العنصرية كصفة متأصلة؛ الفصل العنصري كوسيلة
كان المشروع الصهيوني، منذ نشأته في القرن التاسع عشر، عنصريًا في جوهره، حيث منح امتيازًا لـ "الشعب اليهودي" في رؤيته للملاذ الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأسيس وطن لليهود تحميه الدولة اليهودية. تجلى هذا البعد العنصري عندما تركزت الجهود الصهيونية على فلسطين، مدعية أنها الوطن القومي التوراتي للشعب اليهودي. حتى عندما أُصدر إعلان بلفور الذي حمل تعهدًا بالدعم البريطاني لإقامة وطن لليهود في إسرائيل، واجه المشروع حاجزًا ديموغرافيًا قويًا نظرًا إلى أن عدد السكان اليهود في فلسطين في العام 1917 كان أقل من ٪10. بعد ذلك، ركز المشروع الصهيوني على تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين بهدف غير مقنع يتمثل في تغيير التوازن الديموغرافي. وبمرور الوقت، عندما أصبحت أهداف الهيمنة الصهيونية أكثر شفافية وذلك خلال فترة الانتداب البريطاني، ازداد استياء ومقاومة السكان الموجودين في فلسطين، وبلغت المقاومة ذروتها في الثورة العربية 1936-1939، التي كانت تستهدف البريطانيين والصهيونية بنفس القدر.
في النهاية، انقلب العرب واليهود ضد الانتداب البريطاني، مما جعل إدارته صعبة ومكلفة. كان العرب مدفوعين بالقومية المناهضة للاستعمار ضد الوجود البريطاني، وخاصة لتسامحه مع الهندسة الديموغرافية الصهيونية، وضد المشروع الصهيوني. وكان اليهود في فلسطين مدفوعين أيضًا بالقومية المناهضة للاستعمار بطريقتهم الخاصة أي ذات الطابع العرقي الحصري، وهو ما أظهر الجانب العنصري. أنتجت هذه المشاعر الصهيونية المعادية لبريطانيا ردود فعل إرهابية عندما سعت لندن متأخرة إلى إدارة التوتر المتزايد في فلسطين من خلال تضييق الخناق على الهجرة اليهودية عبر فرض قيود سنوية على أعداد المهاجرين. ونظرًا إلى أن السكان العرب واليهود أرادوا خروج البريطانيين الذين استمروا في دورهم الانتدابي بعد أن أضعفتهم الحرب العالمية الثانية، لجأت المملكة المتحدة إلى الأمم المتحدة لإيجاد حل بما أنها [الأمم المتحدة] كانت قد أوصت سابقًا بنتائج التقسيم، ولكنها أعربت عن قلقها من عدم نجاح التقسيم في ضوء الادعاءات المتداخلة لما قدمته على أنه قوميات معادية.
شرعت الأمم المتحدة في تشكيل لجنة من الأفراد البارزين الذين توصلوا إلى توصياتهم الخاصة للتقسيم، مع فصل القدس كنظام دولي خاص. تمت الموافقة على هذه التوصيات في الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181، A / RES / 181، بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947 بأغلبية 33 صوتًا مقابل 13 صوتًا، وامتناع 10 أعضاء عن التصويت. وتجدر الإشارة إلى أن مقترحات الأمم المتحدة انتهكت مبدأ تقرير المصير من خلال الموافقة على التقسيم دون استشارة السكان المقيمين عن طريق الاستفتاء أو من خلال التشاور مع قادة المجتمع الفلسطيني، في ظل عدم وجود بنية رسمية للحكم الفلسطيني الأصلاني خلال فترة الانتداب. علاوة على ذلك، لم تبذل الأمم المتحدة جهودًا جدية لاحقًا لتأمين امتثال إسرائيل للقانون الدولي ردًا على المظالم الفلسطينية، وذلك باستثناء القرارات وخطابات الدبلوماسيين في العروض التقديمية السنوية للحكومات الأعضاء في الجلسات الافتتاحية للجمعية العامة، والتي تجاهلتها الحكومة الإسرائيلية بشكل فظ. تفاقمت إحباطات مؤيدي حقوق الفلسطينيين بسبب الإلغاء الجيوسياسي الذي اتخذ شكل حماية أمريكية غير مشروطة لإسرائيل من جميع الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكات القانون الجنائي الدولي، بما في ذلك تلك التي تسعى للقضاء على التمييز العنصري بجميع أشكاله مثل الحرمان من حق العودة المفروض على اللاجئين الفلسطينيين. انظر/ي القرار GA Res. 194، A / RES / 194، 11 كانون الأول 1948 الذي تم اعتماده بتصويت بأغلبية 35 صوتًا مقابل 15 وامتناع 8 أعضاء عن التصويت.
