نظم معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان لقاءً تشاورياً لنقاش مسودة ورقة سياسات بعنوان "البعد الجندري للإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة" أعدتها الباحثة وطالبة الدكتوراه في جامعة أنتويرب مها عبد الله، وذلك يوم الثلاثاء 18 شباط/ فبراير 2025 في مقر المعهد في حرم جامعة بيرزيت. وشارك في اللقاء عدد من الطلبة والباحثين وأستاذة الجامعة وممثلين عن منظمات المجتمع المدني لاسيما المهتمين بقضايا النوع الاجتماعي؛ لنقاش كيفية شحذ المسودة.
ورقة السياسات هذه هي الثالثة بين عدد من أوراق السياسات، ضمن عمل مشروع "حقوق إنسان تحررية"، الذي يعمل عليه معهد مواطن في جامعة بيرزيت بالاشتراك مع كلية الحقوق جامعة أنتويرب في بلجيكا. وهو يُعنى بدراسة كيفية ضمان استخدام حقوق الإنسان للأهداف التحررية دون غيرها، كما يفحص إمكانيات تحصين حقوق الإنسان من الاستخدامات الكولونياليّة، إذ ينشغل بجوانب التعليم والتعلّم في السياق الاستعماري، ويسائل حول كيفية تعزيز النهج التحرري لفهم وتطبيق القانون الدولي.
افتتح اللقاء مضر قسيس، مدير معهد مواطن، ورحّب بالحضور، وأكد على ضرورة التفكير في تغيير عالمي يضمن وقف كوارث الاحتلال، وتجاوز الانحصار في ردود الفعل جراء ما يُحدثه الاستعمار، مركزاً على ضرورة وضع أجندات فعّالة وطموحة تتفاعل مع الواقع لتُمكن من إنتاج معرفة يتم من خلالها بناء مستقبل حر.
استعرضت مها عبد الله أهداف ورقة السياسات وهيكليتها، بدءاً من تسليط الضوء على مفهوم الجندر الذي تتناوله في ورقتها، موضحة تجليات البُعد الجندري في الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة، وكيف تعمل سياسات إسرائيل الممنهجة على استهداف المجتمع الفلسطيني، وهو استهداف مبيت ومخطط يشمل أخذ الأدوار الجندرية بعين الاعتبار لتدمير المجتمع. وناقشت الباحثة تجليات هذه السياسات التي ظهرت على شكل استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانِيَّة والمهينة بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب، إضافة لإضعاف السكان وإعاقتهم كأداة استعمارية لفرض الهيمنة وإبقاء السكان في حالة من الضعف الدائم. حيثُ يتم استهداف الرجال والفتيان الفلسطينيين وفقاً لأدوارهم المجتمعية كمعيلين ومسؤولين عن الأسرة، كما تَسْتَهدف إسرائيل النساء تِبعاً لأدوارهن داخل المجتمع كمقدمات للرعاية ومُنجبات للحياة، بما في ذلك فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة. وأشارت إلى صعوبة دراسة النوع الاجتماعي في حرب الإبادة على غزة على الرغم من أهميتها، واختتمت عبد الله مخرجات الورقة في عدد من التوصيات تركزت حول إدخال نهج يتبنى التحليل الشمولي لمفهوم الجندر في الإبادة والحروب للتعرف على نية الجاني في حروب الإبادة، وأن يركز هذا النهج على الضحايا في المساءلة والعدالة، وضمان أن تتخلل أي استجابة إنسانية دعماً نفسياً ومعنوياً يأخذ الأدوار الجندرية بعين الاعتبار.
تلا العرض نقاش تطرق إلى عدد من القضايا، منها: الاستخدام التكتيكي للجندر في العدوان، وبرمجة استخدام الأسلحة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بشكل يشمل البعد الجندري. وضرورة توسيع الفهم للبعد الجندري في ظل الإبادة. وفي الختام تم التساؤل حول إمكانية دراسة الجندر بمعزل عن توضيح مفهوم الإبادة الجماعية ضمن القانون الدولي ونقده، والتأكيد على ضرورة إدماج المفاهيم الجندرية في سياق القانون الدولي.