دعوة
إلى مؤتمر مواطن السنوي السابع والعشرين
"الاقتصاد السياسي للهيمنة والتحرر في فلسطين"
ترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت وعبر الفضاء الافتراضي في الوقت ذاته
1و2 تشرين الأول/أكتوبر 2021
يتناول مؤتمر مواطن السابع والعشرون الاقتصاد السياسي ظواهر مختلفة تشكل عناصر مركزية في الاستعمار الإسرائيلي، وفي النضال التحرري الفلسطيني، وفي مجمل العوامل المؤثرة على الصراع. وينعقد المؤتمر ليساهم في نقاش الواقع لغرض تشخيصه، والوقوف على عناصر القضية الفلسطينية في وقعها الآني ومستقبلها، وأخذ تناقضات القوى الفاعلة فيها وانسجامها وتحالفاتها بعين الاعتبار. سيكون النقاش الذي يتوخّاه المؤتمر على ثلاثة مستويات: الأول هو تناقضات قوى الهيمنة وتحالفاتها، والثاني هو تناقضات قوى التحرر وتحالفاتها، والثالث هو تناقضات قوى الهيمنة مع قوى التحرر من جهة، ووجود وكلاء لقوى الهيمنة في عقر دار قوى التحرر، وكذلك وجود قوى تحررية في عقر دار قوى الهيمنة. وستتطرق محاور المؤتمر إلى التمظهرات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية لهذه التناقضات والتحالفات.
يشارك في المؤتمر أساتذة وباحثون وخبراء وناشطون من أنحاء العالم، يراجعون طبيعة الاستعمار الإسرائيلي وطبيعة المصالح التي يخدمها، وطبيعة القوى المعادية للاستعمار في المجتمع الفلسطيني وحلفائها في الداخل والخارج، وطبيعة المعركة بين قوى التحرر الفلسطيني وحلفائها من جهة، والقوة الاستعمارية وأحلافها من جهة أخرى، وطبيعة ساحات المعركة وأدواتها، واستراتيجياتها.
ينعقد المؤتمر يومي الجمعة والسبت، 1و2 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بترتيب هجين في حرم جامعة بيرزيت وعبر الفضاء الافتراضي في الوقت ذاته.
بسبب إجراءات السلامة والإجراءات المقرة في الجامعة سيتمكن عدد محدود من المشاركة الوجاهية في المؤتمر في حرم جامعة بيرزيت في قاعة 234 في مبنى ملحق معهد الحقوق، علما بأنه سيتم بث المؤتمر حيا على قناة معهد مواطن على اليوتيوب وعبر صفحة المعهد على الفيسبوك، فضلا عن إمكانية المشاركة عبر منصة زووم والتي تتطلب التسجيل سابقا عن من خلال الضغط هنا.
حددت جامعة بيرزيت، بسبب الظروف الوبائية، وحفاظا على الصحة والسلامة العامة، إجراءات لدخول الزوار إلى الحرم الجامعي تشمل إبراز شهادة تلقي مطعوم كوفيد 19 أو إبراز نتيجة فحص PCR سلبية تم إجراؤها خلال مدة لا تزيد عن 72 ساعة قبل موعد الزيارة. ويتعين على جميع المتواجدين في حرم الجامعة الالتزام باستخدام الكمامة، وبروتوكولات الإجراءات الوقائية كافة.
وبناء عليه سيقتصر حضور المؤتمر وجاهيا على عدد محدود. لذلك إن كنتم ترغبون بالحضور وجاهيا، الرجاء التأكد من شروط دخول الحرم الجامعي والتسجيل من خلال الضغط هنا.
يمكن الاطلاع على ورقة المفهوم الخاصة بالمؤتمر، وبرنامج المؤتمر، وملخصات المداخلات، وقائمة المشاركين من خلال زيارة الموقع الالكتروني للمعهد (http://muwatin.birzeit.edu/ar/conventions) او من خلال الموقع الالكتروني لجامعة بيرزيت (Birzeit.edu/ar/events)، أو صفحة الفيسبوك الخاصة بالمعهد (Facebook.com/muwatininstitute1)
أما عناوين المنصات التي يمكن متابعة المؤتمر من خلالها في الفضاء الافتراضي فهي:
اليوتيوب: https://www.youtube.com/MuwatinInstituteBirzeitUniversity ننصح بالاشتراك في القناة ليصلكم التذكير بالمؤتمر وأي تحديثات أخرى.
الفيسبوك: https://www.facebook.com/MuwatinInstitute1
منصة زووم: https://birzeit-edu.zoom.us/webinar/register/WN_ds3A7VfvSF2VSd6x7NM6QA
ملاحظات مفاهيمية
مؤتمر مواطن السنوي السابع والعشرين
"الاقتصاد السياسي للهيمنة والتحرر في فلسطين"
المزمع عقده يومي الجمعة والسبت، 1 و2 تشرين الأول/أكتوبر 2021
بقيت القضية الفلسطينية بدون حل رغم انحسار الاستعمار عالمياً في العقدين اللذين تليا نهاية الحرب العالمية الثانية، ورغم تبوُّء القضية سدة جداول أعمال المؤسسات الدولية لعقود طويلة، ورغم التحولات الكبرى التي شهدها النظام العالمي مع الاتجاه نحو النيوليبرالية والانفتاح في العقد الثامن من القرن الماضي، وانهيار المعسكر الاشتراكي في العقد العاشر، وغيرها من التحولات. وقد شهدت الأعوام الماضية نقاشاً واسعاً ومتجدداً حول طبيعة المشروع الوطني وآفاقه، وضرورة بناء رؤية متجددة له. ويستطيع متابعو هذا النقاش أن يروا بوضوح أن جزءاً من صعوبة التجديد يكمن في ضرورة العودة إلى التشخيص المتعلق بطبيعة القوى المهيمنة، وتحالفاتها، وظروف الهيمنة وأدواتها، وكذلك طبيعة قوى التحرر وطاقتها وتناقضاتها وأدواتها.
