You are here

مؤتمر مواطن السنوي الثامن والعشرون "فاعلو التغيير المجتمعي: تضييق مساحات العمل واستراتيجيات الصمود"

Primary tabs

تاريخ المؤتمر/الندوة:
14 و 15 تشرين الأول/أكتوبر 2022

يعالج مؤتمر مواطن الثامن والعشرون قضية تضييق مساحات العمل على فاعلي التغيير المجتمعي، ومحاولات العمل واستراتيجيات الصمود، على الصعيد الفلسطيني خصوصاً، والصعيدين الإقليمي والعالمي عموماً.  إذ يسعى المؤتمر إلى تحليل وتأطير المفاهيم النظرية المرتبطة بمساحات العمل لفاعلي التغيير المجتمعي، وفعل التغيير الاجتماعي ضمن الحيز العام، من خلال تسليط الضوء على مساحات وأطر العمل المجتمعي في فلسطين، وآليات تعزيز استراتيجيات صموده، واستعراض ذلك من خلال قضايا عملية وحالات دراسية.

 

أما عناوين المنصات التي يمكن متابعة المؤتمر من خلالها في الفضاء الافتراضي فهي:

اليوتيوبhttps://www.youtube.com/MuwatinInstituteBirzeitUniversity ننصح بالاشتراك في القناة ليصلكم التذكير بالمؤتمر وأي تحديثات أخرى.

الفيسبوكhttps://www.facebook.com/MuwatinInstitute1

منصة زووم ( يجب التسجيل سابقا من خلال الرابط):

https://birzeit-edu.zoom.us/j/81619790681?pwd=SHBvM2FkSHJTcUdoKy8zLzVOUGVFQT09

 

ملاحظات مفاهيمية

لمؤتمر مواطن السنوي الثامن والعشرين

فاعلو التغيير المجتمعي: تضييق مساحات العمل واستراتيجيات الصمود

المزمع عقده يومي الجمعة والسبت، 14 و15 تشرين الأول/أكتوبر 2022

بترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت وعبر الفضاء الافتراضي في الوقت ذاته

في ظل تغوّل النظام الرأسمالي والسياسات النيوليبرالية في العالم، وإحكام سيطرة المؤسسات الدولية على الدول، كالبنك الدولي وصندوق النقد، وسياسات الإقراض، وتصاعد الخطاب الشعبوي، وسيطرة الأحزاب اليمينية على حكومات العديد من الدول، وتطور أدوات الهيمنة ووسائل القمع والاستغلال الاقتصادي، وبالتالي تضييق المساحات على فاعلي التغيير المجتمعي، تأتي ضرورة الوقوف جدياً أمام واقع فاعلي التغيير في المجتمع، الساعين إلى إحداث التغييرات الجذرية، بعيداً عن انتشار قيم الفردانية واللاتنظيم، والتفكير في سبل واستراتيجيات الصمود والعمل للمؤسسات والأفراد والجماعات والحراكات والمجموعات المنظمة وغير المنظمة، وكل من يسعى إلى إحداث تغيير في المجتمع.

وعلى الصعيد العالمي، فإن جائحة كورونا وتجلياتها، كان لها أثر كبير على تضييق المساحات، سواء من خلال فرض قوانين الحظر والطوارئ، واستغلال هذا الظرف في بعض الدول لفرض مزيد من القمع والتضييقات، والتزايد في استخدام التكنولوجيا من أجل السيطرة والمراقبة وخلق حالة استثنائية تسودها حالة من الخوف والرعب، أو حتى على الأبعاد الشخصية للأفراد؛ إذ عززت الجائحة عزوف الأفراد عن المشاركة في المساحات العامة، والميل إلى العزلة الفردية، أو ضمن المجموعات الصغيرة.

وعلى الرغم من بروز قيم الفردانية وحالة التوجه النافي للسياسة (depoliticizationنلاحظ بروز العديد من محاولات التنظيم الجمعي في حراكات اجتماعية وسياسية ونقابية، ومنظمات ساعية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، وبخاصة حقوق الأجانب، واللاجئين والنازحين، في مقابل ازدياد قمع أجهزة الدولة، بمختلف الأشكال، كالقمع المباشر من خلال أجهزة الأمن، أو الاتجاه نحو فرض قوانين تقيد عمل المنظمات والجماعات والأحزاب والإعلام، إذ يصل التقييد أحياناً إلى حظر بعض الأجسام وتصنيفها كإرهابية أو معادية للسامية، إضافة إلى ظاهرة الإسلاموفوبيا، ويبرز هذا التوجه في عدد من الدول الأوروبية، التي تشهد صعوداً لليمين المتطرف في حكوماتها التي تجاهر بالعنصرية ضد الأجانب.  وفي دول أمريكا اللاتينية، نلاحظ نهوضاً للحراكات الاجتماعية والسياسية اليسارية المنظمة، والساعية إلى الدفاع عن الأرض والموارد الطبيعية، والبيئة، وحقوق السكان الأصليين، والمزارعين، والنساء، واللاجئين والنازحين، والمعتقلين السياسيين، على الرغم من ازدياد قمع أجهزة الدولة، وبخاصة في ظل توسع نفوذ وهيمنة المؤسسات الدولية والشركات العابرة للأوطان، والشركات الاستخراجية الهادفة إلى استغلال الموارد الطبيعية، إضافة إلى محاولات الولايات المتحدة الأمريكية المستمرة للسيطرة على عدد من دول أمريكا اللاتينية، ومحاصرتها اقتصادياً وسياسياً وحتى عسكرياً، وارتباط مصالح قوى محلية، وبخاصة النخب الحاكمة، بالحفاظ على الوضع القائم.

أما في الدول العربية، فنلاحظ الإشكاليات التاريخية والمتراكمة التي ظهرت على السطح بشكل أوضح بعد ثورات العام 2011، ومحاولات إعادة تشكل العالم العربي بقيادة القوى الرجعية بالتنسيق مع قوى عالمية حليفة، ومظاهر القمع الشاملة، وشيطنة حركات التحرر، وسفك المزيد من الدماء، وإجهاض أي محاولة للتغيير، وإرهاق الشعوب في البحث عن لقمة العيش والأمان في ظل ارتفاع معدلات الفقر والظروف الحياتية الصعبة، وبالتالي عزوفهم عن المشاركة في الحيز العام، والمبادرات، ومحاولات التنظيم المجتمعي والسياسي.

