You are here

مؤتمر مواطن السنوي التاسع والعشرون "التفكير الاستراتيجي في زمن الوحوش العملاقة وحروبها: مكانة الحق وآفاق التحرر"

Primary tabs

تاريخ المؤتمر/الندوة:
29 و30 تشرين الأول/أكتوبر 2024

دعوة

إلى مؤتمر مواطن السنوي التاسع والعشرين

"التفكير الاستراتيجي في زمن الوحوش العملاقة وحروبها: مكانة الحق وآفاق التحرر"

ترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت وعبر الفضاء الافتراضي في الوقت ذاته

29 و30 تشرين الأول/أكتوبر 2024

 

يسعى مؤتمر مواطن التاسع والعشرون إلى فهم القضية الفلسطينية في سياقها الأعم: العربي والعالمي، الذي ينظر إلى الاحتلال بصفته جزءاً من منظومة استعمارية عالمية لها وكلاؤها الذين يلعبون أدواراً متنوعة على الأصعدة كافة.

يشارك في المؤتمر أساتذة وباحثون وخبراء وناشطون من أنحاء العالم، يراجعون السياق الأوسع للمعركة التحررية، وما كشف عنه زمن الوحوش، وصرير القانون الدولي. بالإضافة إلى الترابط بين التجاذبات الداخلية والسياسة الخارجية، والفشل الإقليمي، ونقاش دروس للمشروع الوطني الفلسطيني.  كل ذلك على الصعيد الفلسطيني خصوصاً، والصعيدين الإقليمي والعالمي عموماً.

ينعقد المؤتمر يومي الثلاثاء والاربعاء، 29 و 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024، بترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت في قاعة 234 في معهد مواطن وعبر الفضاء الافتراضي في الوقت ذاته.  سيتم بث المؤتمر حيا على قناة معهد مواطن على اليوتيوب وعبر صفحة المعهد على الفيسبوك، فضلا عن إمكانية المشاركة عبر منصة زووم، والتي تتطلب التسجيل المسبق من خلال الضغط هنا.

 

أما عناوين المنصات التي يمكن متابعة المؤتمر من خلالها في الفضاء الافتراضي فهي:

اليوتيوب: https://www.youtube.com/MuwatinInstituteBirzeitUniversity  ننصح بالاشتراك في القناة ليصلكم التذكير بالمؤتمر وأي تحديثات أخرى.

الفيسبوك: https://www.facebook.com/MuwatinInstitute1

منصة زووم (للتسجيل):

  https://birzeit-edu.zoom.us/webinar/register/WN_Ec6oAT91RlGuxVGAVAaclw

ملاحظات مفاهيمية

لمؤتمر مواطن السنوي التاسع والعشرين

"التفكير الاستراتيجي في زمن الوحوش العملاقة وحروبها: مكانة الحق وآفاق التحرر"

المزمع عقده يومي الثلاثاء والأربعاء، 29 و30 تشرين الأول/أكتوبر 2024

على الرغم من النضال المديد والبطولة المشهودة، والصمود الملحمي، لا يزال الشعب الفلسطيني يرزح تحت نير الاستعمار بأشكاله المتعددة التي تشمل التشريد، والاحتلال، والاستيطان، ونهب الموارد، واستغلال البشر، والأبارتهايد، والإبادة؛ ترافقها تداعيات داخلية مثل غياب الوحدة الوطنية، وعدم وجود جبهة وطنية، وغباش المشروع الوطني، واختزال التحرر في رموز وبنى ثانوية مقارنة بحرية الشعب، مثل استبدال الوطن بالدولة، وتفتيت الأخيرة وهي لا تزال جنيناً لم يولد. ونتج عن هذه التداعيات غياب الأفق التحرري، ونشوء التساؤلات حول المشروع الوطني، وقد كانت بالأمس مسلّمات. ومن اللافت أنه حتى في ظل الانكشاف غير المسبوق للعنصرية الصهيونية، وتحول إسرائيل إلى عبء على حلفائها، وفي ظل التضامن الشعبي العالمي المبهر مع الشعب الفلسطيني، والانتقال إلى مراحل متقدمة من إدانة الاحتلال وممارساته في نطاق أدوات القانون الدولي، لا تزال البنى السياسية الفلسطينية غير قادرة على تحقيق أي اختراق باتجاه الحرية وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.

يتم كل هذا في وقت نترقب فيه، مع باقي شعوب العالم، إرهاصات نظام عالمي جديد، الأسئلة حوله أكثر بكثير من الإجابات، ولكننا شهدنا بعضاً من معالم الصراع على طبيعة النظام الجديد وقواه، مثل الاستقطاب الكبير بين القوى المختلفة بين الدول وفي داخلها، والصراع المسعور لقوى الإمبريالية للحفاظ على مكانتها، وغير ذلك من ظواهر. ولكن، على الجبهة الأخرى، نشهد، أيضاً، تحولات جديدة تشير إلى اقتران مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني والنظام العالمي، حيث يعبر التضامن الواسع مع حقوق الشعب الفلسطيني عن رؤية المتضامنين لوحدة المعركة. لقد بات جلياً المنبع المشترك للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية التي تواجه البشرية حول العالم، والتي تتمثل في انتشار الفقر والعوز والبطالة والنزاعات العنيفة، والاضطهاد متعدد الأوجه، واتّساع الفجوات الاجتماعية والطبقية، وتآكل منظومات التعليم والصحة، وتدمير البيئة. لذلك، لا بد من إعادة صوغ المشروع الوطني الفلسطيني بشكل يعزز مكونه التحرري، الذي يشكل طموحاً لشرائح واسعة في أنحاء العالم، وبشكل ينهي وهم إمكانية تحقيق الحرية بالتحالف والتنسيق مع أعدائها.