ينعقد مؤتمر مواطن السنوي السابع والعشرون ليساهم في نقاش الواقع لغرض تشخيصه، والوقوف على عناصر القضية الفلسطينية في وقعها الآني ومستقبلها، وأخذ تناقضات القوى الفاعلة فيها وانسجامها وتحالفاتها بعين الاعتبار. سيكون النقاش الذي يتوخّاه المؤتمر على ثلاثة مستويات: الأول هو تناقضات قوى الهيمنة وتحالفاتها، والثاني هو تناقضات قوى التحرر وتحالفاتها، والثالث هو تناقضات قوى الهيمنة مع قوى التحرر من جهة، ووجود وكلاء لقوى الهيمنة في عقر دار قوى التحرر، وكذلك وجود قوى تحررية في عقر دار قوى الهيمنة. إضافة إلى ذلك، ستغطي محاور المؤتمر التمظهرات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية لهذه التناقضات والتحالفات.
محاور المؤتمر
سيناقش مؤتمر مواطن السنوي السابع والعشرون هذه القضايا، بالتركيز على الاقتصاد السياسي للظواهر المختلفة التي تشكل عناصر مركزية في الاستعمار الإسرائيلي، وفي النضال التحرري الفلسطيني، وفي مجمل العوامل المؤثرة على الصراع. وسيعرض المؤتمر لهذه القضايا ضمن ثلاثة محاور:
المحور الأول: طبيعة الاستعمار الإسرائيلي وطبيعة المصالح التي يخدمها، والتي تجعله متمتعاً بالقدرة على الهروب من مساءلة القانون الدولي، وقادراً على جذب الحلفاء من أنحاء العالم، بما في ذلك التطبيع مع عدد من الدول العربية، ومع دول أخرى حليفة للشعب الفلسطيني. ويمكن ضمن هذا المحور، على سبيل المثال، فحص جدوى الاستيطان ومكوّنه الريعي، والتقائه مع متطلبات النيوليبرالية، ونقاش دور "صناعات الأمن والمراقبة" الذي يميز الاقتصاد الإسرائيلي، ويشكل سبباً مهماً لحفاظ الدول المختلفة على علاقات إيجابية مع إسرائيل رغم الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها.
المحور الثاني: طبيعة القوى المعادية للاستعمار في المجتمع الفلسطيني وحلفائها في الداخل والخارج، وتنوع هذه القوى في الأماكن المختلفة للتواجد الفلسطيني، وخصوصيات هذه القوى، وسبل بناء أقوى جبهة فلسطينية لمقاومة الاستعمار، والأسباب المعيقة لذلك، بما في ذلك الفساد، والمصالح السياسية والاقتصادية الضيقة. وكذلك جدوى استخدام الأدوات المختلفة في عملية مقاومة الاستعمار؛ من مثل طبيعية البنى التنظيمية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية الفلسطينية، والأحزاب والفصائل الفلسطينية وأجهزتها التنسيقية؛ وطبيعة البنى القانونية، والاقتصادية، والسياسات التي تتبناها النخب الفلسطينية، ودرجة مواءمتها للمشروع التحرري، ودورها الممكن في إعاقته.
المحور الثالث: طبيعة المعركة بين قوى التحرر الفلسطيني وحلفائها من جهة، والقوة الاستعمارية وأحلافها من جهة أخرى، وطبيعة ساحات المعركة وأدواتها، واستراتيجياتها. ويشمل ذلك نقاش أشكال المقاومة الفلسطينية الشعبية (وكذلك التضامن الشعبي الدولي) وشبه العسكرية والدبلوماسية، ونطاقات هذه المقاومة محلياً وعربياً وعالمياً، وشبكات العلاقات والبنى التنظيمية الضرورية لها، بما في ذلك أدوار الفلسطينيين خارج فلسطين، والمهمشين حالياً، وكيفية تفعيلهم في مسعى نضالي منظم. كما نأمل، في هذا المحور، نقاش ما يتعلق بالمبادئ والحقوق غير القابلة للتصرف (التي لا يمكن التفاوض بشأنها) مقابل آليات تحقيق الحقوق التي يمكن التفاوض بشأن تنظيمها، وأهمية الطابع الدولي (غير الثنائي) للتفاوض، وشروطه، وأرضيته. إضافة إلى ذلك، ينضوي تحت هذا المحور نقاش الأدوات التي يستخدمها الاستعمار في كبح جماح النضال الفلسطيني وإحباطه، من خلال وصمه بالإرهاب واللاسامية وما شابه، وكذلك الآليات الاقتصادية التي تستخدمها قوى الاستعمار مثل الحصار، وإعاقة الإنتاج، والمساعدات الدولية المشروطة، ومشاريع السلام الاقتصادي، ومدى تأثير هذه الأدوات على بنى حركة التحرر الوطني الفلسطيني.
