف عن البحث عن وظيفة في القطاعين العام والخاص؛ ومن بينها، أيضاً، تعزيز السمات الاجتماعية الكامنة في متانة النسيج الاجتماعي، وتعاضد أعضاء المجتمع وتكافلهم التي طالما كانت مكان اعتزاز لدى الفلسطينيين؛ وإيجاد طرق تعاونية تشاركية لتوفير الموارد الضرورية لتطوير المشاريع الإبداعية؛ والحفاظ على الطبقة الوسطى؛ وتعزيز المشاركة المدنية. أما التعاونيات الزراعية، فتكسب أهمية مضافة من حيث مساهمتها في الحفاظ على الأرض، وتحدي المشروع الاستعماري، والسير باتجاه السيادة على الغذاء.

ولما كان التعليم العالي، بطبيعته، استثماراً طويل الأمد، سواء من وجهة نظر مؤسسات التعليم العالي، أو الشباب المنخرطين في التعليم، ولا يتوقع أي من أطراف العملية التعليمية أن يحصد نتائج جهوده على المدى القصير، يصبح لزاماً الالتفات إلى الاستراتيجيات المتعلقة بالمستقبل المنظور وليس القريب. وفي هذا السياق، فإن اختزال الاهتمام بما هو موجود "في السوق" في الفترة الراهنة يعتبر تخلياً على مهمة التعليم العالي الذي يقع على عاتقة إعداد المستقبل. ولذلك، تكمن مهمتها في إنتاج المعرفة المناسبة لاحتياجات المجتمع، والوطن، والبشرية، ولا تقتصر على تدريب طلابها على الانخراط في المهام المصممة مسبقاً في سوق العمل، بل، أيضاً، على تصميم أدوار جديدة في رفد المجتمع باحتياجاته المختلفة.

إن تاريخ بلادنا حافل بالأزمات، وفي ربع القرن الأخير مرت البلاد بمجموعة من التغيرات وواجهت العديد من التحديات، اضطرت المؤسسات خلالها إلى بذل جل جهودها في إدارة الأزمات والتكيف مع الوقائع الجديدة والصعاب. في هذه الظروف، كانت مؤسسات التعليم العالي مضطرة إلى العمل وفق أساسين: الاستمرار في برامجها وتوجهاتها التاريخية، وتطوير برامجها وفق التحولات الجارية، وضمن الاتجاهات السائدة.

يشكل العمل والإنتاج أحد أهم التحديات الراهنة، وهما يشكلان كذلك عماد المستقبل. فالإنتاج ضروري للانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، وهو كذلك شرط لبناء الدولة، والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي يشكل أحد أعمدة التخلص من التبعية، وهو بذلك يشكل أداة مقاومة. وقد تطور العمل في فلسطين متركزاً على شكلين من أشكال تنظيمه بشكل أساسي، هما شكلا القطاعين العام والخاص، وتطورت سياسات في العقدين الأخيرين أعطت فرصاً تفضيلية لتطور القطاع الخاص الكبير، ونشأت حالة من تراجع الطبقة الوسطى، والزراعة، والعمل الحرفي.

لقد اتضح، من خلال بحث عكف عليه فريق في معهد مواطن، أن هناك شحّاً في استخدام نمط التنظيم التعاوني للعمل في فلسطين مقارنة بالمتوسط العالمي، حيث ينخرط في العمل التعاوني نحو 12% من السكان، و10% من العاملين فعلاً من قوة العمل على المستوى العالمي.[1]

ولذلك، نعتقد أن على الجامعات الفلسطينية، وباقي مؤسسات التعليم العالي، أن تولي اهتماماً خاصاً بهذا الجانب، وأن تطور أدوات لتشجيع خريجيها على أخذ هذا النمط بعين الاعتبار، حيث يسمح ذلك بتخفيف وطأة الطلب على العمل في القطاعين العام والخاص اللذان باتا غير قادرين على استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين.