تركت المناطق المنفصلة في فلسطين المخصصة للشعبين أغلبية من السكان العرب في الدولة اليهودية المقترحة، مما جعل حرب العام 1948 ليس فقط ضد الجيوش العربية الغازية بل أيضًا مناسَبة لإصلاح هذا التحدي الديموغرافي للرؤية الصهيونية لإسرائيل. وسيتطلب الحفاظ على هذه التراتبية في إسرائيل الاعتماد على العديد من الأدوات العنصرية للسيطرة والتمييز والإقصاء على مدى العقود التالية.
احتوى نص إعلان بلفور في العام 1917 أيضًا على لغة مفادها أن الدعم المتعَهَد به للحركة الصهيونية العالمية لن يتحقق على حساب المجموعات السكانية غير اليهودية التي تعيش في فلسطين، ولكن يبدو أن هذا البند لم يكن له أي تأثير عملي على الإدارة البريطانية للانتداب، ولا على دور الأمم المتحدة اللاحق. كانت الدوافع البريطانية مختلطة دائمًا؛ فيمكن اعتبار السلوك العملي للانتداب على أنه يندرج في النمط الكلاسيكي للمصلحة الذاتية الإمبريالية في إقامة وجود عسكري قوي في فلسطين لتوفير الحماية لطرق التجارة الحيوية إلى آسيا، وخاصة الهند، مما رفع مستوى حماية الطرق البرية وقناة السويس إلى مكانة عالية من الأهمية الاستراتيجية. وكان التدفق المطرد لليهود إلى فلسطين لعدة سنوات متسقًا مع سياسة بريطانيا المفضلة في جميع أنحاء العالم، أي استراتيجية فرق تسد، التي سعت بريطاتيا من خلالها إلى تحويل انتباه السكان الأصليين بعيداً عن مظالم الدور الاستعماري عن طريق إثارة الصراع العرقي داخل البلاد. من الواضح أيضًا أنه حتى في العام 1917، بدت معاداة السامية الأوروبية مريحة مع احتمال إنشاء وطن لليهود خارج أوروبا، مما يعني بالمصادفة عدداً أقل من اليهود في أوروبا. أصبح هذا العنصر السياقي أقوى بكثير مع صعود النازية، والاضطهاد الأوروبي الحاد لليهود الذي بلغ ذروته في الهولوكوست. طغت المأساة الإنسانية التي حلت بالسكان اليهود في أوروبا على جميع الاعتبارات الأخرى عندما تعلق الأمر بالردود الغربية المبكرة على التحركات الرامية إلى إقامة دولة إسرائيل كدولة يهودية.
كانت الديمقراطيات الليبرالية في أوروبا وأمريكا الشمالية، التي عانت من الكساد الكبير ثم الحرب العالمية الثانية، على دراية بأن حكوماتها فعلت القليل لتقديم الإغاثة الإنسانية الطارئة لمأساة اليهود خلال الثلاثينيات، ورفضت بشكل عام أو قيدت قبول اللاجئين اليهود. لم تفعل هذه الحكومات الليبرالية شيئًا يُذكر للتدخل في السياسات والممارسات العنصرية الصريحة لألمانيا الهتلرية وغيرها من الحكومات والحركات الفاشية والمعادية للسامية النشطة في أوروبا. وفي هذا السياق، وبتأثير عقلية استشراقية عن التصورات الصهيونية والأوروبية العامة عن السكان العرب في فلسطين، أُزيلت العقبات من أمام إنشاء دولة يهودية في فلسطين. في ضوء ذلك، ليس من المستغرَب أن نزوح عدد كبير من السكان العرب في فلسطين وطردهم خلال "ضباب الحرب" لم يُلاحَظ على المستوى الدولي في العام 1948، ولم يتم حتى التعبير عن الأسى تجاهه خارج الشرق الأوسط. واستُكمل الطابع العنصري لهذا الطرد، كما ظهر ليس فقط من خلال إجبار العديد من الفلسطينيين غير اليهود على الفرار من وطنهم، بطريقة عنصرية من خلال حرمان الفلسطينيين بشكل دائم من أي حق في العودة إلى ديارهم ووطنهم بعد الحرب.