طارق دعنا
الاستيطان-الاستعماري والإنتاج العسكري-الأمني في إسرائيل: منظور اقتصاد سياسي
تقدم المداخلة تشريحاً للعلاقة العضوية بين الإنتاج والتطور التكنولوجي العالي في مجال الإنتاج العسكري-الأمني الإسرائيلي، وبنية الاستعمار الاستيطاني والاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية من منظور اقتصاد سياسي. وتجادل أن الصعود العالمي لإسرائيل في مجال الابتكار العسكري والأمني، شكل أحد مرتكزات القوة في الأيديولوجيا الصهيونية، التي تجلّت عملياً خلال عقود طويلة من المشاريع الاستعمارية التوسعية والحروب الإقليمية، والتي شكلت، بمجملها، محفزاً أساسياً للابتكار والإنتاجية العسكرية-الأمنية العالية. وعلى الرغم من ذلك، تعتبر المداخلة أن حقيقة التفوق العسكري-الأمني الإسرائيلي هو نتيجة للاعتمادية البنيوية على المساعدات الحكومية والاستثمارات الخاصة من الولايات المتحدة، وبالأخص منذ ما بعد حرب حزيران 1967. إضافة إلى ذلك، يسلط المتحدث الضوء على الخصائص الأخرى التي تحدد الإنتاج العسكري والأمني الإسرائيلي، مثل الأغراض الوحشية لهذه الابتكارات، وتورطها في جرائم حرب حول العالم، وأهميتها في ضمان استمرارية اقتصاد الحرب الإسرائيلي، وما يحققه من مدخولات عالية للقطاعين العام والخاص.
لميس فرّاج
واقع العمالة في فلسطين: استخدام الوظيفة كأداة ابتزاز ومقايضة
يشهد سوق العمل الفلسطيني العديد من التحديات والعقبات، تبعاً للتغيرات في الظروف السياسية والاقتصادية، إذ تأثرت العمالة الفلسطينية بالعديد من العوامل، التي أفرزت التركيبة العمالية بشكلها الحالي، ولعلّ أبرزها العمل داخل الخط الأخضر، وتضخم الوظيفة العامة، ناهيك عن المؤسسات الأهلية والتمويل الخارجي.
تعرض المداخلة لتركيبة العمالة الفلسطينية، وآليات السيطرة والتقويض من خلال مصدر الرزق، كأداة للمقايضة، إذ تشير معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد العاملين في فلسطين 1,010,400 عامل، منهم 209,500 عامل في القطاع الحكومي، و667,600 عامل في القطاع الخاص، و133,300 عامل داخل الخط الأخضر والمستعمرات، ما يعني أن حوالي 20% من العمالة تخضع للسلطة الحاكمة، في حين 13% منها تعمل داخل الخط الأخضر، وتخضع أرزاقهم لابتزاز الاحتلال، إضافة إلى العاملين في المؤسسات الأهلية، البالغ عددهم حوالي 42,000 عامل. بناء على ذلك، تفترض الورقة أن حوالي 40% من العمالة الفلسطينية، وبالتالي نسبه مشابهة من الأسر الفلسطينية، يتم تقويضهم بشكل مباشر. وتجادل المداخلة أن الآليات الاقتصادية التي تستخدمها قوى الاستعمار، مثل المنح والمساعدات المشروطة، التي يتم فرضها أولاً على السلطة الفلسطينية، وكذلك التسهيلات الاقتصادية من قبل الاحتلال، ومنح التصاريح للعمال، تؤول إلى كبح جماح النضال الفلسطيني وإحباطه، وتعزز من التبعية والتقويض.
طارق صادق
الاقتصاد السياسي للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي: بين إخضاع الفلسطينيين وتسليع الحقوق
تفرض إسرائيل على الشعب الفلسطيني نظام استعمار استيطاني، لا تستطيع فيه إجراء عمليات طرد واسعة حتى الآن، باستثناء ما تم في نكبة 1948 ونكسة 1967. إلا أن هذا النظام يتبنى مجموعة سياسات تشكل بيئة طاردة للفلسطينيين من أرضهم. على الصعيد الاقتصادي، لا يوجد لدى نظام الاستعمار الاستيطاني سياسة اقتصادية بالمعنى الحرفي للسياسات الاقتصادية، لكن لديه مجموعة من الخطط ضمن مخطط البيئة الطاردة للإحكام على الاقتصاد الفلسطيني، ومنعه من التطور، وإخضاعه للاقتصاد الإسرائيلي. تعالج المداخلة إحكام إسرائيل سيطرتها على الاقتصاد الفلسطيني، كجزء من هذه الخطط، من خلال السيطرة على كل عناصر الاقتصاد الفلسطيني: الأرض وما تحتويه من موارد، السكان، المعابر. وإضافة إلى إحكام السيطرة على الاقتصاد، تنفذ إسرائيل سياسة تدمير للبنية التحتية، ومحاصرة ما تبقى من مناطق مأهولة بالسكان الفلسطينيين. ينتج عن كل هذه السياسات ضعف القطاعات الإنتاجية الفلسطينية، وبالتالي تنخفض قدرة الاقتصاد الفلسطيني على التشغيل، لتقوم إسرائيل بترسيخ التبعية من خلال العمل داخل الخط الأخضر. تترسخ التبعية، أيضاً، في السيطرة على المعابر التجارية، ما يحصر التجارة الخارجية للاقتصاد الفلسطيني مع الاقتصاد الإسرائيلي. في ظل انخفاض إنتاجية القطاعات الإنتاجية، ترتفع، بشكل ملحوظ، إنتاجية قطاع وحيد منذ العام 2008، وهو قطاع التجارة، نتيجة لسياسة تشجيع الإقراض من سلطة النقد الفلسطينية. لقد كان لازدياد إنتاجية قطاع التجارة ظهور طبقة رأسمالية جديدة في المجتمع الفلسطيني، وهي طبقة كبار التجار، الذين يحتكرون الأسواق ويتحكمون بالأسعار، ويستطيعون أن يغرقوا الأسواق بالبضائع المستوردة أو قطعها نهائياً. من جهة أخرى، ساهم تدفق أموال المانحين إلى السلطة الفلسطينية، وإلى مؤسسات المجتمع المدني إلى ظهور طبقة متوسطة جديدة يعتمد دخلها على أموال المانحين المشروطة. التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ولأموال المانحين تخضع الفلسطينيين أمام المخططات الإسرائيلية المشكلة للبيئة الطاردة. تتطرق الورقة، أيضاً، إلى المنافع الاقتصادية التي يجنيها الاقتصاد الإسرائيلي من الاستعمار الاستيطاني. كأي استعمار يجني الاقتصاد الإسرائيلي المنافع نتيجة استغلال الموارد الفلسطينية، لكنه، أيضاً، يجني المنافع من تسليع الحقوق، حيث ينشأ قطاع خاص جديد من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي المتقاعدين ليجنوا الأرباح من بيع الفلسطينيين بعضاً من حقوقهم في الحركة، والبناء، والإنتاج.