ونعتقد أن على مؤسسات التعليم العالي أن تعمل في عدد من الاتجاهات من أجل تعزيز ثقافة العمل التعاوني لدى طلابها، وشحذ رغبتهم في الانخراط الذاتي في عملية الإنتاج ضمن الإطار التعاوني الذي يمتاز بالمشاركة وفقاً للأسس التي يتفق عليها المنخرطون فيه، ويمكنهم من المساهمة في توفير الموارد المادية والبشرية الضرورية لعملية الإنتاج بشكل تعاوني. كما أن الأبحاث تشير إلى وجود ميزة إضافية لهذا النمط التنظيمي للعمل تكمن في تعزيز المشاركة المدنية والتحلي بالمسؤولية، فهو نمط يتسم غالباً بأن المنخرطين فيه يجتمعون وفقاً لرغباتهم واهتماماتهم التي صمموها بأنفسهم، ويديرون أعمالهم بشكل جماعي، ويلعبون الأدوار التي يتفقون عليها.

غياب اهتمام طلاب الجامعات وخريجيها بالنموذج التعاوني

من أبرز ما توصلت إليه الدراسة فيما يخص الجامعات الفلسطينية غياب الاهتمام بالعمل التعاوني، فهناك عزوف من قبل الطلبة والخريجين الجدد عن هذا النموذج، وغياب الموضوع على مستوى المناهج الدراسية، والنشاطات غير المنهجية.

الظاهرة الأولى التي واجهت الباحثين كانت ارتباك مفهومي العمل التطوعي والعمل التعاوني لدى الطلبة والخريجين الجدد، فغالباً ما يتم الخلط بين مصطلحي "التطوع" و"التعاون"، واستخدامها كما لو كانا رديفين. وبينما يشترك الاثنان في هدف خدمة المجتمع، إلا أن العمل التطوعي هو عمل يقوم به الأفراد والمجموعات طواعية في خدمة المجتمع أو شريحة من شرائحه، ولكنه لا يشكل مصدراً للدخل أو باباً للرزق. أما العمل التعاوني فهو، على الرغم من أن الربح لا يشكل هدفاً رئيسياً فيه، لكنه يوفر الدخل. هو ليس عملاً خيرياً، ولكنه موجه حول توقير الخدمات من خلال بناء مؤسسة ذات ملكية مشتركة من الأشخاص الذين يتحدون لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة. تقوم التعاونيات على قيم تشمل المسؤولية الذاتية، والديمقراطية، والمساواة، والإنصاف، والتكافل، والمسؤولية الاجتماعية. وتقوم على العمل من أجل تلبية الاحتياجات بدلاً من رفع وتيرة الاستهلاك.

ولا تبدأ مشكلة الوعي بأهمية تنوع أشكال العمل وأشكال تنظيمه في الجامعة، بل إن من الواضح أن هناك إشكالية في التعليم المدرسي وفي الثقافة السائدة. فعلى الرغم من أن الفريق وجد إجماعاً ذا طابع رومانسي على أهمية الأرض ومكانتها في المجتمع الفلسطيني، فإنه وجد، أيضاً، شبه إجماع على العزوف عن العمل في الزراعة. لقد لاحظت إحدى المشاركات في ورش العمل التي نفذها فريق البحث أن "الإقبال على كليات الزراعة يكاد يكون صفراً على تخصصات الإنتاج النباتي والحيواني، بينما الإقبال كبير على تخصصات التغذية والتصنيع الغذائي، إلى درجة تشعر معها الجامعة أنها ربما تضطر في مرحلة معينة إلى إغلاق بعض الأقسام، وأن المجتمع لا يساعد حين لا يشجع أبناءه على دراسة الزراعة، لأنه يعتبرها مهنة غير مجدية، بخلاف التصورات عن مهن التجارة والطب وغيرها".[2]

بالنسبة للتخصصات، توجد أربع جامعات فقط توفر تخصصات مباشرة في الزراعة؛ جامعة فلسطين التقنية "خضوري"، وجامعة الخليل، وجامعة النجاح، وجامعة القدس المفتوحة. بينما توفر جامعتان فقط تخصصات مرتبطة بالزراعة بشكل غير مباشر هما جامعة بيرزيت والجامعة العربية الأمريكية. أما في باقي جامعات الضفة الغربية، فلا يوجد أي تخصصات لها علاقة بالزراعة أو التعاونيات أو العمل التعاوني.