كانت مثل هذه السياسات والممارسات العنصرية معقدة ومخبأة إلى حد ما من خلال اقترانها بالالتزام التأسيسي للحركة الصهيونية بإقامة ديمقراطية فاعلة في دولتهم الجديدة، بما في ذلك التأكيد على الكرامة الإنسانية لجميع الأفراد وهي التي يجب أن يدعمها القانون الدولي ومعايير الحقوق. هذا المزيج من المتطلبات - الهيمنة اليهودية ولكن تُنفذ من خلال القوانين والإجراءات التي وسعت حقوق المواطنة لجميع السكان، بما في ذلك غير اليهود الموجودين داخل الدولة اليهودية الجديدة - طمس الطابع العنصري للدولة، الناتج عن فرض السيادة اليهودية في مجتمع تقطنه أغلبية غير يهودية. تفسر الضغوط على حل هذه المعضلة المستحيلة التوجه العنصري الصريح للحركة الصهيونية عند قيام دولة إسرائيل؛ فتفسر التطهير العرقي لما يقارب الـ 700,000 من السكان غير اليهود مما أصبح يُعرف فيما بعد بإسرائيل، وتبرر في نظر معظم الصهيونيين إنكار حق العودة وحقوق الهجرة لغير اليهود. اعتمد أمن المشروع الصهيوني بشكل مستمر على الحفاظ على أغلبية يهودية كبيرة عبر الزمن في إسرائيل. تُشكل هذه السمات الخاصة بالعنصرية الراسخة في تطور دولة إسرائيل في عملية بناء الدولة، والتي تفاقمت بفعل التحديات الأمنية الناتجة عن رفض جيران إسرائيل العرب قبول شرعية الدولة الإسرائيلية باعتبارها مفروضة عليهم من قبل القوات الاستعمارية الأوروبية -الأمريكية، تعديًا وتهديدًا للحكم الذاتي للمنطقة بأكملها.
وكان السياق التاريخي من الاعتبارات الأخرى ذات الصلة. فبينما كانت الصهيونية تدفع الفلسطينيين للخروج من وطنهم لإرضاء التطلعات السياسية لمشروع استعماري استيطاني، كان الاستعمار الأوروبي ينهار في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط. وهكذا، في نفس اللحظة التي كان يُعلن فيها حق كل شعب في تقرير المصير باعتباره الأساس الشرعي للدولة، تم حرمان الشعب الفلسطيني من هذا الحق، ومن المفارقات أن ذلك كان بمباركة من الأمم المتحدة من خلال حلها المقدم في قرار التقسيم الغامض. كان لهذا الواقع المتناقض بعض الآثار الجانبية المثيرة للسخرية؛ كان أبرزها أنه ولّد شعورًا بالاستحقاق القانوني والأخلاقي والسياسي من جانب الفلسطينيين، وفي جميع أنحاء العالم العربي، وكان له أصداء متعاطفة بين جميع غير الغربيين الذين عانوا من الحكم الاستعماري. وكشف أيضًا دور الأمم المتحدة في إضفاء الشرعية على إسرائيل، ليس فقط في تجاهل حق الفلسطينيين في تقرير المصير رغم رفض الأغلبية المتزايدة لأعضاء الأمم المتحدة. لقد تم إخفاء عجز هذه الأغلبية عن دعم الحقوق الفلسطينية إلى حد ما في قرارات الجمعية العامة الداعمة للمطالبات الفلسطينية، ولكنها غير قابلة للتنفيذ، على حساب المنظمة الجديدة، مما يجعل الأمم المتحدة تبدو "ورشة نقاش" أكثر من كونها فاعلًا سياسيًا ذا فاعلية وإرادة لدعم القانون الدولي على النحو المنصوص عليه في ميثاقها.