يشترك واقع المشروع الوطني مع واقع النظام العالمي بأنهما يمرّان في المرحلة التي أطلق عليها المفكر غرامشي اسم "زمن الوحوش العملاقة"؛ وهو زمن يتسم بكون القديم يحتضر، والجديد يصارع لكي يولد. والوحوش هنا هي قوى النظام القديم التي باتت متوحشة في الحفاظ على هيمنتها المهددة، والحفاظ على حياتها وهي تحتضر، ووجودها وهي تفنى. ولا يكمن لُبّ صراع القوى الساعية إلى إنشاء وبناء وترسيخ (ولادة) واقع جديد في فعل الولادة ذاته، بل في كنه المولود الجديد. فالقديم المحتضر يصارع من أجل البقاء بأي ثمن وشكل، بدون قيود، لا تلك التي تمليها القيم الإنسانية، ولا حتى مخاطر زوال البشرية. وهو يسعى إلى الحفاظ على الوضع الراهن باستخدام القوة والثروة والسطوة، وتشتيت الجهود، وتوسيع رقعة الحرب والدمار، والعنصرية، وتفتيت الهويات، وتعزيز النعرات المحلية، والإقصاء، والقمع، والتضليل. كما تعمل القوى التي تمثل القديم على كبت المولود الجديد، وشراء ولائه مسبقاً، ووضع سقوف متدنية لطموحاته، وإشغاله بالحفاظ على حياته المهددة بالجوع والعطش والعنف والإرهاب. ويشكل الحلف بين القوى الإمبريالية (التي ابتدعت "الحرب على الإرهاب") والإرهابيين ذاتهم، مؤشراً على الدرك الذي وصلت إليه هذه الوحوش.

يزداد خطر "الوحوش العملاقة" حين لا يتم التصدي لها، فتنمو وتنتهي بتدمير نفسها وتدمير العالم معها – هذا هو بالضبط ما يسبق الحروب العالمية. ويشكل تزايد لجوء القوى الإمبريالية إلى التلويح بالحروب، وبالتدخل العسكري، وبتنفيذ هذه التهديدات بشكل متصاعد، وافتعال الأزمات، تعبيراً عن هذا الخطر الذي وصل اليوم، في تحول نوعي، إلى حد التلويح باستخدام السلاح النووي. فمن بات يلوّح بالسلاح النووي ليس كوريا الشمالية المحاصرة، بل أعضاء في حلف الناتو، وروسيا، ومؤخراً جاء تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الردع النووي لإيران تتويجاً لمسيرة الوحش الإسرائيلي. فحتى لو كان التعبير قد خانه -كما أشار متحدثون إسرائيليون- فتلك هي الزلة الفرويدية بامتياز. وبغض النظر عن الأدوات، فإن الجموح نحو القتل، والتدمير، والتطهير العرقي، والدفع بالنكبة المستمرة نحو مستويات جديدة، وحرب الإبادة في غزة، يشير بالبنان إلى طبيعة الدور الإسرائيلي في هذه المرحلة. كما طفا على السطح وبات جلياً الجوهر الإمبريالي الوحشي لمجموعة الدول التي ساندت إسرائيل، متجاوزة صمتها التقليدي على الجرائم الصهيونية، وصولاً إلى إعلان استعدادها، ورغبتها في المساهمة في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.

بيد أن هناك وجهاً آخرَ للصورة، فهناك من يعملون على التصدّي للوحوش. لقد نما في العقدين الأخيرين معسكرٌ مضادٌ من قوى تقدمية جديدة ومتجددة تسعى إلى التغيير من أجل العدالة والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية للبشر كافة. وبطبيعة الحال، لم تنشأ هذه القوى من فراغ، بل شكلت وتشكلت عن تحولات متتالية لتجارب متنوعة للقوى المتضررة من النظام القديم، التي حاولت تغيير مساره، ووقفه. حاولت ذلك بالطرق الناعمة والخشنة، من داخل المنظومة ومن خارجها، من خلال محاولة الالتحاق بها، ومن خلال الوقوف لها بالمرصاد، ولكن أياً من هذه التقنيات لم تنضج حتى اليوم. ومن أجل المساهمة في إنضاجها، نحتاج، إضافة إلى مراقبة مظاهر أزمة النظام العالمي المحتضر (النيوليبرالي)، تحليل واقعه من أجل الوقوف على السمات الجوهرية التي يجب تغييرها، والتأكد من توجيه السهام إلى أسبابها، وليس إلى مظاهرها فحسب، وتحديد القوى الفعلية التي يجب مواجهتها (وعدم الاكتفاء بمواجهة وكلائها)، وتحديد وابتداع أشكال تنظيمية وبنى تؤهل القوى التقدمية لخوض المواجهة.

إن الأمر الذي يشكل القضية المركزية التي يسعى المؤتمر إلى الوقوف عليها، يكمن في فهم التحولات الجذرية لما يشكل سياق الصراع ومكوناته وأدواته، فالصراع بحد ذاته بين قوى التحرر وقوى الهيمنة ليس جديداً، ولكن الجديد، الذي يشكل فهمه شرطاً للنجاح في المعركة التحررية، هو السياق المستقبلي للصراع، الذي تقوم "الوحوش العملاقة" بإدخال تفاصيل، وأدوات، وحدود جديدة إليه كل يوم. وتقوم، باستخدام الأدوات الكثيرة التي تمتلكها، بتغيير شروط اللعبة بشكل مستمر، كما تبتدع الجبهات الفرعية بشكل مستمر في مسعاها إلى تشتيت جهود القوى التي تشكل تهديداً لهيمنتها. وما يحصل على صعيد أدوات القانون الدولي بفروعه، مثل محكمتي لاهاي، ما هو إلا مؤشر على صراع القوى من أجل احتواء هذه الأدوات.

ومن ضمن أمور عديدة يمكن الإشارة إليها، إضافة إلى احتضار الحقبة النيوليبرالية للنظام الرأسمالي، هو أن مفاعيل النيوليبرالية قد أجهزت على عناصر مركزية في التراث الحداثي مثل الليبرالية، والدولة القومية، ومركزية الأرض (المكان)، وهي عناصر تأسيسية لمفاهيم التحرر الوطني، بما في ذلك الفهم المعاصر لتقرير المصير، والنمط السائد للتنظيم السياسي (الحزب)، والصمغ اللاصق لتشكل الأمة (الشعب)، وهي كلها سمات بات أثرها ومكانتها يضمحلان بشكل تدريجي، فيغلب احتمال ألا تكون هذه السمات مرافقة للعالم الجديد إلا إذا أخذت معانيَ ومغازيَ جديدةً ناجمةً عن إعادة إنتاج سمات الحداثة في قوالب ما بعد حداثية. ويعني ذلك، على صعيد مشروع التحرر الوطني، أن الالتصاق بالفهم القديم للتحرر الوطني، بدون ربطه بالأجندات التحررية العالمية، سيعمل لصالح المشروع الاستعماري لكبت التحرر الوطني (وغيره من مشاريع تحررية) وتقزيمه.