باسم الزبيدي
الاقتصاد السياسي لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
هناك رأي يعزو تعثّر، وربما فشل، مهمّة تحرر الفلسطينيين في العقود الستة الماضية، إلى التضاد البنيوي بين فكرة التحرر الوطني والانعتاق ومتعلقاتهما من جهة، والبنية الفكرية والمؤسسية لآلة نظم الفعل التحرري المفترضة –أي منظمة التحرير الفلسطينية- التي أخذت على عاتقها تمثيل الفلسطينيين والتعبير عن إرادتهم الحرة، من جهة أخرى. أسباب متنوعة تُستحضَر، عادةً، لتفسير التضاد بين الهدف (التحرر) والوسيلة (م ت ف)، منها ما هو ذاتي كطبيعة القيادة والبرنامج والاستراتيجية والأدوات، ومنها ما هو موضوعي كبنية الصراع وجذره الاستعماري وخصوصية المستعمِر والظروف الإقليمية وغير ذلك. مساهمتي تتناول جانباً يهمله كثيرون هو الأثر العميق للاقتصاد (أو المال) السياسي على برنامج منظمة التحرير واستراتيجيتها، وعلى تجريدها من القدرة على الولوج نحو التحرر الفعلي، ما يطرح سؤالاً مهماً: ما جدوى الحفاظ على منظمة تحرير أفسدها المال السياسي وأضحت هي ذاتها بأمس الحاجة إلى تحرير؟
عصام الحاج حسين
الفساد في إدارة الموارد والثروات الطبيعية الفلسطينية: دور الاحتلال الإسرائيلي
تعتبر إدارة واستغلال الموارد العامة والثروات الطبيعية من المجالات المهمة التي تديرها الدولة نيابة عن الشعب المالك الحقيقي لها، ويتطلب ذلك وجود سياسات عامة وتشريعات وإجراءات مقرة معتمدة وفقاً لأصول معرفة من أجل ضمان حسن إدارتها، فهي قد تشكل بيئة خصبة لمخاطر الفساد، وبخاصة إذا تفردت جهة منفردة في النظام السياسي في اتخاذ القرارات المتعلقة بها، وبدون رقابة فعالة، الأمر الذي يتيح إساءة استغلالها (لمصالح فئوية أو حزبية) لغير الصالح العام.
وعلى الرغم من أن معظم الثروات الطبيعية الفلسطينية تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، فإن البعض منها يدار كلياً أو جزئياً من قبل الجانب الفلسطيني استناداً إلى بروتوكول باريس الاقتصادي، إضافة إلى أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي (التي تخدم أهدافها الاستعمارية والاقتصادية) عمدت إلى إعاقة بناء اقتصاد فلسطيني مستقل وذي جدوى، وسعت إلى إبقاء المناطق الفلسطينية سوقاً للمنتجات الإسرائيلية والتحكم بدخول أي مواد تساهم في تأسيس بنية تحتية لاقتصاد فلسطيني مستقل ومتمكن. كما بقيت المصالح الإسرائيلية حاضرة في إجراءات سلطات الاحتلال المتعلقة بقطاع غزة، فعلى الرغم من تخلي الاحتلال عن مكاسب مرتبطة بأراضي القطاع، فإن أطماعه الاقتصادية كانت حاضرة دوماً في هذه الإجراءات كدخول وخروج المنتجات الإسرائيلية لسكان القطاع.