لا يجوز اعتبار هذه المواقف العالمية المعارضة للمشروع الصهيوني تعبيرات تعكس معاداة للسامية. بدلاً من ذلك، كانت مؤشرًا على الاعتقاد السائد في جميع أنحاء العالم غير الغربي بأن المعاناة والظلم الذي وقع على اليهود في أوروبا لا ينبغي أن يكونا ذريعة مقبولة لإعادة إنتاج مثل هذه الشرور عبر فرض سياسات عنصرية على شعب آخر لم يكن بأي شكل من الأشكال مسؤولاً عن الأحداث التي بلغت ذروتها في الهولوكوست. غذت مناهضة الاستعمار المقاومة الفلسطينية، وهذا بدوره تسبب في هوس أمني في إسرائيل، التي كرس قادتها طاقة كبيرة وبراعة لإثبات أن حكومة إسرائيل يمكن أن تحمي المشروع الصهيوني بشكل موثوق به من الخصوم الخارجيين والمقاومة الداخلية، وأي مزيج منهما. نشأ الفصل العنصري الإسرائيلي، جزئيًا على الأقل، كرد حتمي تقريبًا على هذه المخاوف، مدعومًا بأجندة السياسة الصهيونية التوسعية المستمرة. نتيجة لذلك، تم الكشف عن وضوح هذه السياسات من خلال النقد المتزايد للدعم الذي كان متفقًا عليه في وقت ما في الديمقراطيات الليبرالية، والتي كانت قد أكدت منذ فترة طويلة على تحقيق المشروع الصهيوني في إسرائيل على الرغم من طابعه الذي ينكر الحقوق.
طوال الفترة منذ تأسيس إسرائيل، أصبح النضال ضد العنصرية مضمنًا في الأدوات السلطوية للقانون الدولي، والتي عبّرت عن الأولوية الممنوحة لهذا البعد من أجندة حقوق الإنسان من قبل العالم غير الغربي. أظهر هذا الموقف المناهض للعنصرية قوته من خلال الترويج لحملة عالمية مناهضة للفصل العنصري موجهة ضد الأنظمة العنصرية التي حكمت في جنوب إفريقيا وجنوب غرب إفريقيا (ناميبيا الآن). وقد أُعطيت الحملة سلطة قانونية إضافية من خلال المنطق المقنع للعديد من خلال الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية وسلسلة من القرارات للجمعية العامة. وتم الوصول إلى أهم معلم قانوني في العام 1963 من خلال المفاوضات الناجحة بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تم التعامل معها على أنها معاهدة لسن القوانين ترسي معايير عالمية لا تعتمد قابليتها للتطبيق على عمليات التصديق على المعاهدات العادية.
خصّت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل بالإدانة في القرار المثير للجدل الذي أعلن الصهيونية كشكل من أشكال العنصرية (A / RES / 3379، وقد اعتُمد في 10 تشرين الثاني 1975 بأغلبية 72 صوتًا مقابل 35 صوتًا، وامتناع 32 عضوًا عن التصويت). في السنوات اللاحقة، استُخدم هذا القرار من قبل المؤيدين الحكوميين والمنظمات غير الحكومية المؤيدة لإسرائيل للانخراط في مهاجمة الأمم المتحدة. وبمرور الوقت، كانت هذه المعارضة فعالة وتم إلغاء القرار في النهاية، ولكن دون أي تفسير يذكر. ترك هذا انطباعًا بأن ذلك كان نتيجة لضغط هائل، وليس تعديلًا سلوكيًا من جانب إسرائيل التي كانت مسؤولة عن مواجهة الموقف من قبل الجمعية العامة كما تم صياغته في القرار 46/96 في العام 1991.
تمت صياغة المفاهيم بشأن مدى انتشار العنصرية وإدراك طبيعتها، فضلاً عن الإجراءات اللازمة لمكافحتها، بشكل شامل وموثوق في العام 2001 في إعلان ديربان الصادر عن المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية، والتمييز العنصري، وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب. كان من المقرر أن يتم تنفيذ الإعلان من خلال برنامج عمل مصاحب، واجتماعات دورية، بما في ذلك مؤتمر ديربان الرابع في العام 2021. تعرض إعلان ديربان، الذي انطلق بشكل رمزي من جنوب أفريقيا ما بعد الفصل العنصري، وتظهر فيه أخطاء العبودية التي وقعت ضحيتها القارة الأفريقية، إلى هجوم شرس، بل وقاطعته أكثر من 10 دول مدعية أن للإعلان طابعًا معادياً للسامية. صحيح أن العديد من البيانات في النقاشات المفتوحة خصت إسرائيل، وحصل ذلك أيضًا في الملتقى غير الحكومي الموازي للإعلان، إلا أنَّ إعلان ديربان أدان الهولوكوست ومعاداة السامية، ولم يتعدَّ لفت الانتباه إلى "محنة الشعب الفلسطيني". وتضمن حتى تأكيدًا على ".. حق الأمن لجميع دول المنطقة، بما في ذلك إسرائيل"، لتقويض أي ادعاءات واتهامات بمعاداة السامية، ومع ذلك استمرت الإدانات لتشويه سمعة إعلان ديربان، الذي من المقرر أن يعقد رابع اجتماعاته في العام 2021.