أما على مستوى المساقات، فإن أغلب الجامعات لديها مساقات مرتبطة بالزراعة، إلا أن هناك غياباً واضحاً لمساقات حول العمل التعاوني. فعلى سبيل المثال، يوجد مساق واحد اختياري فقط في جامعة فلسطين التنقية تحت مسمى "مساق التعاون الزراعي"، ومساق آخر في جامعة النجاح تحت مسمى "اقتصاد التعاون" ضمن تخصص الاقتصاد، ومساق واحد في جامعة القدس المفتوحة تحت مسمى "تنظيم التعاونيات" ومساق إجباري آخر في جامعة بيت لحم تحت مسمى "العمل الاجتماعي والتعاوني". دوناً عن ذلك، لا تقدم الجامعات الأخرى أي مساقات عن التعاونيات.

واستناداً إلى المقابلات التي أجريناها في هذا المشروع، فمن المهم ملاحظة أن العديد من المساقات التي يمكن أن تتناول موضوع العمل التعاوني - مثل مساقات الاقتصاد - تعتمد إلى حد كبير على خلفية الأستاذ/ة الفكرية، وبالأساس رغبته/ا في تقديم هذه الإضافة على المنهاج. من المهم الإشارة أيضاً، إلى أن الجامعات التي توفر مساقات لها علاقة بالقطاع التعاوني والزراعي، تطرح هذه المساقات أو التخصصات ضمن رؤية تكمن حصرياً في الشراكة مع القطاع الخاص.

الإطار التربوي الجذري هو الذي يفي بالتحديات التي تواجه فلسطين والبشرية من خلال ترسيخ المسيرة التعليمية في سياسات الإنتاج والعمل الجماعي بدلاً من التوزيع والاستهلاك والفردانية. يجب أن تكون سياسة التعليم العالي واضحة، وهذا يتطلب إعادة تنظيم وفهماً للعمل الفكري والجسدي، بدلاً من تقسيمه لثنائيات. الهدف من التعليم العالي ليس إنتاج طالبين للعمل المأجور، بل تمكينهم من العمل المنتج، بما في ذلك تطوير أشكال إضافية لتنظيم العمل، وإبداع طرق مختلفة للإنتاج.

إدماج العمل التعاوني في مؤسسات التعليم العالي

تقوم برامج التعليم التعاوني بالمساهمة في سد الفجوة بين النظرية والتطبيق في التعليم، والوفاء بالتطورات الجديدة في مجال الاحتياجات الإنتاجية، وجعل التعليم الجامعي في متناول أعداد متزايدة من الطلاب. وتعتبر برامج التعليم التعاوني طريقة لاستكمال التعلم في الفصول الدراسية من خلال الخبرة العملية في الميدان، وفرصة للحصول على أقصى قدر من المحتوى التعليمي من بيئته الإنتاجية، وفهم العامل البشري في الإنتاج، واكتساب قيم اقتصادية ومجتمعية ووطنية. إضافة إلى ذلك، يمكن للتعليم التعاوني أن يساهم في دعم الحركة التعاونية من خلال توفير المعرفة والتدريب لأعضاء التعاونيات.

يمكن اختزال التعليم التعاوني في الجامعة إلى بعدين أساسين هما منهج دراسي متكامل، والتعلم المستمر المستمد من الخبرة العملية من خلال العمل في تعاونيات، والمشاركة في إنشائها. ويشير هذان المكونان إلى ضرورة وضع رؤية جامعية ومنهج دراسي يدمج احتياجات الإنتاج مع المتطلبات الأكاديمية، وتصميم دقيق لعنصر العمل لضمان مساهمته في عملية التعلم التجريبي، وبناء قاعدة إنتاجية داعمة، وإنشاء هيكل يضمن ممارسات سليمة لرصد وتقييم الطلاب قبل تجربة العمل وأثناءها وبعدها.

يصبح الطالب هو الطالب العامل، حيث يكون دوره أكثر من مجرد "متعاون"، أو متعلم المهارات، بل مساهم نشط في عملية العمل في الجامعة، من خلال أخذ دور في عملية إنتاج المعرفة. ويتم التغلب على تقسيم العمل الفكري والجسدي من خلال الاعتراف بالتعليم بوصفه شكلاً من أشكال العمل المنتج نفسه. ومن خلال الكشف عن المبدأ المنظم لإنتاج المعرفة، تصبح الجامعة ترتكز على إنتاجية طلابها. يبدأ التعليم من تجربة الطالب في سياق اجتماعي معين، يعلم الطلاب أنفسهم بدلاً من الاغتراب المرافق لعملية الإنتاج المعرفي الحالية. وفي هذا الإطار التربوي، فإن العمل التعاوني في الجامعة يعني اكتشاف طريقة لممارسة العمل المباشر غير المغترب وغير المجرد. هذا يدخل في صلب الجامعة وجوهرها، ويكمن في اكتشاف وتطوير شكل جديد من العلاقات الاجتماعية.