وقد شابت إدارة الموارد والثروات الطبيعية الفلسطينية، منذ نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية، العديد من أشكال الفساد من قبل جهات متنفذة في السلطة الفلسطينية تربطها علاقات ومصالح مع القطاع الخاص الفلسطيني والإسرائيلي، كان أبرزها مجموعة الشركات التي تم تأسيسها من قبل خالد إسلام المستشار الاقتصادي لرئيس السلطة في حينه ياسر عرفات، أحياناً بتسهيل عملية الاحتكار (بالتنسيق والتعاون مع حكومات الاحتلال) كالإسمنت والبترول والتبغ، أو من خلال الشراكة مع بعض أطراف القطاع الخاص الفلسطيني كالحديد والاتصالات والكهرباء والمواصلات، وأحياناً من خلال أراضي الدولة، حيث تم تحويل إيرادات كانت من حق الخزينة العامة إلى حسابات خاصة، أو من خلال تأسيس شركات خاصة بأسماء موالين للنظام، حصلت على تسهيلات من قبل مسؤولين رسميين في السلطة الوطنية، وأحياناً من قبل مسؤولين إسرائيليين للتصدير والاستيراد. جزء من هذه المصالح ارتبط بأهمية استخدام المال والسيطرة على الموارد كأداة للسيطرة على الحكم من قبل فئة أو شريحة، وشراء الولاءات، أو للحصول على امتيازات ومكاسب مالية عالية. ترافق هذا مع غياب منظومة قانونية تمنع الاحتكار، وتنظم عملية منح الامتيازات في إدارة هذه الموارد، أو في تقديم خدمات أساسية وحيوية للمواطن الفلسطيني، وفي غياب حقيقي فعال للرقابة الرسمية.
ستعالج المداخلة أشكال الفساد في إدارة هذا الملف، وعلاقته باقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، ودوره فيها، والسيطرة والنفوذ والتفرد بالقرارات ذات العلاقة من قبل جهات فلسطينية متنفذة.
عريب الرنتاوي
الاقتصاد السياسي للإسلام السياسي الفلسطيني
تتناول المداخلة تجربة الإسلام السياسي في بناء شبكات التمويل الأهلي وأثرها على توفير "الاستدامة" وتوفير هوامش "الاستقلالية"، و"التمويل والتحالفات الإقليمية"، والاقتصاد الموازي وأثره في إدامة الانقسام.
جميل حرب
النظم الغذائية الفلسطينية ودورها في الصمود والتنمية الحقيقية
تتميز فلسطين بمناخات متباينة سمحت بتنوع كبير في المنتجات الغذائية. إضافة إلى ذلك، تتباين المصادر الطبيعية، بالأخص المائية، كثيراً بين المحافظات الفلسطينية. اعتماداً على ذلك، بالإمكان التعرف على نظامين غذائيين في فلسطين، أولهما النظام التقليدي، وثانيهما الحديث. يتمثل الأول بقطاعات الزيتون والأغنام والعنب البعلي ويتركز في المناطق البعلية، بالأخص محافظات الخليل، وبيت لحم، ورام الله والبيرة، ونابلس وسلفيت وأجزاء واسعة من محافظتي جنين وطوباس. أما الثاني، فيتمثل أساساً بالزراعات المكثفة وتربية الحيوانات المكثف في محافظات قلقيلية وطولكرم وأريحا ومحافظات قطاع غزة، وأجزاء من محافظتي جنين وطوباس.
تم اعتبار النظام الأول، التقليدي، على أنه الأساس في الحفاظ على الأرض الفلسطينية، وتعزيز صمود الفلسطينيين ضمن واقع كونهم يرزحون تحت الاحتلال. هذه النظرة صائبة، ولكننا ننطلق من مقاربة أخرى تقوم على أن النظام الغذائي الحديث أكثر تأثيراً، من الزاوية الإيجابية، في تدعيم الصمود الفلسطيني والمساهمة في التنمية الحقيقية المبتغاة. مقاربتنا تستند إلى الإنتاجية العالية جداً للأنماط الزراعية الحديثة (منها البيوت المحمية، والعنب اللابذري، والجوافة، والأفوكادو، والدواجن) مقارنة بالأنماط التقليدية، ما يساهم في خلق فرص عمل أكثر للشباب والشابات. يضاف إلى ذلك أن كفاءة استعمال الموارد، وبخاصة المياه، أعلى نظراً لتبني عدد كبير من المزارع نظماً تكنولوجية موفرة، وإن كانت هذه النظم مكلفة مالياً.
في النهاية، نجادل أن تحفيز الأنماط الحديثة في النظم الغذائية الفلسطينية فرصة للمساهمة، بشكل فعال، في تعزيز صمودنا. هذا على الرغم من السلبيات المصاحبة للأنماط الحديثة، ومنها الاعتماد المكثف على الكيماويات المصنعة، وعلى السوق داخل فلسطين المحتلة العام 1948 لتسويق جزء ملموس من المنتج، ما يصعب الانفكاك عن الاحتلال، وكذلك التأثير السلبي للأنماط الحديثة على التغير المناخي.
ومما يجدر التنويه له، أن أداء المؤسسات الحكومية الفلسطينية ما زال دون المستوى، وبخاصة ما يتعلق بالرقابة على مدخلات النظم الغذائية ومخرجاتها، وكذلك في مجال التوعية والإرشاد والبحث العلمي.
بيان عرقاوي ومنيس الفار
تقييم أثر الأَمْوَلَة على التنمية الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية
التمويل المصرفي قادر على إحداث تغييرات تنموية إن تم توجيهه على نحو يعالج بعض التحديات الوطنية في ظل الاحتلال. وقد عززت السياسات النيوليبرالية للحكومة الفلسطينية ولسلطة النقد الفلسطينية دور المصارف في الاقتصاد، وأدت إلى زيادة الائتمان المحلي. إلا أن هذا التمويل المصرفي لم يتقاطع مع سياسات اقتصادية حكومية ساعية إلى التقليل من آثار الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية على الاقتصاد المحلي.
