الذاكرة الجماعية هي دائماً عملية قيد التشكل.  يطمح هذا الكتاب إلى تقديم مساهمة متواضعة نحو إنقاذ ذاكرة هؤلاء الأفراد، النساء منهم والرجال، عرباً ويهوداً، ممن تخطوا جماعتهم وتجرؤوا على تخيّل عالم يتجاوز العداء والكراهية القومية، عالم يحرر الكادحون من الناس، عمالاً وفلاحين، أنفسهم، بسعيهم وجهدهم الذاتي، مؤسسين لنظام اجتماعي قائم على العدالة الاجتماعية والمساواة، جامع بين صفوفه كل من يعيشون بكدحهم ويقاومون استغلال الآخرين لهم.

بين ثنايا هذه الصفحات، شظايا من التاريخ، تسلط ضوءاً على من هم هؤلاء الأشخاص؛ حياتهم ودوافعهم للنشاط السياسي، كما تكشف عن المحددات التي اعتبروها أساس الصراع في فلسطين، وتصوراتهم لشكل الحل العادل وأسسه، ضمن جملة أخرى من القضايا، وتتيح، أيضاً، قراءةً لتلك الفترة؛ من خلال سرد جزء من القصص الشخصية لنشطاء الحزب؛ سواء ما يتعلق منها بطبيعة انخراطهم في العمل السياسي، أو من خلال ما قدموه من قراءة لمواقف الحزب السياسية، كما عبرت عنها المنشورات، والبيانات، والمجلات، والكتيبات، والصحف القانونية وغير القانونية الصادرة عن الحزب.