على صعيد فلسطين، نرى حالة من فقدان الرؤية والشرذمة والتقسيم والتفكك في العمل الجمعي، وضياع المشاريع الوطنية والاجتماعية والسياسية، وتبرز التضييقات والممارسات المتبعة من قبل السلطة؛ سواء على مستوى تقييد الحريات، أو الاعتقالات، أو حظر عدد من المنظمات والرقابة على عملها وإغلاقها، أو القرارات بقانون، إضافة إلى الرقابة المالية.  وتتسم الحالة منذ سنوات بسعي من قبل السياسات المحلية والدولية إلى تكبيل الشعب بسلاسل الدَّين، والاستهلاك، وغياب الأمن، وغياب الضمان الاجتماعي وشبكات الحماية الاجتماعية، ذلك إلى جانب تجليات الحالة الاستعمارية التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعين عاماً، والأدوات المتجددة والمتطورة التي يستخدمها الاستعمار في كبح جماح النضال الفلسطيني، وإحباط أي محاولات ومبادرات للتنظيم والعمل الجمعي، والسعي الدائم إلى وصم المنظمات والأجسام الفلسطينية بالإرهابية.

لا يهدف المؤتمر إلى إيجاد الإجابات والحلول السحرية، بل المساهمة في فتح نقاش حول عدد من القضايا والمفاهيم والأسئلة، ومن هنا نرى شرعية وضرورة التساؤل حول كلٍّ مما يلي:

هل التنظيم المجتمعي والسياسي لا يزال ممكناً في ظل سياسات الإقراض على الصعيد الفردي وعلى صعيد الدول التي تم إرهاقها بالديون؟ هل التغيير لا يزال ممكناً في ظل سيطرة القيم الفردانية والسياسات النيوليبرالية المحلية والدولية المتبعة؟ هل يأتي دور فاعلي التغيير المجتمعي ضمن إعادة إنتاج وتعميم فكر الطبقة المسيطرة وقيمها؟ هل الحياد والاستقلالية لفاعلي التغيير المجتمعي ممكن؟ هل تعمل السلطة على خلق مؤسسات وأجسام لتحلّ مكانها في محاولة لصياغة دور فاعلي التغيير المجتمعي ضمن الحدود المسموحة التي لا تمس جوهر وجود السلطة؟ ما هي حدود عمل فاعلي التغيير المجتمعي في ظل سيطرة القطاع الخاص على الحيز العام؟ هل أصبح فاعلو التغيير المجتمعي في مواجهة ليس مع السلطة والنخب الحاكمة فحسب، بل مع رأس المال والشركات الخاصة والعابرة للأوطان كذلك؟ هل تمت صياغة مساحات التغيير في إطار الإصلاح والدور الخدمي المجتمعي؟ هل تفتيت قضايا المجتمع وخلق أجسام قطاعية يساهم في تفتيته وإضعاف مؤسساته وحراكاته ومحاولات التنظيم المجتمعي؟ ما هو أثر تطبيع الحكومات العربية على فاعلي التغيير المجتمعي والحراكات الاجتماعية والسياسية؟

 

محاور المؤتمر:

سيناقش مؤتمر مواطن السنوي الثامن والعشرون هذه القضايا، بالتركيز على مساحات العمل لفاعلي التغيير المجتمعي، وفعل التغيير الاجتماعي ضمن الحيز العام.  وسيعرض المؤتمر هذه القضايا ضمن أربعة محاور:

 

المحور الأول: تأطير نظري ونقاش حول عدد من المفاهيم، منها: مساحات العمل، التغيير الاجتماعي، العمل الفردي والعمل الجمعي، الحيز العام، تأثير جائحة كورونا على الفضاء المدني المتقلص، حالة الميوعة وعدم الوضوح التي نعاني منها في المجتمعات العربية فيما يتعلق بالفصل والحدود بين السلطة والمجتمع والدولة والنظام والحكومة والحراكات الاجتماعية والسياسية، وما يحدث من قمع سلطوي في الأنظمة الديكتاتورية تحت مبدأ "حماية سيادة الدولة"، ومبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول"، أي قمع الحريات ومساحات العمل المجتمعي.

المحور الثاني: فاعلو التغيير المجتمعي في فلسطين، بين تضييق السلطة، والقطاع الخاص، والاحتلال، والممول الأجنبي.  يتطرق هذا المحور إلى نقاش الحالة الفلسطينية، على وجه الخصوص، والتضييقات التي يعاني منها فاعلو التغيير المجتمعي؛ سواء أكانوا العاملين في المؤسسات غير الحكومية، أم الحراكات الطلابية والشبابية والاجتماعية والسياسية، والأحزاب السياسية، والنقابات العمالية والمهنية، والتعاونيات، ومختلف أشكال المبادرات الساعية إلى التغيير.

المحور الثالث: تضييق مساحات العمل على فاعلي التغيير المجتمعي إقليمياً وعالمياً، وفهم فلسطين ضمن هذا الإطار.  يناقش هذا المحور التهديدات والقمع والاعتقالات ومحاولات الاغتيال التي يتعرض لها فاعلو التغيير المجتمعي، كالمدافعين عن حقوق الإنسان، والناشطين في الحراكات الاجتماعية والسياسية، والعاملين في منظمات المجتمع المدني.  ربما تتضح هذه الصورة أكثر في مناطق خارج فلسطين، سواء أكانت دولاً عربية أم غير عربية؛ في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا، والأمثلة عديدة.  كما يسعى هذا المحور إلى المساهمة في فهم تأثير سيطرة المؤسسات الدولية والشركات العابرة للأوطان على العديد من الدول، وبالتالي ترويضها وتقييد حدود وإمكانيات استقلالها، إلى جانب السياسات النيوليبرالية وتصاعد الحكومات الشعبوية في الوقت ذاته، وارتباط ذلك بمساحات العمل الجماعي لفاعلي التغيير.

المحور الرابع: استراتيجيات الصمود والعمل لفاعلي التغيير المجتمعي.  يسعى هذا المحور إلى التفكير في أدوات الصمود لفاعلي التغيير المجتمعي، وتعزيز استراتيجياته، والبحث في أساليب تنظيم العمل، وإمكانيات التفكير في البدائل فيما يتعلق بوسائل الإعلام البديل، والتمويل، والعمل الجماعي المنظم، والتضامن بين أطراف المنظمات والحراكات والأفراد المجتمعية والسياسية.