فالائتمان، أولاً، لم يكن موجهاً نحو غايات إنتاجية كأولوية، كما أن غزارة القروض الاستهلاكية لم تتزامن مع سياسات حكومية تحث المستهلكين على شراء منتجاتهم الوطنية. وعليه، فقد أدت السياسات النيوليبرالية إلى أن يتجه المواطنون إلى الاستهلاك؛ الذي بدوره يعزز قوة وأهمية وهيمنة السوق على حساب دور الدولة من جهة، وبالطبع، إن الاعتماد على توزيع الموارد حسب آلية السوق الخاضع لشروط اتفاقيتي أوسلو وباريس الاقتصادية وحدها، دون أي تدخل حكومي، يعزز الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية الأكثر تقدماً وقوة على الاقتصاد الفلسطيني من جهة أخرى. تعالج المداخلة العلاقة بين القطاعين المالي والإنتاجي للاقتصاد من خلال حالة دراسية في الأراضي الفلسطينية، حيث تقيّم أثر أحد التدخلات التي فرضتها سلطة النقد على المصارف، وبالتحديد البند السابع من تعليمات رقم (05/2008)، الذي ينص على أن تلتزم كافة المصارف العاملة في فلسطين بعدم تجاوز نسبة التوظيفات الخارجية إلى إجمالي الودائع نسبة 55% بحلول 31 آب 2009 بهدف زيادة نسبة الاستثمارات الداخلية والتسهيلات الممنوحة. ويمثل التغيير في السياسة صدمة خارجية (exogenous shock) للقطاع المصرفي، ما يمكّن من تنفيذ ما يعرف بـ"التصميم شبه التجريبي" (quasi experimental design) الذي نستخدمه في عملية التحقق من وجود علاقة سببية بين الأمولة والتنمية الاقتصادية.
عبد الرحمن التميمي
السياسات الإسرائيلية للسيطرة الكاملة: قطاع المياه .. نموذجاً
تعاقبت إدارات عديدة على قطاع المياه منذ الحكم العثماني وحتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وتعتبر فترة الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً حياً للهيمنة الاستعمارية الاستيطانية، حيث إن النموذج الكلاسيكي للاستعمار لم يكن كافياً للسيطرة على المياه الفلسطينية. ولذلك، انتقلت هذه السيطرة إلى الهيمنة الكاملة والإلحاق بالسياسات الاستعمارية الاستيطانية بتواطؤ من الرؤيا النيوليبرالية.
تهدف المداخلة إلى بيان الاتجاه الأعظم (mega trend) لسياسة إسرائيل الاستعمارية الاستيطانية وتحليلها من خلال مؤشرات فرعية (sub trend) لقطاع المياه كنموذج لهذه السياسة، كما ستناقش الورقة دور الرؤيا النيوليبرالية (مشاريع الخصخصة ومقترحاتها) في التكامل مع الاستعمار الاستيطاني، من خلال تحليل سياسات التمويل (الدول المانحة والبنك الدولي) لقطاع المياه.
يستند العرض إلى تحليل يقوم على المنهج الشمولي (holistic approach) للوصول إلى تحليل شامل لرؤية السياسات الإسرائيلية في إطار الاستعماري الاستيطاني الذي يقود إلى إلغاء مقدرات الشعوب، من خلال إلحاق هذه الشعوب بمشروعها الاستيطاني.
تعرض المداخلة تصوراً لعلاقة السياسات الإسرائيلية في قطاع المياه مع القطاعات الأخرى، في محاولة من دولة الاحتلال لتحويل الشعب الفلسطيني من مواطنين إلى زبائن.
نصاف براهمي
القضية الفلسطينية والشارع العربي
كان زمن الاستبداد في البلدان العربية يمنح الشعوب العربية في مفارقة عجيبة هامشا للتعبير عن مساندتها للقضية الفلسطينية، فيما كانت الشعوب، على ما يبدو، تؤمن ان الاستبداد والاحتلال ينبعان من نفس السلالة السياسية وكانت المعركة واحدة فلا يمكن نصرة القضية الفلسطينية في ظل أنظمة عربية قمعية ومطبعة مع "إسرائيل". ويعتقد البعض ان اهتمام الشعوب العربية بالقضية الفلسطينية قد تراجع لصالح الاهتمام بالقضايا المحلية بعد انتفاضات 2011 التي عرفتها المنطقة العربية، فما مدى صحة هذا الاعتقاد؟
ستحاول المداخلة الإجابة على هذا السؤال في شقين رئيسين، يتناول الأول غياب القضية على المستوى الرسمي للأنظمة العربية في ظل موجات التطبيع بعد 2011، فيم يهتم الجزء الثاني بالحضور القوي للقضية الفلسطينية على مستوى التحركات الشعبية والاعلام البديل في المنطقة العربية.