سيكون لهذه التحولات تأثيرٌ مباشرٌ وجوهريٌ على المشروع الوطني الفلسطيني، فعلى الرغم من أن كنه المشروع (الحرية) لم ولن يتغير، بيد أن سبل تحقيقه مرهونة بالسياق المتغير، ما يعني ضرورة إعادة صوغه ليعمل في البيئة الجديدة. كما أنه سيكون لهذه التحولات وقعٌ جسيمٌ على مكانة الديمقراطية، التي تستمر في الاضمحلال حتى تصبح غير ذي أثر في حال التحول نحو أنظمة سياسية أوليغاركية، أو تصبح أكثر جوهرية ومركزية في حال تقدم المشاريع التحررية وتمكُّنها من ترسيخ صيغ تتجاوز المنظومة الليبرالية التي حصرت الديمقراطية في إجراءاتها، والمنظومة النيوليبرالية التي حصرت الإجراءات في عمليات الضبط والامتثال.

أما ما يتعلق بحقوق الإنسان وبمنظومتها، فمن المتوقع أن تحظى بمكانة في جدول أعمال العالم الجديد. فبخلاف المشروع الوطني الفلسطيني الذي يسعى المعسكر الرجعي إلى محوه، وبخلاف الديمقراطية التي تمت إزاحتها من مركز الصدارة في المشهد السياسي العالمي، من المتوقع أن يتبنّي المعسكران خطاب حقوق الإنسان، وأن يستخدماه، على الرغم من أن هذا الاستخدام يأخذ نمطاً متقطعاً لدى المعسكر الرجعي، وخطاباً كثيراً ما يتم تجاوزه لدى المعسكر التقدمي، وذلك على الرغم من أن حال حقوق الإنسان يؤشر، بوضوح، إلى فشلها في تحرير الإنسان، أو حتى في ضمان حد أدنى من الكرامة الإنسانية. والسبب في تبنّي خطاب حقوق الإنسان هو أن الصراع من أجل الاستحواذ على الشرعية من قبل كل من المعسكرين، سيجعلهما مضطرين إلى الحفاظ على خطابها. وكما تحولت مكانة حقوق الإنسان مع نشوء الحقبة النيوليبرالية، فإنه من المتوقع أن تتحول مرة أخرى مع انتهائها. أما السؤال الذي ستهتم به القوى التحررية، فيتعلق بماهية حقوق الإنسان ومنظومتها من حيث قدرتها على ضمان مفعول تحرري بدلاً من لعب دور تحييد الصراعات وتحويلها إلى مطالب أو أدوات مهدئة تُلقي وعوداً وتُعلق آمالاً على مستقبل أفضل من دون مواجهة موانع هذا التحسين، أو حتى موانع المستقبل برمته.

تأخذ هذه الأسئلة المشروع الوطني الفلسطيني إلى فضاء أكثر تعقيداً لمجموعتين من الأسباب المتعارضتين فيما بينهما والمتوافقتين في تبعاتهما. النوع الأول يتعلق بالتشوهات والمعاناة التي تنشأ على وقع احتضار النيوليبرالية بعدما تركت بصماتها على مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك تلك التحولات التي أفضت إلى تشظي هذه الحركة وانقسامها إلى مجموعتين (القوى الوطنية والقوى الإسلامية)، بالتزامن مع إثمار النيوليبرالية للهوياتية (الإثنية، والطائفية، والمناطقية، ... وغيرها) التي أسهمت في بهتان وخفوت التوجهات القومية والطبقية عن المسرح السياسي. أما النوع الثاني، فيتعلق بالاحتلال الذي انتمى إلى الحقبة الكولونيالية السابقة لمرحلة التحرر الوطني (الربع الثالث من القرن الماضي)، وبات اليوم ينتمي إلى مرحلة تعفن الحقبة النيوليبرالية التي عادت إلى استخدام أدوات استلّتها من حقب سابقة عندما أمست غير قادرة على الاكتفاء بأدوات النيوكولونيالية، ما جعل إسرائيل نموذجاً وظيفياً رائداً للنيوليبرالية المتعفنة (الأمر الذي يفسر تهافت الأنظمة المهددة على التعاون مع الدولة التي تشكل تهديداً جلياً للأمن العالمي، ومصدراً متميزاً لأطواق النجاة للأنظمة منتهية الصلاحية).

كل هذا يملي على الباحث في مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني الالتفات إلى أن بقاء المعركة مع الاحتلال رهينة التصورات المرتبطة بالاستعمار الكلاسيكي (وبصرف النظر عن كونه استيطانياً)، وقصرها على إطارها القومي الساعي إلى الدولة، يفضي إلى تغييب القدرة على تشخيص التحولات التي طرأت على المشروع الصهيوني في تحولاته النيوليبرالية، وما تلاها من تحولات نحو الفاشية نشهدها اليوم، ما يؤدي إلى خلل في عملية توجيه البوصلة التحررية.

محاور المؤتمر

سيناقش مؤتمر مواطن السنوي التاسع والعشرون هذه القضايا في نطاق ينظر إلى القضية الفلسطينية في سياقها الأعم: العربي والعالمي، الذي ينظر إلى الاحتلال بصفته جزءاً من منظومة استعمارية عالمية لها وكلاؤها الذين يلعبون أدواراً متنوعة على الأصعدة كافة. وسيعرض المؤتمر لهذه القضايا ضمن ثلاثة محاور:

المحور الأول: تشخيص أزمة النظام العالمي ووقعها على المشروع الوطني الفلسطيني: يناقش هذا المحور أزمة النظام العالمي القائم، وآفاق استمراره أو اضمحلاله، وأبرز تمظهرات التصدّعات التي تشير إلى انعدام قدرته على إعادة إنتاج ذاته، وأدوات القوى الرجعية وخياراتها للخروج من المأزق، والآثار التي من المحتمل أن تطال المشروع الوطني الفلسطيني في ضوء التحولات الجارية على المستوى العالمي، بما في ذلك الأثر المضمحل للقانون الدولي في ظل المتغيرات العالمية، وإخفاق منظومة القانون الدولي في وقف حرب الإبادة (كما أخفقت في وقف مظاهر الاستعمار الأخرى).