 

 

مؤتمر مواطن السنوي الثامن والعشرون

فاعلو التغيير المجتمعي: تضييق مساحات العمل واستراتيجيات الصمود

14 و15 تشرين الأول/أكتوبر 2022

ملخصات المداخلات (مسودة قيد التدقيق)

مضر قسيس

الثورة المضادة تستبق الثورة: استلاب الحيز العام، واستيطانه، والنزوح عنه

الحيز العام مفهوم مجرد لا يشير إلى شيء ملموس، بل إلى مجموعة تفاعلات نطلق على النطاق الذي تحدث فيه اسم الحيز العام. التفاعلات التي ترسم حدود الحيز العام تمتاز بكونها ذاتها الآلية التي يتم من خلالها تشكيل طبيعة العلاقات غير الحميمية بين الناس، وشروطها، وقواعدها، وأصولها. ومن ضمن هذه الشروط، تلك المتعلقة بالنظام السياسي وعلاقات الإنتاج، وكل ما من شأنه تحديد معالم الحقبة التاريخية في مجتمع ما. ولذلك، فإن الصراعات الاجتماعية بشأن تغيير الواقع أو الحفاظ عليه وتعزيزه، وبشأن اتجاه تغييره، هي، بالضرورة، صراع حول الحيز العام. ولذلك، فإن عمليات تضييق واستلاب الحيز العام، هي أدوات القوى الاجتماعية الرجعية والمحافظة، المستفيدة من الوضع الراهن، وتعمل على قمع محاولات التغيير بشتى الطرق. وتتنوع تقنيات قمع التغيير حسب طبيعتها ووقت استخدامها، فهناك التعقيم، والإجهاض، والتشويه، والخنق، والتغريب، والإحلال، والاستيطان، والمصادرة، وكلها موجهة نحو أحد ثلاثة أمور: الأول، هو منع نشوء فعل التغيير، مثل كبح الإرادة عن طريق التأطير الفكري (الأيديولوجي)، أو إنشاء الوعي الزائف وتحويل القضايا العامة إلى قضايا حميمية تكون معالجتها في حيز خاص؛ والثاني، هو إعادة توجيه فعل التغيير نحو هدف آخر، مثل الشعبوية أو اختزال الاعتراض السياسي بنقاش السياسات؛ والثالث، هو القيام بفعل مضاد لفعل التغيير عن طريق القمع، والمصادرة، والطرد، والإبعاد، والنفي، والسجن، وما إلى ذلك.

ولما كان كل فعل تغيير يعيد تشكيل الحيز العام، فإن اتساع الحيز العام هو الدلالة على أثر الفعل. وعلى الرغم من أن توسيع الحيز العام لا يعني بالضرورة تغييره، فإن توسيعه، بشكل مستمر، يحدث تغييراً مطرداً في مقومات نجاح أفعال التغيير. هذا هو السبب الذي يجعل الصراع بشأن الحيز العام قضية بغض النظر عن موضوع الصراع. وتشكل قضية الحيز العام السبب في تمكيننا من النضال دفاعاً عن الحيز العام على الرغم من غيابه العيني، وذلك لأن الحيز العيني لسيرورة كل فعل يشكل عنصراً مشكلاً للحيز العام. هكذا تكون أشكال التغيير تراكمية إذا توالت في اتجاه محدد، حتى وإن تعلقت بمواضيع مختلفة.  التعلّم، والنضال الوطني، والنضال النقابي، والنضال النسوي، كلها وغيرها أفعال تغيير تُحررُ الحيز العام، وتدرأ عنه سالبيه، والساعين إلى احتكاره.

رلى أبي حبيب

ثوّار بلا ثورة

"أنا لا أمثل إلا نفسي" هي جملة رددها الكثير من "الثوّار" في الفترة الأولى من الانتفاضة الشعبية التي بدأت في لبنان في تشرين الأول 2019.  غياب التنسيق والقيادة ترافق مع شعارات كبيرة ما لبثت أن شتّتت المحتجين ثم تلاشت (إسقاط النظام، إسقاط المنظومة، تبديل كل الطبقة السياسية، كلن يعني كلن، إسقاط النظام الأبوي، إسقاط حكم المصرف، وإلغاء الطائفية (السياسية؟)).  وصل بعض ممثلي الثورة إلى مجلس النواب، وما زالت المعضلة هي ذاتها: مع من ينسّقون، مع من يجتمعون، أليسوا محكومين "بالتعامل" مع بعض من الطبقة التي أرادوا إسقاطها؟ أليست عبارة "التعامل على القطعة" التي يستعملها النواب "التغييريون" تعبيراً عن ضيق مساحة التغيير الفعلي؟

أين هم المحتجّون اليوم؟ بعد انفجار المرفأ ومع تحليق الدولار الأميركي (أو انهيار العملة المحلية)، وانقطاع الخبز والدواء لا نسمع صوتاً في الطرقات.  يكاد النقاش ينحصر في مسألة حزب الله، و"الاحتلال الإيراني"، والنازحين السوريين، والغاز، وترسيم الحدود البحرية.  أمام هذا المشهد، من المهم أن نحاول أن نفهم لماذا تأخرت المطالبة بالتغيير في لبنان؟ ما الذي دفع الأفراد والجماعات إلى التحرك في ذلك التاريخ بالذات؟

المداخلة تجادل أن تقلّص مساحات التغيير الناتج عامة من سياسات القمع، نابع، أيضاً، من تناقضات الثورة (الغائبة) وعدم قدرتها على تحديد الأولويات.

أحمد اللحام

اللاتسييس: انكماش الفعل مع انكماش الحيز لكبح فواعل التغيير الاجتماعي

تسعى هذه الورقة إلى تعميق النقاش حول تقنيات هيمنة النظم النيوليبرالية على عملية إعادة الإنتاج الاجتماعي؛ مثل استلاب الحيز العام، وتقلّص المساحة المتاحة أمام الفواعل المجتمعية المختلفة، والترويج لما عرف بـ"الطريق الثالث"، ومنهج "اللاتسييس" (De-politicization) المرافق له.  تعمل هذه التقنيات مجتمعةً على كبح إحداث التغيير الاجتماعي الذي بات ملحّاً، في الوقت الذي يتعمّق فيه تغول الفواعل النيوليبرالية مثل الشركات وغيرها.  تختص هذه الورقة بنقاش اللاتسييس باعتباره إحدى أهم أدوات النظم النيوليبرالية الموجهة لكبح المشاركة السياسية الفاعلة، وأثر ذلك على فرص تشكّل قوى وفواعل سياسية جديدة، قادرة، أولاً، على استعادة الحيز العام، ومن ثم استخدامه لإحداث التغيير الاجتماعي ذاته خارج الإطار النيوليبرالي المفروض.

يشهد عالمنا اليوم ما يشبه الإجماع على أننا نعيش في عصر "ما بعد السياسة"، حيث اختفت الأيديولوجيا واضمحل مع اختفائها الفرق بين اليمين واليسار لصالح نشوء طريق ثالث تتلخص خصائصه في الإدارة التقنية للمجتمعات، واختزال (احتكار) العمل السياسي فيما يجري ضمن مكونات المؤسسة السياسية (establishment)، أو ما بات يطلق عليه "الدولة العميقة"، وأجهزتها، باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة بممارستها، وحصر إمكانية المشاركة السياسية في السياسيين المحترفين، والمؤسسات التمثيلية التابعة للدولة مثل البرلمان، ونزع التسييس (De-politicization) عن الاقتصاد والمجتمع، وهيمنة الدولة والشركات على الحيز العام، مقابل تقويضه كحيز أساسي لممارسة السياسة خارج أجهزة الدولة.