عبد الجواد حمايل
هبة بلا تنظيم: الفعل المقاوم كحدث عارض
كان اليوم الذي حُرق فيها الشهيد محمد أبو خضير لحظة فارقة، ليس فقط لأنها تحولت لفاتحة الحرب التي أظهرت مدى عمق التغير والتطور الذي طال بنية المقاومة في سهل غزة الساحلي، ولكن لأن في طيات الأحداث التي حصلت في سنة 2014 توطئة طويلة لما سيحصل في السنة التالية، أي في نهاية الشهر التاسع لسنة 2015، حين تتابعت الأحداث وتكاثفت بحيث تحول الفعل المقاوم إلى حالة مكثفة سرعان ما اكتسبت مصاف "الهبة" بما تعنيه من كثافة الفعل المقاوم، واتخاذه طوراً مستجداً. لم تتحول الهبة إلى انتفاضة عارمة تضم شرائح وطبقات واسعة من المجتمع الفلسطيني، ولم تبقَ الهبة دون بيانها السياسي الرافض للهزيمة وأشكالها السياسية، بيان مُرصع بدماء الشهداء، نستشفه بالوصايا المتتابعة التي حلقت في فضاء الهبة وتوالي أحداثها، وممارسات اتّخذت شكل الفعل المباشر من مسافة الصفر وزمن الصفر.
تسعى المداخلة إلى تبيان العلاقة بين شكل التكتلات الاجتماعية والسياسية عقب أفول الانتفاضة الثانية -انتفاضة الأقصى- ودور علاقات الإنتاج المستجدة في تسريع عملية التذرير الاجتماعي (social atomization)، وما أنتجه هذا التذرير الاجتماعي من تحول الفعل المقاوم من شكل منظم يرتبط بالتنظيمات السياسية المختلفة إلى شكل فردي أو ذري، يتخذ بُعداً اجتماعياً، ولكنه اجتماعي على مستوى الحاجة لإنتاج الفعل، وليس على مستوى سياسي يرتبط بالتفكير بالعلاقة بين الفعل ومخرجاته السياسية. في هذا الصدد، هناك ثلاثة عناصر للتحليل: الأول يرتبط بشكل وطبيعة الاقتصاد السياسي في فلسطين عقب الانتفاضة الثانية، وبالأخص توغل وتوسع البيروقراطية الفلسطينية بما تعنيه من علاقة تتخذ شكلاً منفعياً اقتصادياً ما بين البيروقراطي والبيروقراطية، وبين النخب الحاكمة ورؤيتها الاجتماعية والسياسية وتسليعها للعجز السياسي، أي إنتاج العجز كسلعة، خاصة بالعلاقة مع الممول والمستعمِر. ثانياً تعالج المداخلة العلاقة الاقتصادية المرتبطة بتضخم أشكال وأنماط الاستهلاك وتنوعها الطبقي في مسعى لإعطاء الاستقطاب الطبقي المتعاظم أشكالاً مادية ملموسة ترتبط بالمواقع والأنماط والهويات المتشكلة في عمليات الاستهلاك. أما العنصر الثالث من التحليل، فسيتناول ديناميكيات الثقة كمفهوم اجتماعي يلعب دوراً مهماً في إمكانية نشأة الكتلة السياسية المناهضة للاستعمار، ودور كل من التعاون والرقابة والعقاب في تفكك المفهوم الاجتماعي للثقة، وبالتالي في خلق مانع إضافي أمام صعود كتل سياسية قادرة على الفعل المنظم في السياق الفلسطيني. كما سنتناول ديناميكيات الفعل بعلاقته مع البنى الاستعمارية، ونتطرق إلى دور الخيال/الفانتازيا في إنتاج الفعل المقاوم وفي استمراريته، وارتباط الاستمرارية بحواضن المحبة والثقة التي تمظهرت من خلال قيام أصدقاء وأقرباء بأعمال مشتركة أو متتابعة، ومحاولات قمع الهبة من خلال استراتيجيات متعددة استحضرت الاعتقال والتنكيل بالجسد المقاوم، وتدفيع الثمن الاجتماعي من خلال استهداف منازل المنفذين، والاستمالة من خلال استحداث خطاب اجتماعي أمنى على وسائل التواصل الاجتماعي، وفتح أبواب تصريح العمل الموجه نحو فئات اجتماعية محددة هدفت إلى خلق شكل الفلسطيني في الداخل ومنظومات التحكم بالحركة. باختصار، هبة العمليات الفردية عبّرت عن قدرة الفعل المقاوم على الظهور على الرغم من المصفوفة المعقدة من العقبات، ولكن شكل ظهوره كان عارضياً (symptomatic). لقد تسارعت التغيرات الاجتماعية والسياسية نتيجة لاحتواء قوة تيار المقاومة في الضفة الغربية عقب الانتفاضة الثانية، وبتسريع عمليات التذرير الاجتماعي من خلال مجموعة من السياسيات، فقد أتاحت التصفية الجسدية والمعنوية لتيار المقاومة الإمكانية لنشأة تحالف طبقي-سياسي (الحركة الاجتماعية النيوليبرالية) قائم على تسليع العجز.