المحور الثاني: آليات التأثير على تحولات النظام العالمي: يسعى هذا المحور إلى نقاش طبيعة القوى القادرة على المساهمة في التغيير، وعلاقة المشروع الوطني الفلسطيني وقواه بعملية ولادة العالم الجديد، وطبيعة وأدوات وآفاق وموقع القوى التقدمية والتحررية التي لا تزال في طور التشكّل والولادة، وفرصها للتأثير على التحولات الجارية، وعلاقتها بالمشروع الوطني الفلسطيني، ومكانة الديمقراطية في ضوء التحولات القائمة، وفي أطروحات وبرامج القوى التقدمية، والآفاق أمام حقوق الإنسان من حيث قدرتها على أن تشكل أداة تحررية في النظام الجديد، وسبل التأثير على منظومة القانون الدولي لتوائم هذه الأهداف.

المحور الثالث: معالم المشروع الوطني الفلسطيني المتجدد في السياق المستقبلي: يناقش هذا المحور متطلبات تحول واستقرار ونجاح المشروع الوطني الفلسطيني في ضوء المخاضات الدولية القائمة، والتحولات الداخلية المطلوبة لاستيعابها والتأثير فيها، والمطلوب فلسطينياً لتجنب وقع التبعات التي قد تنشأ عن التحولات في النظام الدولي، ونطاق ما يمكن عمله فلسطينياً من أجل مركزة الحرية وحقوق الإنسان في صميم المشروع الوطني الفلسطيني، كمكون من مكونات التحالفات والارتباطات الجديدة الممكنة مع القوى التقدمية العالمية، بالتوازي مع مجابهة الفعل الاستعماري المستمر في خلق "حقائق على الأرض"؛ مثل التهجير، وقضم الأراضي، والإبادة.

 

ملخصات المداخلات

 

باسم الزبيدي

أصدقاء فلسطين وأعداؤها في النظام الدولي المرتقب

ما تسعى إليه هذه المداخلة هو رسم ملامح أوّلية للنظام الدولي المرتقب من زاوية قدرته على التأثير في الوضع الفلسطيني (حقوقهم وتطلعاتهم) من جهة، وسبل توظيف ذلك النظام من قبل الفلسطينيين لصياغة منظور جديد يتحدد عبره الحلفاء والخصوم أو الأصدقاء والأعداء، بصيغة تنسجم مع مقتضيات النظام الجديد، وتتماشى مع متطلبات التحرر والانعتاق، من جهة أخرى.  لقد أحدثت حرب الإبادة في قطاع غزة، التي استمرت عاماً كاملاً، تأثيرات متعددة الأوجه، أبرزها تداعياتها داخل المنطقة، وسط منافسة شديدة بين العديد من القوى الإقليمية والدولية حول مصير المنطقة ومستقبل النظام الدولي ككل.  لقد مكَّن النظام الدولي السائد، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة والدول الغربية، إسرائيل من استحصال الدعم والحماية اللامحدودة لترجمة مخططاتها ضد الفلسطينيين في جميع القضايا والمستويات، بما في ذلك تورية وتبرير جرائم الإبادة الجماعية وممارسة العنصرية والإرهاب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية (بما فيها القدس) وداخل فلسطين طوال عقود.  وقد وفّر النظام الدولي الحماية والدعم لإسرائيل عبر كيانات وأطراف حليفة لإسرائيل، تتكون من جماعات وأحزاب وحكومات ومراكز قوى اقتصادية وعسكرية ومالية، مقابل أطراف مناوئة لإسرائيل تتكون من مؤيدين للفلسطينيين ومتعاطفين معهم، يرون في إسرائيل دولة استعمارية مغلقة ينخرها التطرف والعنصرية.

عبد الرحمن إبراهيم

فلسطين والنظام العالمي

تتمحور الورقة حول ارتباط القضية الفلسطينية بشكل وثيق بالتحولات المصاحبة للتطور والتغيير في النظام الدولي المعاصر، فقد ابتدأ ارتباطها مع انهيار عصر الإمبراطوريات، والعثمانية تحديداً، وقيام نظام عصبة الأمم التي منحت بريطانيا انتداباً تضمن تعهداً بقيام وطن قومي لليهود في فلسطين.  ساعدت بريطانيا وسهّلت الهجرات اليهودية إلى فلسطين مع صعود النازية في ألمانيا، واندلاع الحرب العالمية الثانية.  ومع انتهاء الحرب، وتأسيس الأمم المتحدة التي، كنتيجة لموازين القوى، أصدرت قرار التقسيم، ولاحقاً، تم الاعتراف بدولة إسرائيل على معظم الأرض الفلسطينية، انتهت الحرب الباردة بمحاولات نجحت في إدماج إسرائيل عبر اتفاقيات سلام مع الأردن، واتفاقية أوسلو مع م.ت.ف، وتطبيع علاقاتها مع محيطها العربي.

أطلقت حرب غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 العنان لإسرائيل لتنفيذ مخططها للحل النهائي، وشطب القضية للأبد من الأجندة.  والسؤال الذي ستحاول المداخلة الإجابة عنه هو: هل ستنجح إسرائيل للمرة التالية في تنفيذ مآربها وإنهاء القضية للأبد أم سيلعب النظام الدولي الحالي، الذي يعيش مرحلة انتقالية من عالم أحادي القطبية إلى عالم متعدد الأقطاب، دوراً في إفشال مخططها وإيقاف مشروعها، مع مراعاة حالة الاشتباك السائدة في المنطقة الحيوية للعالم؟

رائف زريق

فلسطين: الأخلاق الكونية وفرضية المعايير المزدوجة

كثيراً ما يجري الحديث عن التناقض بين قيم حقوق الإنسان التي يبشر بها الغرب وأمريكا على وجه الخصوص من ناحية، ودعمها المطلق لإسرائيل واحتلالها ودوسها حقوق الفلسطينيين من ناحية أخرى.  إلا أن هذه الظاهرة ليست جديدة ولا غريبة؛ ألم يبشر جون لوك بالحرية وكان يملك العبيد في الوقت نفسه؟ ألم ينظر كانط للمساواة لكنه كان ينظر إلى تراتبيه الأعراق؟ هل يمكن القول إن هناك تناقضاً بين الاثنتين؟ وكيف يمكن أن يستقيما معاً؟