في هذا البعد الثالث ما بعد السياسي، يُصار إلى التعاطي مع التناقضات السياسية التي يترتب عليها ما هو اقتصادي واجتماعي، باعتبارها إجراءات ومعضلات سياساتية يقوم خبراء التكنوقراط بعلاجها ضمن إطار العمل النيوليبرالي غير القابل للمساءلة أو المسّ أو الطعن، وهو ما يجعل من الأطروحات والتدخلات والمعالجات الاقتصادية والاجتماعية محددة السقف والأفق مسبقاً، إذ ليس بإمكانها التشكيك في إطار العمل النيوليبرالي المهيمن أو بالسوق الحرة.

تشكل شعارات "انتهاء الأيديولوجيات"، و"نهاية التاريخ"، و"الطريق الثالث" عناوين لانتهاج وتطبيق حركة/سياسة واسعة وممنهجة من عملية نزع التسييس عن المجتمع، وتفكيك بناه السياسية والمنظمة.  وجاء استخدام هذا المنهج باعتباره إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها النظم النيوليبرالية لكبح فواعل التغيير الاجتماعي، ومنعها من إحداث، أو حتى تخيّل، أي تغيير اجتماعي من خارج أنظمة الدولة.

جويدة منصور

امرأة تنهض كصانعة تغيير مجتمعي في جنين: تحديات وآفاق

يستخدم التراث الثقافي، كمحرك اجتماعي-اقتصادي على نطاق واسع، كمنشئ للوظائف والإيرادات، ووسيلة لصنع استراتيجيات القضاء على الفقر، وأداة لتنمية المجتمع وصموده في البلدان النامية، بما في ذلك فلسطين.  في ظل الظروف الحالية من عدم اليقين، وانعدام الأمن، والاحتلال، يحاول المجتمع الفلسطيني إثبات صموده.  الصمود ليس مجرد مفهوم اجتماعي-جيوسياسي، بل إنه ينطوي، أيضاً، على عمل جماعي للنجاة في ظل الاحتلال، والشدائد المزمنة، والموارد المحدودة، والبنية التحتية غير الملائمة.  تبحث الدراسة، التي أجريت بين العامين 2019 و2021، في الاستخدامات الكثيرة للتراث الفلسطيني من قبل مختلف مؤسسات المجتمع المدني الوطنية والدولية في برامج التنمية المجتمعية، التي تستهدف، في الغالب، النساء والشباب المهمّشين.  تركز الدراسة على عمل جمعيتين قاعديتين تم اختيارهما ومراكز نسوية في محافظة جنين أسستها "نساء من أجل النساء".  تهدف الدراسة إلى استكشاف التحديات والقيود التي تواجهها هؤلاء النساء أثناء سعيهن إلى تمكين النساء والفتيات في المنطقة الأقل جاذبية في الضفة الغربية للجهات المانحة والفاعلة في مجال التنمية.  وتبحث في الطرق التي تفاوضت بها هؤلاء النساء على علاقات القوة للحفاظ على عملهن، لا سيما مع محدودية التمويل والدعم الحكومي.  علاوة على ذلك، تستكشف الدراسة التعاون وأدوات الصمود التي طورنها للتعامل مع التجارب المؤلمة (على سبيل المثال، الهجوم الإسرائيلي المستمر على مخيم جنين، وبلدات أخرى في محافظة جنين) والهشاشة الاقتصادية.

إبراهيم ربايعة

الفوضى المشتبكة مقابل الطبقة المسيطرة: السيطرة الاستعمارية ومقاومتها في جنين

في العام 2008، زارت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس مدينة جنين، في سياق دعم الإدارة الأميركية للحراك السياسي الذي نشط في تلك الفترة، وقالت إن ما شهدته المدينة في العام 2002 كان مريعاً، وستصبح نموذجاً للسلام.  واكب تلك الزيارة وتلاها، برنامج معمق لإعادة بناء السياقين الاقتصادي والسياسي الفلسطينيين، على قواعد جديدة؛ على قواعد نيوليبرالية، ضمن برنامج الإصلاح وبناء المؤسسات، الذي تبنته حكومات رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض المتعاقبة (2008-2013)، وخصص لجنين حملة "لفرض سيادة القانون وتحقيق الازدهار" سمّيت حملة "البسمة والأمل".

بالتوازي، أعدت إسرائيل خارطتها لإعادة تصميم الفضاء الاجتماعي الفلسطيني في جنين، بما يخدم سيطرتها، وكان من أهم مكونات هذه الخارطة توليد تكوينات اجتماعية، تشمل رجال أعمال وعمالاً وتجاراً محليين، مرتبطة مصلحياً بالاستقرار والهدوء، وقد كونت طبقة مسيطرة اقتصادياً على المدينة، ومستفيدة من توسيع منظومة "التسهيلات".  ومع توسع هذه الطبقة وتعمق ارتباط مصالحها بالهدوء، والمعبر، بدأ شكل المدينة يتحول إلى شكل "عصري"، من حيث المباني وأنماط الاستهلاك، لكن، وعلى أطراف المدينة، بقي المخيم مساحة عصية على التحول، ما دفع "الإدارة المدنية" في العام 2020، إلى إطلاق حملة لـ "رفع المنع الأمني"، وضمان انخراط أبناء المخيم في منظومة "التسهيلات"، لكن ذلك لم يمنع توالي الاشتباكات بين المخيم والاحتلال من جهة، وبين المخيم والسلطة من جهة أخرى، كما حدث مع اعتقال نجل الأسير زكريا الزبيدي في كانون الثاني/يناير 2022، ما دفع إلى وصف حالة المخيم بالفوضى.

من هنا، تحاول هذه الورقة البحث في طبيعة العلاقة بين التكوينات الاجتماعية المذكورة، وبين المخيم في جنين كمساحة فوضى مشتبكة.  كما تتساءل الورقة حول أسباب عدم قدرة منظومة "التسهيلات" وما يرتبط بها من تكوينات اجتماعية، من جذب المخيم وتفكيك صموده، وفق ما يسميه أبناء المخيم.  ولهذا الغرض، تبحث الورقة في تحولات مفهوم الصمود لدى أبناء المخيم بين العامين 2002 و2022.