ميزات القطاع التعاوني

تقدم التعاونيات المالية مثل الاتحادات الائتمانية تمويلاً مستداماً للأشخاص المستبعدين من النظام المصرفي التقليدي، وذلك لأن التعاونيات تدار من قبل الناس ومن أجلهم على المستوى المجتمعي، ولأنهم يقرضون بحذر، تقدم الاتحادات الائتمانية نهجاً آمناً للمدخرات والأعباء المالية. إضافة إلى ذلك، تنشئ البنوك التعاونية حواجز لمواجهة التقلبات الاقتصادية الدورية. وفي حالة حدوث أزمة، تقلل البنوك احتمالية أن يقع الأعضاء في الديون. نظراً لأن التعاونيات تدار من قبل المجتمع ومن أجله، يتم تناقل الخبرات المكتسبة وتطويرها وإعادة إنتاجها. إضافة إلى ذلك، تبقى الأرباح في الاقتصاد المحلي، ويتم استثمارها في التعاونية أو في المنطقة المحلية.

إن النموذج التعاوني يساهم في بناء مجتمع ديمقراطي منخرط مدنياً. فالديمقراطية في التعاونية تسمح بأن يكون المرء حراً في الحياة الاقتصادية، من خلال توفير سيادة مشتركة للحياة. كمنظمات منفتحة وديمقراطية، تعمل التعاونيات على تعزيز المساواة بين الجنسين، وهذا يظهر في مشاركة النساء في التعاونيات من خلال العمل في تعاونيات أو إنشائها.

لقد أثبت النموذج فعاليته في خلق وظائف مستدامة وكريمة والحفاظ عليها، وتوليد الثروة وتحسين نوعية حياة العاملين، وتعزيز التنمية الاقتصادية المجتمعية والمحلية، وبخاصة بالنسبة للأشخاص الذين يفتقرون لخيارات عمل مستدامة. إضافة إلى ذلك، أثبت النموذج قدرته على الاستدامة والريادية بشكل أعلى من الأعمال الريادية الأخرى، وترجع هذه المرونة إلى كيفية مشاركة الأعضاء في المخاطر والمكافآت فيما بينهم.

التعاونيات الزراعية ... نموذجاً

يشهد العالم أزمات غذائية متتالية، وارتفاعاً حاداً في الأسعار، وفقداناً للتنوع البيولوجي، وأمراضاً، وتلوث المياه والهواء، والاحترار العالمي، ونضوب الموارد. وعلاوة على ذلك، كشف تفشي وباء "كوفيد-19" عن أوجه الضعف في النظم الصحية والغذائية العالمية، وأثبتت الأزمة الاقتصادية التي تلت ذلك مرة أخرى أننا بحاجة إلى إحداث تغيير عميق يدخل تحولاً هيكلياً في نظم الأغذية الزراعية.

يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على الإنتاج الغذائي الفلسطيني لمنع أي محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وتكشف تقارير عدة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عن أن معظم المنشآت والأراضي التي يستهدفها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، تدعم سبل العيش في الزراعة والرعي والتجارة. وعلى الرغم من جميع برامج المساعدات الغذائية في فلسطين، أفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في العام 2018، أن انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية وقطاع غزة آخذ في الازدياد، ما يؤثر على ثلث السكان الفلسطينيين. إضافة إلى ذلك، ساهم إهمال السلطة الفلسطينية لقطاع الزراعة بشكل عام، وإهمال مشاريع التعاونيات، في عزوف العديد من الخريجين عن التوجه إلى العمل والتعليم الزراعيين، لأن العائدات المالية غير مجدية بإطارها الحالي، الأمر الذي ساهم في ظهور نظرة سلبية للزراعة والعمل الزراعي.