ستحاول المداخلة فهم طبيعة هذا السؤال، وسؤال ما يسمى المعايير المزدوجة، وكيف يمكن للمعايير أن تكون غير مزدوجة؟

عصام مخول

معالم الفاشية في إسرائيل: التوجهات العالمية والأزمة البنيوية المحلية

لم يكن الانقلاب القضائي هو السبب في الانتقال الفاشي في إسرائيل، وإنما كان هو النتيجة الحتمية لنضوج الشروط للانتقال الفاشي، وتفجر الأزمة السياسية والاستراتيجية البنيوية العميقة والمستمرة التي سبقت الانتخابات، والنابعة عن أزمة مشروع الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي الذي وصل إلى أقصى مداه على الأرض، فلم يعد قادراً على التقدم أكثر بالوسائل الاحتلالية العادية المطلية بالقانون، ما دام الشعب الفلسطيني حاضراً بقوة فوق أرضه.  فتعمّق خيار تشريع الفاشية، وحرب الإبادة وتهجير الشعب الفلسطيني، وشرعنة تهديده بنكبة جديدة على الملأ، أمام سمع العالم وبصره.

يسعى الفاشيون إلى إخراج إسرائيل من أزمتها البنيوية عن طريق تخليص الاحتلال من الشعب الفلسطيني، بدلاً من تخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال.  ويعتمدون في مشروعهم على الدفع بخطة الحسم النهائي للصراع مع الشعب الفلسطيني اعتماداً على فائض القوة الإسرائيلية في زمن الوحوش العملاقة، وتواطؤ النظام الرسمي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتقاعس آخرين وعجزهم.  ووفقاً "لخطة الحسم"، فإن أمام الفلسطينيين؛ إما الخضوع للاحتلال، وإما التهجير، وإما الموت والإبادة بقوة الاحتلال المنفلت على الشعب الفلسطيني.  وبذلك دخلت الصهيونية المأزومة في طور أعلى من التوحش الديكتاتوري الإرهابي السافر، تبحث عن تحسين مواقعها وتوسيع مساحة دورها الوظيفي في المنظومة الإمبريالية "في زمن الوحوش العملاقة".

إبراهيم فريحات

الإبادة الجماعية في غزة: كيف يفهمها الإقليم ويتعاطى معها؟

لا يمكن الحديث عن موقف إقليمي عربي واحد تجاه الإبادة الجماعية في قطاع غزة.  ربما يجوز الحديث عن مشاعر واحدة تأسف للقتل الجماعي في القطاع، ولكن الموقف تحكمه عوامل متعددة، منها، أولاً، ضرورة التمييز بين الموقفين الرسمي والشعبي.  فالموقف الرسمي العربي ينطلق من المعادلة الإقليمية المنهكة بالبحث عن "توازن إقليمي" يشكل فيه أهم اللاعبين دولاً، مثل إيران وتركيا وإسرائيل ودول الخليج العربي ومصر والأردن.  يسيطر على هذا المستوى الصراع باتجاه "تمدد النفوذ" الذي تمثله دول مثل إيران وحلفاؤها في المنطقة، مقابل "حصر النفوذ" الإيراني الذي تقوده دول مثل السعودية ومصر والإمارات.  وهناك كتلة صامتة مغيبة لنفسها تتمثل بدول مثل الجزائر والمغرب وليبيا وعمان.  أما المستوى الشعبي الذي يتعاطف بغالبيته العظمى مع المآسي التي تحل بالفلسطينيين، فإن وجود عوامل أخرى أقوى من التعاطف تصيبه بحالة من الشلل على مستوى الفعل، منها: أولاً، أن المواطن العربي، وبعد هزيمة الربيع العربي أمام قوى الثورة المضادة، قد عاد إلى موقعه المغلوب على أمره، والفاقد للفعل أمام الديكتاتوريات المتنفذة والمحكمة للسيطرة على كل نواحي الحياة السياسية. ثانياً، الأيديولوجيات التي كانت، تاريخياً، تصيغ المواقف السياسية لدى المواطن العربي قد تراجعت وانقسمت على نفسها في الموقف من الإبادة، بسبب عوامل مهمة، على رأسها الموقف من سوريا و"تركة الربيع العربي" التي أحدثت استقطاباً حاداً ما زال يعاني منه المجتمع العربي حتى هذه اللحظة.  سيتم التطرق إلى هذه المعضلات التي أدت إلى شلل الموقف العربي على المستويين الرسمي والشعبي، وحصرت المواقف في إطار "التعاطف الإنساني"، وليس الموقف السياسي الفاعل.

مها عبد الله وتوماسو فيراندو

الغذاء والإبادة الجماعية: التفاعل بين الأيديولوجية الصهيونية والحرب الإسرائيلية المطولة

تتناول الورقة أساليب الحرب التي انتهجتها إسرائيل خلال العام الماضي ضد الشعب الفلسطيني، مع التركيز على استخدام التجويع، والمجاعة، والسجن الجماعي، والتعذيب، وسوء المعاملة.  ومن خلال فضح هذه الممارسات -التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان، وانتهاكاتٍ جسيمةً للقانون الدولي، وتصل إلى حد الجرائم المعترف بها دولياً، بما في ذلك جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأعمال الإبادة الجماعية- تسعى الورقة إلى استكشاف المنطق وراء استخدام إسرائيل مثل هذه التكتيكات وتأطيرها في الاستراتيجية الأطول التي تتكشف منذ أكثر من قرن من الزمن.  وعلى وجه الخصوص، تدرس الورقة كيف تتشابك هذه الأساليب مع الأيديولوجية الصهيونية والمشروع الاستعماري الاستيطاني الأوسع نطاقاً، الذي يهدف إلى القضاء على السكان الأصليين (أي الفلسطينيين) واستبدالهم.  ولتوضيح المشهد، تزعم الورقة أن التجويع الممنهج والواسع النطاق، والتعذيب، وسوء المعاملة لجزء كبير من السكان، يمكن أن يؤدي إلى تدميره كمجموعة، كلياً أو جزئياً، في حين تؤكد، أيضاً، على عنصر النية بالتدمير والقضاء المقصود.  وفي استكشاف ذلك، تستند هذه الورقة إلى الهجوم الإسرائيلي المطول على حق الفلسطينيين في الغذاء والسيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي، الذي كان يهدف إلى إضعاف أي شكل من أشكال البقاء والاستقلالية والمقاومة، بهدف ترسيخ الهيمنة واستبدال السكان الأصليين.  وعوضاً عن كونه فعلاً استثنائياً من أفعال الفظائع الجماعية، فإن تسليح الغذاء والنظام الغذائي هو سمة دائمة لمشروع الإبادة الصهيوني، الذي كان ينبغي أن يحظى باهتمام مجتمع القانون الدولي والقانون الدولي قبل العام الماضي بفترة طويلة.  وتأمل الورقة أن تساهم ليس في تحرير القانون الدولي من الناحية النظرية والممارسة فحسب، ولكن الأهم من ذلك، في تحرير الشعب الفلسطيني والأرض، واستعادة كرامتهم وسلامتهم كركائز أساسية لحقوقهم وتحريرهم.