من المبرر التساؤل عما إذا كان هناك طريق غير عنصري لم تسلكه الأطراف المهيمنة في المشروع الصهيوني. هل كان من الممكن تقاسم الأرض كما تصورتها الأمم المتحدة في توصيتها بعد انتهاء الانتداب البريطاني؟ هل كان الفلسطينيون، إذا ما تم تمثيلهم بشكل صحيح، سيقبلون مثل هذه النتيجة؟ هل كانت الحركة الصهيونية ستتخلى عن حلمها المحوري باستعادة "أرض الميعاد" كلها؟ هل كان من الممكن أن يعيش الشعبان معًا في دولة ثنائية القومية تقوم على المساواة العرقية، وهل كان مثل هذا الحل السياسي سيتطلب التخلي عن الصهيونية كإيديولوجية سياسية منظمة أو تحولها بشكل جوهري؟ ليس من المجدي الإسهاب في مثل هذه الحقائق التاريخية المضادة سوى لملاحظة كم يبدو صعبًا الآن تنفيذ هذه البدائل غير العنصرية.
الفصل العنصري الإسرائيلي: جريمة مستمرة ضد الإنسانية
استخدمت حكومة جنوب إفريقيا لغة الفصل العنصري في الستينيات لشرح سياساتها وممارساتها للفصل العرقي. أنكرت القيادة الأفريكانية طابعها العنصري، على الرغم من سماتها التمييزية والقمعية الجسيمة، زاعمة أن "التنمية المنفصلة" مفيدة لجميع الأعراق. ومع ذلك، فقد تمت مواجهة هذا النهج على نطاق واسع من منظور حقوق الإنسان والقانون الدولي، وأنتج ذلك حملة عالمية جمعت بين العقوبات الحكومية الدولية ومبادرات من المجتمع المدني للمقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات BDS التي استبعدت مشاركة جنوب إفريقيا في العديد من المناسبات الرياضية العالمية وقادت الفنانين البارزين إلى رفض الدعوات لأداء العروض فى جنوب افريقيا.
ونظرًا إلى أنَّ عدد السكان البيض في جنوب إفريقيا لم يتجاوز أبدًا 25٪، لم يتم النظر بجدية في خيار الديمقراطية والمواطنة متعددة الأعراق، إلى جانب معارضة أقلية صغيرة من البيض لفكرة الفصل الصارم بين الأجناس. تم فرض هيكل الفصل العنصري بشكل حازم من خلال سلسلة من القوانين واللوائح القمعية: التجريم الواسع الناتج عن قوانين المرور المفروضة على الأفارقة، والحرمان من الوصول إلى مناطق السكان البيض، والقوانين العنصرية للعمل والممتلكات، والمرافق المنفصلة وغير المتكافئة للسود والملونين والبيض، ومجموعة متنوعة من القوانين التي تجرم معارضة الفصل العنصري على أنها تخريب أو خيانة. ولتخفيف الانتقادات الدولية، أنشأت حكومة جنوب إفريقيا سلسلة من البانتوستانات التي تظاهرت بتوفير السيادة القبلية لأعراق أفريقية معينة، لكنها لم تحقق شرعية دولية أو استقلالًا وجوديًا لحكومة جنوب إفريقيا.