روجر هيكوك
ثورة في الثورة: المثقفون الغائبون
منذ الانتفاضة الثانية، تراجع دور الجامعات كمؤسسات، كما تراجع دور طلابها وأساتذتها ببطء. إن سعي الشعب الفلسطيني إلى التحرير لم يتوقف قط، أو حتى لم يتضاءل باستثناء فترات قصيرة؛ فاستمرت الأعمال الثورية المتعمدة على الجبهة الانتخابية وفي الشوارع حتى العام 2021. ما تغير هو التركيبة الاجتماعية للممثلين؛ ففي حين كان أعضاء هيئة التدريس والطلاب في انتفاضة العام 1987 مركزاً رئيسياً للمبادرات والقيادة والمشاركة العامة، أصبحوا كمجموعة عاملاً عابراً. لم يُلاحظ هذا الركود بالضرورة لدى فئات أخرى، فيُظهر المحامون، ومعلمو المدارس، والصحافيون، وبالطبع العمال من مختلف الحقول، إن كانوا يعملون أو عاطلين عن العمل، ميلاً أكبر للفعل. ما سبب هذا الحال؟ وما المطلوب لإعادة الأكاديميين كمجموعة إلى الدائرة الثورية؟ يبدون ساخطين، ومسرَّحين، ومشلولين فعلياً بسبب التركيز على اللغز النيوليبرالي العالمي، الذي اجتاح فلسطين، والمعضلة المحلية التي يُعبر عنها مصطلح "أوسلو". مُتفقاً مع ماركس في أطروحته الحادية عشرة عن فيورباخ، أجادل أن الوقت قد حان لتغيير العالم بدلاً من التفكير فيه. يجب على المثقفين الفلسطينيين، الذين يأسفون لحماسهم السابق لكل من الليبرالية الجديدة وأوسلو، اعتباره [الحماس السابق] أخطاء قابلة للتصحيح بدلاً من اعتبارها جرائم (أو خطايا) لا يمكن محوها، وبالتالي تحرير أنفسهم لاستئناف نضالهم الجماعي، وإلى حد ما، دورهم القيادي.
ريم البطمة وجميل سالم
الاقتصاد السياسي لإصدار وإلغاء التشريعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة
منحت النخبة القانونية والسياسية الفلسطينية دوراً مركزياً للقانون والهياكل القانونية في تغيير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين. وأصبح بناء عالم القانون موقعاً للصراع السياسي بين فاعلين مختلفين وخطابات مختلفة تستنجد بمفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون أو تستقوي بمفاهيم النظام العام والأمن والمصلحة العامة. جزء كبير من هذا الصراع هو اشتباك ومواجهة بين تطلعات التحرر من جهة، وتعزيز أنماط اقتصادية وسياسية مهيمنة من جهة أخرى. هذا، ويستثمر المجتمع الدولي، بشكل كبير، في المجال القانوني الفلسطيني، إذ ارتبطت بعملية بناء الدولة مجموعة كاملة من شروط المانحين الدوليين مع حزم إصلاحات تحت مسمى سيادة القانون والأمن. تحاول هذه المداخلة تتبع التشكل السياسي والاقتصادي للقانون الفلسطيني من خلال قراءة في التشريعات المختلفة.
ريم بهدي وديفد كاتنبرغ
الاستعمار متجسداً في زجاجة نبيذ: قضية كاتنبرغ
قام ديفد كاتنبرغ (الكندي) بزيارة إلى مصنع للنبيذ يقع في مستعمرة إسرائيلية في الضفة الغربية، وقام بعد ذلك بتقديم اعتراض لدى السلطات الكندية المختصة على المعلومات المضللة الواردة على ملصق النبيذ الذي ينتج في المستعمرة التي زارها. فالنبيذ يباع في كندا ويحمل لاصقاً عليه وسم "أنتج في إسرائيل". رفضت السلطات الكندية اعتراضه، وساورته شكوك بشأن وجود ضغوط سياسية، فتوجه إلى المحكمة. وجدت المحكمة أن هذا الوسم يمكن أن يضلل المستهلك الكندي، ويجب استبداله. ولكن الحكومة الكندية استأنفت الحكم لدى محكمة أعلى، مشيرة، فعلياً، إلى أن ما ينتج في المستعمرات يمكن اعتباره منتجاً في إسرائيل على الرغم من السياسة الكندية المعلنة بعدم شرعية الاستيطان.
تظهر هذه القضية كيف يتم تمويه الفعل الاستعماري تحت غطاء اتفاقات أوسلو. كما تظهر أن سياسة الحكومة الكندية (مثل حكومات أخرى) ليست صادقة في وقوفها مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولا حتى في موقفها من عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي. تحوي زجاجة النبيذ على ما يستخرج من عنب مزروع في أرض فلسطين، ويباع في كندا التي تعلن التزامها بالقانون الدولي، ولكنها تصر على الإعلان أنه أنتج في إسرائيل.
هالة الشعبي
المحكمة الجنائية الدولية: نظرة دول العالم الثالث للبناء النيوكولونيالي للمحكمة والميثاق
يعتبر الكثير من الدول والنشطاء القانونين والسياسيين المحكمة الجنائية الدولية نافذة لمشاريعهم التحررية وطريقهم للوصول إلى العدالة الجنائية. ولكن بالنظر إلى ميثاق المحكمة المنشئ تثار أسئلة عدة، من ضمنها: ما طبيعة الأعمال المُجرمة في الميثاق؟ وما هي المفاهيم البنيوية التي تقوم عليها المحكمة في عملها بالأخص في تفاعلاتها مع أجهزة الأمم المتحدة ونظرتها للأوضاع السياسية في الدول قيد النظر؟ الجرائم في الميثاق عديدة، وقد تبدو للوهلة الأولى شاملة، ولكن عند تحليل هذه الجرائم، نجد نقصاً في جرائم كانت تاريخياً وما زالت تُرتكب في ظل المنظومة النيوكولونيالية؛ مثل استغلال الموارد الطبيعية، والعقاب الجماعي، والعقوبات الاقتصادية. سيقوم هذا المقال بالنظر إلى حيثيات إنشاء المحكمة، واختيار الجرائم، وتاريخ صياغة الميثاق، والمفاوضات آنذاك، كما سيتطرق إلى مفاهيم بنيوية في الميثاق مثل علاقة المحكمة مع مجلس الأمن، ومفهوم "مصلحة العدالة".