غنتيان زييبري

استخدام المحاكم الدولية الدائمة وهيئات المعاهدات الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان للمطالبة بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني

يشكل القانون الدولي أداة مهمة لتنظيم العلاقات بين الدول، ولتوضيح الحقوق والالتزامات القانونية الدولية على المستوى الدولي.  وعلى مدى العقدين الماضيين، على وجه الخصوص، كان القانون الدولي المرجع الرئيسي لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبإصرار من فلسطين.  وقد انعكس هذا الدور المعزز للقانون الدولي في العديد من القرارات التي اتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والجمعية العامة، وفي التقارير الدورية للأمم المتحدة.  وتحلل هذه الورقة استخدام السلطة الفلسطينية للقانون الدولي في سعيها باتجاه قضيتها الرئيسية، وهي تقرير مصير الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، من خلال أن تصبح طرفاً في العديد من معاهدات حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي، ومن خلال الانخراط مع المحكمتين الدوليتين الدائمتين، وهما محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان الرئيسية التابعة للأمم المتحدة، وبخاصة لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري.  وتفحص الورقة هذه الجهود الفلسطينية، منذ مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والاستجابات المتباينة التي تلقتها من مختلف أجزاء المجتمع الدولي المنظم.  وينقسم التحليل إلى ثلاثة أقسام رئيسية.  يتتبع القسم الأول مشاركة فلسطين مع المحكمة الجنائية الدولية، منذ كانون الثاني/يناير 2009، فيما يتصل بضمان المسؤولية الجنائية الفردية عن الفظائع الجماعية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.  ويتتبع القسم الثاني القضايا ذات الصلة ومشاركة فلسطين مع محكمة العدل الدولية، منذ الإجراءات الاستشارية الأولى التي بدأت في أواخر العام 2003، فيما يتعلق بقضية تقرير المصير وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.  ويقدم القسم الثالث والأخير بعض التأملات حول ما يمكن أن تحققه مشاركة فلسطين مع هذه المحاكم الدولية الدائمة، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان الرئيسية التابعة للأمم المتحدة، وبخاصة لجنة القضاء على التمييز العنصري، فيما يتصل بحق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال.

نادين طاهر وفاسانثي فنكاتيش

القانون الدولي واستراتيجيات سحب الاستثمارات: استخدام الأطر القانونية في مواجهة الاحتلال ومحو الهوية الفلسطينية

تستكشف هذه الورقة البحثية إمكانية التفكير بكيفية مضادة للهيمنة يمكن من خلالها إعادة تصور القانون الدولي في سياق التحرير الفلسطيني.  وبالاعتماد على نظرية أنطونيو غرامشي للهيمنة، والنظرية العرقية النقدية المناهضة للاستعمار، وأطر الحركات الاجتماعية التحررية، ندرس، بشكل نقدي، ديناميكيات القوة واستراتيجيات المقاومة داخل البنى القانونية والسياسية القائمة.  ويستند تحليلنا إلى التجارب المباشرة مع حركة سحب الاستثمارات في جامعتنا، وذلك في سياق استعماري استيطاني (كندا).  ونتساءل عما إذا كان النظام العالمي الحالي يشكل فترة انتقالية وفقاً لمفهوم غرامشي (interregnum)، بمعنى تقديمها لإمكانية للتغيير التحويلي، أو مجرد وهم تكرسه أنظمة الهيمنة الراسخة.  ومن خلال الجمع بين الرؤى النظرية والملاحظات التجريبية، تساهم هذه الورقة في الخطاب الأكاديمي حول دور القانون في الحركات التحررية، وتقدم رؤى عملية لتحدي البنى القانونية القمعية.

ونحن نؤكد أن أزمة النظام العالمي، وبخاصة في سياق فلسطين، تقدم تفاعلاً معقداً بين التحديات والفرص، وذلك عندما ننظر إليها من خلال عدسة النظرية العرقية النقدية، والأطر المناهضة للرأسمالية، والأطر المناهضة للاستعمار.  وفي حين توجد مخاوف بشأن إمكانية قيام الدول حديثة التحرر بإدامة الأنظمة النيوليبرالية ضد شعوبها، فإن التحليل الأكثر دقة، يكشف أن النضال من أجل الدولة الفلسطينية يوفر إمكانات إيجابية ومهمة للحركات التحررية على نطاق أوسع.  وعلى هذا النحو، يمكن النظر إلى تفتيت الدولة الفلسطينية الناشئة، على الرغم من أنه يمثل مشكلة لبعض المعسكرات، باعتباره مظهراً من مظاهر النضال المتزامن ضد القوى النيوليبرالية والاستعمارية.  وقد أدى هذا التفتيت، على نحو متناقض، إلى تنويع استراتيجيات المقاومة لتطال الأبعاد القانونية والاقتصادية والثقافية، كما يتضح من تجربتنا مع حركة سحب الاستثمارات من الجامعة في كندا.

