نظم معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان لقاءً تشاورياً لنقاش مسودة ورقة سياسات بعنوان "التعليم الشعبي التحرّري في ظل الظرف الاستعماري"، التي أعدتها الباحثة في معهد مواطن، دانا فرّاج، وذلك يوم الأربعاء 18 أيلول/ سبتمبر 2024 في مقر المعهد في حرم جامعة بيرزيت، وشارك في اللقاء عدد من المهتمين والباحثين وأساتذة الجامعات والتربويين والطلبة، لنقاش صقل المسودة.
ورقة السياسات هذه هي الأولى بين عدد من أوراق السياسات، التي تشكّل جزءاً من خطط مشروع "حقوق إنسان تحررية"، الذي يبحث في سبل حماية الحقوق من التوظيف الاستعماري لها، وينشغل بجوانب التعليم والتعلّم في السياق الاستعماري، ويحاول فهم المناخ الحاضن لتشكّل التنظيمات والمبادرات المجتمعية المنخرطة في التعليم الشعبي التحررّي.
افتتح اللقاء مضر قسيس، مدير معهد مواطن، معلقاً على إشكالية حصر معنى التعليم والتعلّم في القالب المؤسساتي التقليدي، مثل إنشاء وحدات مكانية، أو اللجوء للتعليم الإلكتروني، خاصة في ظل الظرف الاستثنائي لحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة. فعلى الرغم من الدمار الذي طال ويطال كل شيء في القطاع، إلا أن مبادرات التعليم الشعبي، التي بدأت فعلاً بشكل محدود في القطاع، وتستمر في تعليم الصمود والحياة، شرعت وتشرع في خلق معاني جديدة للتعليم والتعلّم، وهي ما يجدر اليوم توجيه الجهود نحوه، عوضاً عن انتظار جهوزية الأماكن المخصصة للتعليم. وشدد قسيس على أن غياب المباني لا يعني إفراغ القطاع من عقوله المفكّرة والمنتجة، ولا البقاء رهينة لخطط إعادة الإعمار ، وهذه هي الرؤية التي تحملها وتجسدها المبادرات المتعددة للتعليم الشعبي التحرري، والتي يجب تطويرها.
أدارت النقاش جمانة صباح، الباحثة في معهد مواطن، مستعرضة هيكلية الورقة والمحاور الأساسية التي تم التطرق لها، بدءاً من تعريف مفهوم "التعليم الشعبي التحرري"، إلى توضيح أهميته في الظرف الاستعماري، واستعراض بعض أشكال التعليم الشعبي التحرري المستقاة من التجربة التاريخية للمجتمع الفلسطيني، ونقاش خطة الحكومة لاستعادة التعليم في قطاع غزة، وصولاً إلى تقديم عدد من الاقتراحات والسياسات في موضوع التعليم الشعبي التحرري.
وتخلل النقاش الذي تلا العرض عدد من الأسئلة، منها: هل يمكن العمل دون أُطر تؤطر التعليم الشعبي؟ وكيف يمكن الجمع بين المضمونين التحرري والرسمي داخل المؤسسة؟ ومن هم الفاعلون في عملية التعليم الشعبي التحرري؟ بالإضافة إلى ذلك، تركز النقاش على ضرورة ربط توجه التعليم التشعبي التحرري مع الاحتياجات التنموية للمجتمع، وعلى أهمية نزع الصبغة السلعية عن المعرفة ومقاربتها كرحلة مستمرة لفهم العالم، وعلى الحاجة للتركيز على شقي ماهية المنهاج وسبل تعليمه.