عصام يونس

فاعلو التغيير ومساحات العمل في قطاع غزة

يمكن القول إن دولة الأبارتهايد الكولونيالية قد نجحت، إلى حد كبير، في تفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية والسكان، وتعمل وفقاً لعقيدة عنصرية أمنية تهدف إلى تحويل الفلسطينيين من شعب إلى جماعات معزولة قسراً عن بعضها البعض، وتعيش كل منها همومها الخاصة التي يفرضها الاحتلال؛ القدس، وقطاع غزة، وشمال الضفة وجنوبها.  وإذا ما تأملنا في آليات السيطرة والتحكم التي فرضتها دولة الأبارتهايد الكولونيالي، نجد أنها تحكمت في أدق تفاصيل حياة السكان، وفرضت قسراً أجندة الفعل العام لمجتمع تعامل إلى حد كبير برد الفعل والتكيف مع كل المستجدات، ربما كوسيلة للبقاء وللصمود، ولكنها في جوهرها تثير سؤالاً تأسيسياً حول ما تترك من محكي فيه ومسكوت عنه في القدرة على التغيير وفي تعزيز الصمود؛ أي قدرة المجتمع بفاعليه على أخذ زمام المبادرة ووضع عناوين الأجندة اليومية، ما يجعل من غزة حالة متفردة، من بين أشياء عديدة، هو تعدد أصحاب الواجب وتعدد المسؤوليات، فغزة أرض محتلة، وجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودولة الأبارتهايد الكولونيالي هي الطرف الأساسي الذي يعمل على تحويل غزة إلى حالة إنسانية، والتعامل معها كذلك وليس كحالة سياسية، عبر ما تفرضه من حصار متواصل لخمسة عشر عاماً، وهو ليس عقاباً جماعياً فحسب، بل عملية منظمة من تخليف المنطقة (De-development)، وأخطر ما فيه إن له ديناميات عالية تخلق حقائق جديدة، وتعيد إنتاج وعي يبدو أنه أكثر محافظة وقدرية وانكفاء على الذات بحثاً عن حلول فردية في ظل غياب أي منظومة حقيقية للحماية. كما أن أطراف المسؤولية، إضافة إلى المجتمع الدولي، كأحد تلك الأطراف، هناك سلطتان منقسمتان، إحداهما سلطة أمر واقع، والأخرى سلطة تحظى بشرعية متآكلة.  إن الانقسام وأدواته ومفاعيله تساهم في تعزيز التفتيت والتجزئة، حيث يعيد إنتاج نفسه بشكل خطير في افتراق عن مقدماته، وبعد 15 عاماً فإن مياهاً كثيرة جرت في النهر، بحيث كرس الانقسام حقائق يبدو أحياناً أنه لا رجعة عنها، وغني عن القول إن انقسام 2007 هو ليس ذاته في نسخته الأحدث 2022، وهو ما يستوجب تأملاً وبحثاً عميقاً.  كل ذلك ساهم في تقليص الحيز العام والهوامش المتاحة أمام المواطنين والفاعلين بفعل تعدد تلك السلطات وتوظيفها النفعي السياسي لكل قضايا المجتمع.

إيميليو ضبيط

النشاط القانوني الفلسطيني: بين التحرر و"الرغبة" في إقامة دولة

تمتاز السياسة الفلسطينية المعاصرة بديناميكيات متناقضة؛ بينما نلاحظ ترسيخ النظام الاستعماري، وانقساماً في الحركة الوطنية، والتجزئة الإقليمية والمؤسسية، والاستبداد المتزايد، نلاحظ، أيضاً، اعتماداً متزايداً على القانون الدولي، ولغة سيادة القانون، والحكم الرشيد، وحقوق الإنسان.  تكمن المفارقة في أنه على الرغم من أن القانون يلعب دوراً مركزياً في تعزيز هذه الديناميكيات، فإن الفلسطينيين والجماعات الموالية لهم يترجمون، بشكل متزايد، مطالبهم السياسية إلى لغة قانونية كموقع رئيسي للسعي إلى تحقيق تحرر سياسي بعيد المنال.

تتناول هذه الورقة الحاجة الملحة للتعامل بجدية مع تحول الحركة الفلسطينية إلى القانون وعواقبه المحتملة على التحرر السياسي. إن الهدف من هذا التحليل ليس الدعوة إلى التخلي عن خطاب القانون والحقوق، بل الدخول في نقاش ضروري حول المفارقات والغموض والكمائن التي يقدمها القانون، بحيث لا تصبح "استراتيجيات التحرر" هي ذاتها "تقنيات الهيمنة" الفلسطينية.

ساندرا راتيفا، وبلاندين جشس، ولوس أنجيلا روخاس

الحركات الاجتماعية: قوة الشعب في كولومبيا

في أمريكا اللاتينية، أنشأت مجموعة متنوعة من المنظمات والتجمعات والمجموعات الاجتماعية الأخرى، بما في ذلك البلديات، طرقاً بديلة للبناء والحفاظ على الاقتصاد المحلي والحكم السياسي القائم على الديمقراطية المباشرة.  تعتبر الأراضي الزراعية الغذائية في كولومبيا، وما يسمونه كوموناس (comunas) في فنزويلا، والتعاونيات في أوروغواي، وبلديات السكان الأصليين في المكسيك، وغيرها، أمثلة على النضالات المستمرة لخلق الظروف المادية والرمزية لإعادة إنتاج الحياة.

ستقدم هذه الورقة التجربة الكولومبية في الزراعة الغذائية.  تعد هذه المبادرة نتاجاً لتاريخ طويل من النضالات من أجل الأرض، والمياه، والسيادة على الغذاء، واستعادة البذور المحلية، وفي النهاية الدفاع عن الأراضي.  إن التقاء نضالات السود والسكان الأصليين والفلاحين، وتبادلهم للتجارب مع المناطق الحضرية والأحياء الشعبية، قد خلق وعياً جماعياً حول مجموعة من المفاهيم: "الأراضي"؛ والعلاقة بين الناس والطبيعة والحياة والثقافة والموسيقى والفن والرقص والاقتصاد كتجربة جماعية معقدة وشاملة، والأراضي الزراعية الغذائية كحكم ذاتي للشعب الذي يسكن منطقة معينة، فيكون الشعب ملتزماً بحمايتها، بما في ذلك "الحراس" غير المسلحين، وما يشكلنه من فيلق حماية للمجتمع، للدفاع عن هذه الهيمنة المضادة في الممارسة العملية.