جورج جقمان

دعم الولايات المتحدة لإسرائيل: رصيد استراتيجي أم قوة جماعات الضغط الصهيونية؟ حرب الإبادة .. نموذجاً

هذا نقاش دائر منذ سنوات عدة: هل تفسير دعم الولايات المتحدة السخي عبر السنوات لإسرائيل يكمن في أنها رصيد استراتيجي، أو "رأس حربة للإمبريالية الأمريكية"، أم أن السبب هو قوة جماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة وفي الدول الغربية عموماً؟ ستحاجج هذه الورقة أن مشكلة الكثير مما يكتب حول الموضوع تكمن في التالي:

  1.  أن نقطة البدء في الكثير من التفسيرات لأسباب هذه العلاقة، التي تبدأ من نظرة كونية للصراعات الدائرة في العالم والتحالفات المرافقة لها، تهمل الوقائع والأدلة العينية التي تتعارض مع اعتبار إسرائيل رصيداً استراتيجياً للولايات المتحدة لغرض "حشر" هذه العلاقة في إطار نظري محبب.
  2.  إن صياغة الموقف المضاد؛ أن الدعم لإسرائيل الذي تقدمه الولايات المتحدة سببه، إلى حد كبير، دور جماعات الضغط الصهيونية، تهمل، أيضاً، عدداً لا بأس به من "الخدمات" التي تقدمها وقدمتها إسرائيل في مراحل تاريخية محددة.  غير أن هذه "الخدمات" لا تكفي، وحدها، لتفسير أسباب هذا الدعم.
  3.  لن تحاجج الورقة أن "خير الأمور الوسط"، بل إن أطروحة "الرصيد الاستراتيجي" لا يمكن أن تفسر وحدها طبيعة هذه العلاقة في وجه أدلة معاكسة واضحة تُهمل عادة، ولا تكفي لتفسير الدعم السخي المقدم لإسرائيل عبر السنوات، وأن السبب الرئيسي لهذا الدعم هو ديناميكيات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة، كما بيَّنت حرب الإبادة بوضوح.

عمر قسيس وهديل أيوب

الإمبريالية البيئية والهيمنة الرأسمالية: الزيتون والغابات في فلسطين

لا يوجد سوى إمبريالية واحدة -وهي أحدث تجليات الرأسمالية- إلا أن تأثيرها في تشكيل العالم يأخذ أشكالاً عديدة.  فالوحش له العديد من الوجوه والمخالب، لكن العناصر الأساسية لمجموعها لا تتغير.  والإمبريالية الإيكولوجية هي أحد تلك الأشكال.  الإمبريالية الإيكولوجية هي العملية التي قامت فيها الدول الاستيطانية في استعمارها أراضي الشعوب الأصلية بتشكيل وتغيير المشهد البيئي كجزء من عملية الإلغاء والهيمنة، ولغرض استخراج المواد الخام لصالح رأس المال.  وبعد قرون من توسع الرأسمالية وأشكالها ووجوهها المتعددة، أصبح التوازن البيئي الحساس للكوكب في خطر متزايد.

استناداً إلى حالتين استراتيجيتين عن أصناف الزيتون وعن التشجير، نجادل بأن النظام الاستيطاني في فلسطين في طليعة الأنظمة الاستيطانية في تطوير الزراعة الرأسمالية، ومن خلال دراسته، نرى نقاط القوة والضعف في الهيمنة الرأسمالية العالمية.

چمزة إردم توركيلي وثاليا كروجر

مسؤوليات الجامعات البلجيكية فيما يتعلق بالتعاون مع الجامعات الإسرائيلية

إن الجامعات البلجيكية، مثل العديد من الجامعات في أوروبا والعالم، لديها العديد من اتفاقيات التعاون مع الجامعات الإسرائيلية.  ويتخذ جزء من هذا التعاون شكل اتفاقيات لتبادل الطلاب والموظفين.  والجزء الآخر هو التعاون في المشاريع البحثية التي يمولها الاتحاد الأوروبي غالباً.

لقد تم توثيق العلاقات المتينة بين الجامعات الإسرائيلية ودولة إسرائيل، والتواطؤ في انتهاكاتها حقوق الإنسان والقانون الدولي بشكل كافٍ (على سبيل المثال؛ Wind, 2024).  وتشمل هذه الروابط تطوير التقنيات والاستراتيجيات لدعم الاحتلال.  إن القانون الدولي واضح في أن جميع الدول لديها التزام تجاه الجميع بعدم ارتكاب وعدم التواطؤ في انتهاكات القواعد الآمرة للقانون الدولي.  والهدف من ورقتنا هو مناقشة واجبات الجامعات ضمن هذا الإطار القانوني.  في فلاندرز (الجزء الشمالي من بلجيكا)، اعتمد مجلس مشترك بين الجامعات اختبار حقوق الإنسان للتعاون مع الجامعات الأجنبية.  وفي العديد من الجامعات الفلمنكية، كان التعاون مع الجامعات الإسرائيلية أحد التطبيقات الأولية لهذا الاختبار.  وقد أُجري الاختبار في سياق انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة، واحتلال الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل.  وقد نجم عن تطبيق الاختبار توترات ومعارضة شرسة.

ونحن نؤكد أن الجامعات ترتبط بالدول، وبالتالي، فهي ملزمة، أيضاً، بالتزامات قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي، وبخاصة القواعد الآمرة.  وحتى لو لم يقم الممولون مثل الاتحاد الأوروبي بالتصرف على النحو اللائق لأداء واجبهم بموجب القانون الدولي، فيتعين على الجامعات أن تفعل ذلك.

جلبير الأشقر

بؤس التفكير الاستراتيجي العربي في مواجهة الدولة الصهيونية

سيتناول الحديث توالي الاستراتيجيات العربية الخاسرة في وجه الدولة الصهيونية، سواء أكانت استراتيجيات دولانية أم استراتيجيات حركات المقاومة على اختلافها، مع اتكال الثانية على الأولى كإحدى سمات بؤسها، وذلك بالمقارنة مع المعطيات الاستراتيجية الأساسية التي لا بدّ من أن تقوم أي استراتيجية عقلانية على أساسها.

العربي صديقي

"لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقولوا شيئاً؟"

إن الموقف العالمي من أجل فلسطين يرفض فكرة الاعتماد على التضامن العربي من أجل التحرير.  وقد تميزت المؤسسة العربية بانعدام الفعل.  بل إن البعض قد يزعم أن هناك تواطؤاً بين المحتلين الإسرائيليين وبعض الأنظمة العربية ... وإن التناقضات المتضمنة تستدعي الاستكشاف والتقييم النقدي على خلفية حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والعدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية.