غير أن التعاونيات الزراعية تقوم على مفهوم السيادة الغذائية التي تؤكد على الإنتاج والتوزيع والاستهلاك الملائمين إيكولوجياً، والعدالة الاجتماعية - الاقتصادية، وتعزيز النظم الغذائية المحلية كطريقة لمعالجة الجوع والفقر، وضمان السيادة الغذائية المستدامة. وتؤكد السيادة الغذائية أن الغذاء ليس حقاً أساسياً من حقوق الإنسان فحسب، بل يحمل، أيضاً، دلالات أخلاقية سياسية اجتماعية.

يمكن للتعاونيات أن تشكل طريقة بديلة لطريقة الإنتاج والاستهلاك في سياق عولمة الربح والاستبعاد والانخفاض في موارد رأس المال الاجتماعي. تنتج التعاونيات أكثر من 75% من منتجات التجارة العادلة حول العالم، وذلك لأنها تنطوي على نهج أكثر مباشرة من أسفل إلى أعلى لصنع القرار الاقتصادي مساهمةً في إتاحة إمكانية الوصول إلى الأسواق من قبل المنتجين المحليين، ولذلك تعزز التنمية الاقتصادية المحلية في المناطق الريفية. وبالتالي، فإن التعاونيات الزراعية تساعد في الحد من الفقر، لأنها تعمل من خلال منطق السيادة الغذائية داخل المجتمعات، عن طريق تحويل التركيز على إنتاج الغذاء من التجارة الحرة والإنتاج الصناعي الذي يقوده التصدير إلى الإنتاج الديمقراطي الذي يحدث مشاركة مجتمعية تعاونية واسعة القاعدة والتنمية، وبالتالي تقوية العلاقة بين المزارعين والأرض وتعزيز صمودهم.

توصيات سياساتية

يجب أن تلتفت الجامعات إلى تنمية القطاع التعاوني الفلسطيني من خلال:

  1. تعزيز الوعي بالفكر التعاوني في بيئتها الجامعية، وتصدير الطاقة الكامنة للتعاونيات لتتحول إلى مساقات تعليمية ضمن المناهج التدريسية في مؤسسات التعليم العالي.
  2. إعادة النظر في الخطط الدراسية، بحيث يحظى التعاون والعمل التعاوني وفلسفة التعاون بمكانة واضحة في الخطط الدراسية المختلفة، والعمل على طرح مساقات عامة ومساقات خاصة في التخصصات المختلفة؛ مثل مساقات اقتصاد تعاوني والمجتمع التعاوني في مختلف التخصصات التي يمكن تنظيم العمل في حقولها بشكل تعاوني.
  3. تنظيم ورشات تدريبية وإرشادية لأعضاء الهيئة التدريسية حول فلسفة وآليات تعليم النموذج التعاوني.
  4. دعم البحث العلمي في التخصصات كافة لمجال العمل التعاوني.
  5. إضافة تخصص فرعي في العمل التعاوني بحيث يتماشى مع التخصصات الرئيسية ذات العلاقة.
  6. أن تطور الجامعات أو تستضيف مبادرات لإنشاء تعاونيات جديدة والسماح والتشجيع على مبادرات حرة للطلاب لإنشاء تعاونيات داخل الجامعة وخارجها، من خلال إنشاء هيئة مركزية تقدم منحاً ومساندة للطلاب الراغبين في تنظيم عمل تعاوني.
  7. البدء في برامج تدريبية مع التعاونيات الموجودة بالفعل، حيث يكتسب الطلاب خبرة مباشرة ذات صلة بتخصصاتهم.

 

 المصادر

International Cooperative Alliance (ICA). n. d. "Facts and Figures." International Cooperative Alliance (ICA). Accessed 10 December 2020. https://www.ica.coop/en/cooperatives/facts-and-figures.

المجموعة البؤرية الخاصة بالأساتذة والباحثين الأكاديميين. عبر الفضاء الإلكتروني (5 تشرين الثاني/نوفمبر 2020)



[1] International Cooperative Alliance (ICA), "Facts and Figures," International Cooperative Alliance (ICA) (n. d.), accessed 10 December 2020,

https://www.ica.coop/en/cooperatives/facts-and-figures.

 

[2] المجموعة البؤرية الخاصة بالأساتذة والباحثين الأكاديميين (عبر الفضاء الإلكتروني: 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2020).