كل منطقة من الأراضي الزراعية الغذائية هي عملية اجتماعية ومجتمعية وسياسية للتنظيم الذاتي ضد التهديدات التاريخية مثل الاستعمار، والعنف شبه العسكري، وقمع الدولة، والمشاريع الضخمة (النفط والتعدين الأحادي الزراعة، ... إلخ).  الأراضي الزراعية الغذائية هي الترابط بين نموذج الاقتصاد المحلي والاستقلال السياسي لمواجهة الدولة والفرض العدواني لرأس المال في المناطق.

كاميلا فيجارا غونزاليس

"دستور جديد أو لا شيء" دروس من الثورة العامة في تشيلي

بعد أن كانت تشيلي، وهي إحدى أكثر الدول غير المتكافئة في العالم، الطفل المدلل للنيوليبرالية على مدار الثلاثة عقود الماضية، وتباهت بنموها الاقتصادي السريع واندماجها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، النادي الحصري المكون من 38 دولة متقدمة ذات الدخل المرتفع، استيقظت من خلال انتفاضة شعبية في 18 تشرين الأول 2019.  بعد أن ارتفع سعر تذكرة القطار في العاصمة سانتياغو، دعا طلاب المدارس إلى حملة عصيان ضخمة، حيث قفزوا على الأبواب الدوارة، وتهربوا من دفع التذاكر كنوع من المقاومة.  تصاعد هذا العمل المباشر إلى تعبئة جماهيرية في جميع أنحاء البلاد.  بعد ذلك، تبلورت المطالب المتنوعة للتحولات البنيوية التي كانت الحركات الاجتماعية تدفع بها لأكثر من عقد من الزمان، في أقدم مطلب منذ انتهاء ديكتاتورية بينوشيه في العام 1990؛ دستور جديد. 

ستعرض هذه الورقة العملية التأسيسية التي تبعت الانتفاضة الشعبية من منظور عام، من خلال تحليل نضال الشعب لصياغة القوانين الأساسية "من الأسفل" بشكل مستقل عن الدولة والأحزاب السياسية.  

تسلط الورقة الضوء على الدروس المستفادة من هذا الحدث التأسيسي المستمر من حيث ذخيرة الخلاف، والقمع المستخدم في العامين ونصف الماضيين، وحدود الآليات التشاركية التي يمكن أن يستخدمها الناس للتأثير على صياغة المعايير الدستورية، ووعود الدستور الجديد المتعلق بممارسة السلطة الشعبية المباشرة.

جورج جقمان

ليس دائماً تضييق المساحات، وإنما عدم فاعلية العمل على التغيير: الأسباب في الحالة الفلسطينية

صحيح أنه في "النظام" الفلسطيني القائم حالياً، سواء أكان في الضفة الغربية أم في قطاع غزة، مع اختلاف الحالة والقضايا، يوجد مسعى مستمر إلى تضييق مساحات الاحتجاج، والعمل من أجل التغيير والإصلاح، لكن هذا المسعى لم يمنع وجود مساحات جرى الإفادة منها لغرض الاحتجاج والتغيير في مناسبات مختلفة.  وهذه المساحات ما زالت موجودة، وجرى استغلالها في الكثير من الحالات في قضايا محددة، منها -على سبيل المثال لا الحصر- إضرابات المعلمين في الأعوام 2016 و2020 و2022، والحراك ضد الضمان الاجتماعي في العامين 2018 و2019، والاحتجاجات المختلفة التي طالبت بمحاسبة السؤولين عن قتل نزار بنات، ... وغيرها.  وتفاوتت النتائج من حراك إلى آخر، ولكن نظراً لتعدد القضايا التي فيها مطالب إصلاحية متنوعة، فإن النتائج من ناحية الإنجاز ضئيلة.  توجد أسباب عدة لذلك سيجري الإشارة إليها، غير أن الورقة ستركز على الآليات الضرورية لتحقيق نتائج، في قضايا محددة على الأقل، وأنواع التنظيم ونقاط الانطلاق الضرورية لذلك، وأسباب الفشل في الكثير من الحالات.

العربي صديقي

فكرة دمقرطة عبر أدوات لاديمقراطية: احتلال الحقل العام دستورياً

تضاف لاحقا.

دانا فراج

النقابة كحيز عام: النطاقان العام والمهني للعمل النقابي

شكلت الحركة النقابية والعمالية الفلسطينية، تاريخياً، عموداً فقرياً للعمل الوطني التحرري، وللتنظيم ولبناء نقابات عمالية ومهنية، تسهم في النضال الحقوقي، والاجتماعي، والاقتصادي، ومن أجل العدالة الاجتماعية، وفي اصطفافها وتكاملها مع باقي أجسام حركة التحرر الوطني وأطرها، وباقي مكونات المجتمع المدني.

وانطلاقاً من رؤية أن التنظيم النقابي الجماهيري أساسٌ لبناء عمل جماعي منظم، مع إدراك عدم تحول التنظيم النقابي إلى الشكل الوحيد لتنظيم المجتمع، وفي الوقت ذاته عدم طغيان شكل من أشكال التنظيم المجتمعي على آخر، وضمن فهم سقف العمل النقابي وحدوده، فإن النضال المطلبي يؤثر على النضال الوطني التحرري ويتأثر به، فنجد أن المصلحة الوطنية أوسع من مصلحة النضال النقابي في أغلب الأحيان، ويجب أن تطغى عليه.  ولكن، هل يعني ذلك أن على العاملين والنقابيين الذين يعانون من أشكال مختلفة من الاضطهاد أن يضعوا نضالاتهم في الخلف باسم النضال الوطني التحرري، وأنه لا إمكانية لتغيير واقعهم الراهن أو تخفيف معاناتهم إلا بعد التحرر من الاستعمار، والمباشرة بالثورة من أجل العدالة الاجتماعية؟ لا، بل تأتي النضالات اليومية والتراكمية والتكتيكية كجزء من النضال الاستراتيجي، لأن الحقوق الأساسية للإنسان لا يتم تقديمها بشكل طوعي، بل من خلال العمل الجماهيري والنضالات المتشابكة والموحدة.

في سياق العمل النقابي اليوم، وحالة التضامن بين النقابات، وتزامن النضالات النقابية وتشابكها، هل نحن أمام عودة العمل النقابي والجماعي المنظم؟ هل نهضة النقابات المحتملة تُبشّر بأمل لعودة التنظيم الجماعي، بمختلف أشكاله، وقادر على صياغة برامج وطنية، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية؟

تتناول المداخلة جزءاً من تحديات الواقع النقابي، وتضييق المساحات في النقابات باعتبارها الحيز العام للعاملين، ومسألة بناء التحالفات وتشابك النضالات، وكيفية بناء المطالب وتكوين الهوية الجماعية والمطلبية الواعية، وتأثرها بالسياق السياسي والمهيمن في المجتمع.