فيصل دراج

تراجع الوعي الشعبي الفلسطيني

وعدت الأهداف الأولى للفعل الوطني الفلسطيني بالتحرير واسترجاع فلسطين، وكانت تشتط أحياناً وترى في ذاتها طليعة عربية تقود الفلسطينيين والعرب جميعاً، قبل أن يصبح القائلون بها صورة أخرى عن الحياة السياسية العربية الرسمية، التي تتسم بالموات ومعاداة التحرر، أكان فردياً أم مجتمعياً.  ولهذا، يبدو الوضع الوطني الفلسطيني مأساوياً، فالمركز الذي يتحدّث باسمه ارتاح إلى سلطته وأغفل الفعل الوطني الواضح الأثر، والأطراف الفلسطينية التنظيمية تعترف بالمركز وتلوذ به، كما يلوذ العاجز بطرف أكثر عجزاً.  هكذا يمكن الحديث عن الانحلال السياسي للمشروع الوطني، الذي يتجلّى في غياب العلاقة العضوية بين الشعب و"القيادة"، وانتقال العجز من المركز إلى أطرافه.

تعرض المداخلة لثلاث ظواهر: التراجع العام الذي يَسِمُ الواقع الوطني الفلسطيني في مفاصله الأساسية: التنظيمات السياسية، والوعي الشعبي، وانحلال المراجع السياسية المفترضة.

بلال الشوبكي

إعادة تصوّر المشروع الوطني الفلسطيني: الحركية في مواجهة الحزبية

تولّدت معضلة المشروع الوطني الفلسطيني في اللحظة التي بدأ الحديث فيها عن بناء مؤسسات الدولة في مرحلة ما قبل التحرّر، وتجلّت وظهرت حين أصبحت مؤسسات "الدولة" واقعاً، والدولة سراباً، وتعمّقت حين تحوّلت بعض حركات التحرّر إلى أحزاب، وتفاقمت حين أصبح للفلسطيني حزب سلطة، في سلطة لا تملك من أمرها شيئاً، وفي هيكل دولة ينخره الفساد ومع ممارسات لا ديمقراطية أنتجت خطاب كراهية، جعلت من الفلسطيني يتناقض مع الفلسطيني فيما يتكيّف بعضهم مع الاحتلال، ومنهم من ينسّق ويتعاون.

هذا الواقع الفلسطينيّ الهشّ الذي لم تكمل الفقرة السابقة ملامحه في الشقّين الاقتصادي والاجتماعي، من غير الممكن أن يشكّل تهديداً للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني، كما لا يمكن له أن يؤثر في التحوّلات التي يشهدها النظام العالمي على نحو يمكّنه من الانتفاع من النظام مرتقب الولادة.  إنّ أقصى ما يمكن أن تحدثه جهات فلسطينية لم تستسلم لفكرة التكيّف تحت شعار الواقعية، أو التعاون مع الاحتلال تحت مظلة البراغماتية، هو إبقاء الصراع مفتوحاً وعدم السماح لإسرائيل بحسمه وفق ما ترتئيه، وهو أمر فيه من المخاطرة ما فيه؛ إذ لا يستند إلى أرضية فلسطينية صلبة، ولا إلى واقع إقليمي ودوليّ مساند.

تأسيساً على هذا الاعتقاد؛ تجادل هذه الورقة بأنّ قدرة الفلسطيني على الانتقال من مهمّة منع حسم الصراع من قبل الصهيونية عبر التطهير العرقي والإبادة والتهجير وكلّ سياسات العنف البطيء والحاسم إلى مهمّة وقف هذه السياسات كمرحلة أولى، ثمّ الدفع باتجاه الحسم لصالح نيل الحقوق الفلسطينية كمرحلة لاحقة، تتطلّب عملية مركّبة تبدأ بتفوّق الحركي على الحزبيّ تدريجياً، فيتحرر المنخرط في المشروع الوطني من عبء إدارة ماكينة المؤسسات الثقيلة، فلا يُعفى الاحتلال من ثمن فعله، ثمّ يُخاطب العالم قيد التشكّل بلسان فلسطيني تحرّري مناهض للاستعمار الاستيطاني والعنصريّ، ثمّ تبنى الشراكات والتحالفات على هذا الأساس، وترسم الاستراتيجيات على الأرض لتخدم هذه الغاية.

جوشوا سيلي-هارنغتون

الجوهرية الاستراتيجية وحدود الفكر الليبرالي (والنقدي) في التحرير الفلسطيني

ستتناول هذه المقالة الانتقام المناهض للفلسطينيين عبر أميركا الشمالية، على مدار العام الماضي، الذي واجهته شخصياً وبشدة وبشكل مباشر.  وتركز المقالة على جامعة كولومبيا وجامعة تورنتو متروبوليتان، وهما مؤسستان تفتخران، على وجه التحديد، بالمعارضة السياسية، وكنت، أيضاً، منتمياً إليهما بشكل مباشر؛ الأولى كطالب دكتوراه، والثانية كأستاذ في ذلك الوقت.

وبالتوافق مع موضوع "التفكير الاستراتيجي"، تفحص الورقة استخدام/إساءة استخدام "الهوية" في الخطاب الاجتماعي القانوني، وتستكشف الأغراض السياسية والتكتيكية التي يتم من خلالها توظيف الهوية.  ستحاجج المداخلة أن:

  • نقد العدالة العرقية الليبرالية -وحتى بعض الفروع الأكثر استحياءً للنظرية القانونية النقدية- سيكون ضرورياً "لتشخيص أزمة النظام العالمي"؛ أي، تواطؤ أمريكا الشمالية وجهلها بالإبادة الجماعية في قطاع غزة.
  • "بقاء أو زوال" البراديغمات الغربية "للعدالة العرقية" سيعتمد على قدرتها على تسمية الظلم الواضح للاحتلال الإسرائيلي، والأبارتهايد، والإبادة الجماعية بأسمائها، ونقده.
  • "فشل النظام القانوني الدولي في وقف الإبادة الجماعية في غزة" لا يمكن فصله، جزئياً على الأقل، عن غياب شرعية القراءة المفترضة للمقاومة الفلسطينية ضمن الإطار الاستشراقي للوعي الغربي.