كوين دي فيتر

دور المجتمع المدني في معاهدات حقوق الإنسان العالمية

في نسان 2019، قامت مؤسسة الحق، وهي منظمة حقوقية غير حكومية مقرها رام الله، بتقديم وثيقة/تقرير للجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) لدعم معاهدة دولية جديدة بشأن الحق في التنمية.  ركز التقرير على أسباب أهمية هذه المعاهدة للشعوب المحتلة، وبخاصة في مجال الوصول إلى الثروات والموارد الطبيعية، التي يتم رفضها بشكل منهجي وروتيني في حالات الاحتلال العسكري المطول.  تتم، حالياً، صياغة المعاهدة الدولية حول الحق في التنمية في فريق العمل الحكومي الدولي المعني بالحق في التنمية التابع لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.

معاهدات حقوق الإنسان الدولية الجديدة لا تعكس وجهة نظر الدول (باعتبارها الجهات المسؤولة الرئيسية في قانون حقوق الإنسان) فحسب، بل، أيضاً، وجهات نظر الجهات الفاعلة التي تدافع عن أصحاب الحقوق.  المنظمات غير الحكومية قادرة على المشاركة في صياغة معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى حد ما، لا سيما إذا تم منحها صفة استشارية من قبل لجنة المجلس الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات غير الحكومية.  تُمنح الصفة الاستشارية نتيجة لعملية مسيّسة للغاية.  حتى المنظمات غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية (مثل مؤسسة الحق)، قد تجد أن ترتيبات الأمم المتحدة للمشاركة في الصياغة مقيدة بشكل مفرط.  وبالتالي، يبقى أن نرى إلى أي مدى يمكن للجهات الفاعلة في المجتمع ضمان استجابة قانون حقوق الإنسان لأشكال جديدة من الظلم على المستويين المحلي والدولي.  تدرس الورقة فيما إذا كانت المساحة المتاحة للمجتمع المدني للتأثير على صياغة معاهدات حقوق الإنسان العالمية آخذة في التقلص، مع أخذ صياغة المعاهدة بشأن الحق في التنمية مثالاً.

 

سحر فرنسيس

منظمات المجتمع المدني الفلسطيني بين تضييق الاحتلال، والسلطة، والممول

ملاحقة مؤسسات المجتمع المدني واستهدافها بشتى السبل، لم يكونا استراتيجية حديثة تستخدمها سلطات الاحتلال، ولم يكونا نتيجة لأحداث 11 أيلول في الولايات المتحدة وما تبعها من سياسات وقوانين ومعاهدات دولية بهدف محاربة الإرهاب.  فمنذ سنوات الاحتلال الأولى، حاربت سلطات الاحتلال الاتحادات والجمعيات، والأندية الثقافية والرياضية، والحركات الطلابية وغيرها، استناداً إلى أنظمة الطوارئ والأوامر العسكرية، وأعلنت عن مئات المؤسسات والجمعيات والأندية كمنظمات غير قانونية، وأغلقت مقارها وصادرت ممتلكاتها، وكانت هذه واحدة من أدوات الاحتلال للسيطرة والتحكم في نمو المجتمع الفلسطيني وتطوره، ونضاله ضد الاحتلال.

لم تتوقف هذه السياسة مع توقيع اتفاق أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية، بل على العكس، وبخاصة في مدينة القدس، حيث اشتدت الهجمة لتغلق عشرات المؤسسات الأهلية والحقوقية لفرض واقع سياسي أن القدس هي عاصمة دولة الاحتلال، ولن يكون للسلطة الفلسطينية أي سيطرة أو وجود في المدينة.  وتفاقمت هذه الهجمة في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد سن قانون منع الإرهاب في العام 2018، وتعديل الأوامر العسكرية بما يتماشى مع هذا القانون.  وطالت هذه الهجمة كل من دعا إلى فرض العقوبات وسحب الاستثمارات من دولة الاحتلال، ومن طالب بالمحاسبة بموجب القانون الدولي، أو ساهم في دعم صمود الشعب الفلسطيني ووفر له الخدمات الأساسية، وبخاصة في المناطق الأكثر استهدافاً ضمن خطة الضم.  ولمحاربة المجتمع المدني الفلسطيني، أنشأت حكومة الاحتلال وزارة التخطيط الاستراتيجي، ورصدت الملايين بهدف إخراس المؤسسات الفلسطينية.  وعلى الرغم من إلغاء هذه الوزارة مع حكومة التغيير في العام 2021، فإن وزير الحرب قام بإعلان ست مؤسسات فلسطينية منظمات إرهابية، ولاحقاً أغلقت مقرات هذه المؤسسات.

تضييق مساحات عمل المؤسسات الفلسطينية لم يقتصر على سياسات دولة الاحتلال، فمع الأسف كان للسلطة الفلسطينية، وبعض السياسات والقرارات التي صدرت عنها، نصيب في تقييد عمل المؤسسات الأهلية.  كذلك الأمر سياسات الممولين والداعمين، وبخاصة من خلال استخدام الشروط السياسية بحجة محاربة الإرهاب أو برامج العمل التي لا تتناسب وأولويات المجتمع الفلسطيني.  أثرت هذه السياسات على عمل المؤسسات وعلى علاقاتها، وسببت مزيداً من التشتت والتشرذم، فما هو المطلوب لمواجهة هذه التحديات؟ وهل من الممكن فعلاً التغلب عليها ومواصلة العمل لصنع التغيير؟

رائف زريق

تفنيد مفهوم معاداة السامية

منذ تبني التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، شنت إسرائيل هجوماً مخططاً واستراتيجياً على الأكاديميين الداعمين للقضية الفلسطينية، بوصفهم ووصف نشاطاتهم أنها معادية للسامية.  بالتعاون مع ألمانيا والولايات المتحدة، تقوم إسرائيل بترويج قرار للأمم المتحدة بتبني التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست.  تبني هذا القرار يعد تهديداً خطيراً للعدالة بخصوص القضية الفلسطينية.  ستقوم هذه الورقة بتقييم هذا التهديد، وبوضع بعض الأفكار لمقاومته وتحديه.

أنمار رفيدي

التنظيم والتأطير كآليات نجاح حركات الطبقة الوسطى الاجتماعية

بعد الخمول في الحراك المجتمعي والسياسي في السنوات اللاحقة للانتفاضة الشعبية للعام 1987، شهد الشارع الفلسطيني، وبتأثير من موجة حراكات الربيع العربي، مجموعة من المحاولات لنقل هذه التجربة إلى فلسطين.  يكثر الحديث في الأدبيات الحديثة حول الحراكات الشبابية والاجتماعية المعاصرة، وحول هشاشة هذه الحراكات من حيث التنظيم والرؤية، الأمر الذي أدى بحراكات مثل "15 آذار" إلى أن توصف بمفردات لا توحي بنجاحها على المستوى المطلبي أو القاعدي، وهذا ما يُجمع عليه باحثون من خلال إثارة قضايا مثل صياغة الخطاب السلبي، وافتقارها للخطة، وتحركها على أساس رد الفعل (هلال، 2013؛ خميس، 2013؛ عزم، 2019)، لكن وبعد اجتياح قرابة 15 ألف موظف شوارع مدينة رام الله، منادين بالضمان الاجتماعي لفترة تخطت الشهور العديدة على العكس من الحراكات السابقة، استدعى هذا المتغير التفكير في الكيفية التي تمكنت فيها حركة الضمان من النجاح على المستوى المطلبي، من خلال فرض التغييرات السياساتية، وإحداث تغيير قاعدي، من خلال حشد الآلاف لشهور طويلة.

تستعرض الورقة البحثية مجموعة من الآليات التي تمكَّن من خلالها الحراك المطالب بالضمان الاجتماعي من النجاح في التحشيد ليكون الحراك الأول في قدرته على الاستمرارية والتحشيد.  يستند التحليل، في هذه الورقة، إلى فصلين من أطروحتي التي قدمتها في جامعة أوكسفورد لنيل درجة الماجيستير حول تحشيد الطبقة الوسطى في حركة الضمان الاجتماعي، والفصلان يناقشان التنظيم الداخلي للحراك، وتأطير الحركة وخطابها، وكذلك ما يسمى في نظريات الحركات الاجتماعية "البنية السياسية"، الذي يشير إلى الكيفية التي تمكنت بها الحركة من استغلال البنية السياسية لصالحها، وتأطير نفسها بطريقة تضمن وصولها إلى الأفراد بشكل فعّال أكثر، الأمران اللذان كانا محاور مفصلية عند نقاش فشل الحراكات السابقة.  النقاش الحاصل في هذين المحورين، هو نتيجة مجموعة من المقابلات مع فاعلين في الحراك، وعبر تحليل خطاب الحركة وكذلك تحليل التأطير (Framing Analysis)، وتحليل أرشيف الحراك.  إنني افترض أن الاستعراض الذي سأقدمه في المداخلة سوف يوصلنا إلى استخلاصات ودروس في التنظيم الداخلي الناجح للحراك وآليات تأطير الحراك وخطابه في السياق السلطوي المُعاش بطريقة تجعل الحراك أكثر قدرة على حشد الأفراد.

بلال عوض سلامة

الفاعل الاجتماعي الفلسطيني: من الفعل المجزأ إلى الفعل التكاملي

تعد البنية المجتمعية عاملاً أساسياً في فهم وإدراك مديات وآفاق الفعل الاجتماعي وخطابه وأثره وتأثيره في الواقع العملي اليومي المعاش، والعكس صحيح بمفهوم بيير بورديو، ما يستدعي دراسة وتفكيك المتغيرات وأثرها على التحولات التي جرت بفعل الجماعات المهيمنة والقوى السياسية على الفعل الاجتماعي في السياق الفلسطيني على وجه الخصوص، والتي تتقاطع بصورة ما مع السياق العربي ضمن التحولات النيوليبرالية وخطابها المهيمن.

في هذا السياق، جرت عمليات ممنهجة ضمن الهندسة الاجتماعية للفعل الاجتماعي الفلسطيني، ومحاولة حصره ضمن حالة التطبيع المجتمعي في إطار الحياة اليومية ومتطلبات العيش اليومي، متزامنة مع حالة من اللامبالاة السياسية والتهميش التي تم فصلها ضمن الخطاب النيوليبرالي المهيمن في السياق الاستعماري الفلسطيني، وتفكيك البني الجمعوية الكبرى؛ من القيم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ممثلةً بالأحزاب السياسية والمؤسسات الوطنية والحراكات الجمعية، إلى المحاولة للنيل من القيم العائلية، التي لم تتم بمعزل عن العنف المباشر والرمزي من قبل الأنظمة السياسية والأمنية والمؤسسات المرتبطة بها.

دفعت هذه الإرهاصات الفاعلين الاجتماعيين إلى البحث عن الحلول والخلاص الفردي والعمل الاجتماعي المجزأ الذي يفتقد لرؤية تكاملية في فهم المشهد، والحلول الشاملة للخروج وإعادة المسار الصحيح لمعنى الفعل الاجتماعي في السياق الاستعماري، الذي يعد أهم شروط فعاليته هو العمل الموحد ضمن رؤية اجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية قادرة على تشكيل شروط المنعة المجتمعية لشعب يرزح تحت الشرط الاستعماري.  ومن هنا، تحاول الورقة الحالية إثارة النقاش حول أهمية وجود رؤية انعكاسية من الفعل الفردي للفعل الجمعوي كمتطلب أساسي للتحرر للشعب الفلسطيني، وناظم عمل للحراكات الشبابية والنسوية والاجتماعية والتنموية بشكل يكفل الكرامة الفردية والجمعية في الوقت نفسه.

رنا بركات

تغذية الحوار الجمعي: متحف جامعة بيرزيت وممارسات تفكيك الاستعمار

على مدار العقد الماضي، حظي إنهاء الاستعمار في المتاحف بصفتها مساحات وممارسات باهتمام سياسي وثقافي كبير.  في كثير من الأحيان، بالنظر إلى الطبيعة الاستعمارية للمتحف الحديث، أو حتى ممارسات التجميع، يدور إطار إنهاء الاستعمار في المقام الأول حول العودة الى الوطن والتعافي.  في حين أن هذه مخاوف واضحة في فلسطين، حيث إننا نرزح تحت غزو استعماري استيطاني مستمر، وكل ما يستتبعه من حيث العنف الوجودي اليومي، فضلاً عن سرقة الثقافة والاستيلاء عليها.  حاول متحف جامعة بيرزيت، على مدار الأشهر العديدة الماضية، طرح أسئلة حول ممارساتنا وطرقنا العملية.  تعالج هذه الورقة هذا الإحساس بالممارسة الراديكالية وتتساءل: كيف يمكننا إنهاء استعمار المتاحف الفلسطينية من خلال عمل متحف جامعة بيرزيت؟ كيف نتجاوز حدود الحفظ ونبقى ملتزمين بالحماية إضافة إلى الممارسة الثورية من حيث التبادل الثقافي والمعرفي؟ ستطرح الورقة هذه الأسئلة للنظر فيها، وستوضح كيف يمكن لمتحف جامعة بيرزيت أن يكون مكاناً عاماً يمكن أن يكون مصدراً مفيداً ضد التعدي النيوليبرالي ومعاداة الفكر المناهض للثورة.