أدت تجربة التمييز والتسلسل الهرمي بين الأعراق إلى تجريم الفصل العنصري عن طريق المعاهدات الدولية. على الرغم من أن تعبير الفصل العنصري وتجربة جنوب إفريقيا كان لهما دور فعال في فهم طبيعة الجريمة، إلا أن عناصر الجريمة كما تطورت تم تعميمها على أنها تتعلق بسياسات وممارسات العنصرية بهدف رئيسي متمثل في الحفاظ على سيادة عرق واحد من خلال إخضاع عرق آخر. أدى ذلك إلى التفاوض بشأن الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها في العام 1973. قدمت المادة الثانية تعريف جريمة الفصل العنصري الذي تم الاعتماد عليه على نطاق واسع: "مصطلح" جريمة الفصل العنصري" الذي يجب أن يشمل سياسات وممارسات مماثلة للفصل والتمييز العنصري كما هو ممارس في الجنوب الأفريقي، ينطبق على الأفعال اللاإنسانية المرتَكَبة بغرض ترسيخ والحفاظ على هيمنة مجموعة اجتماعية واحدة على مجموعات عرقية أخرى واضطهادها بشكل منهجي". يُدرِج نظام روما الأساسي الذي يحكم عمليات المحكمة الجنائية الدولية الفصل العنصري في المادة 7 كواحدة من عدة جرائم ضد الإنسانية دون أي إشارة إلى جنوب إفريقيا.
ورغم اتهام إسرائيل بالعنصرية في العديد من المناسبات، إلا أن لغة الفصل العنصري لم يستخدمها النقاد الدوليون كثيرًا حتى وقت قريب. باستثناء الكتابين المصممين جيدًا لأوري ديفيس: "إسرائيل: دولة الفصل العنصري" في العام 1987 و"إسرائيل الفصل العنصري: إمكانيات النضال في الداخل" في العام 2003. وعلى نحو مكشوف إلى حد ما، حذر العديد من السياسيين الإسرائيليين الحاليين والسابقين وصولًا إلى ديفيد بن غوريون، من أن إسرائيل تخاطر بأن تصبح دولة فصل عنصري إذا لم تجد حلاً سياسياً لعلاقاتها مع الشعب الفلسطيني. كانت هذه التصريحات باللغة العبرية دائمًا، وإذا تجرأ أي شخص على اتهام إسرائيل بالفصل العنصري باللغة الإنجليزية أو في مكان دولي، فسيصفه الصهاينة والقادة الإسرائيليون والدبلوماسيون بأنه مذنب بمعاداة السامية بشكل سافر. وحتى الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لم يفلت من مثل هذا الرد عندما تجرأ على تسمية كتابه "فلسطين: سلام لا فصل عنصري" في العام 2006.
أصبح من الشائع بشكل متزايد أن يشير النشطاء الفلسطينيون إلى سياسة الاحتلال الإسرائيلي على أنها تجسيد للفصل العنصري، ولكن دون بذل الكثير من الجهد لتحديد التفاصيل من حيث السياسات والممارسات التي تفي بمتطلبات القانون الدولي المتعلقة بالقصد والسياسات الرسمية.
أصالة الفصل العنصري الإسرائيلي
من اللافت للنظر أن الشخصيات الكاريزمية في جنوب إفريقيا، بما في ذلك نيلسون مانديلا ورئيس الأساقفة ديزموند توتو، رأوا التشابه الأساسي بين نضالهم ضد الفصل العنصري والنضال الفلسطيني، على الرغم من اختلاف الظروف الديموغرافية، والثقافية، والسياسية، والأمنية بشكل ملحوظ في السياقين. وحتى الوقت الحاضر، تقف حكومة جنوب إفريقيا بشكل أقوى من جميع الحكومات بما في ذلك تلك الموجودة في العالم العربي، في تضامنها مع التطلعات الفلسطينية، فضلًا عن أنها أخذت زمام المبادرة على نطاق أوسع لإعلان ديربان لمكافحة جميع أشكال العنصرية. يقدم هذا التعبير عن سياسة الاعتراف دعماً قوياً لوجهة النظر القائلة بأن مزاعم الفصل العنصري الموجهة ضد إسرائيل تستند إلى أساس تجريبي راسخ.
وجاء تأكيد إضافي من تقارير الخبراء للمقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العقدين الماضيين. وبالتركيز على ظروف الإدارة القانونية المزدوجة والتمييزية للفلسطينيين والمستوطنين اليهود داخل الحدود الإقليمية للضفة الغربية، أصبح يُنظر إلى إسرائيل بشكل متزايد على أنها تعتمد على بنية الفصل العنصري، على الأقل فيما يتعلق بسياسات الاحتلال ما بعد العام 1967. فتتم حماية حقوق المستوطنين بشكل كامل من خلال خضوعهم للقانون المدني والجنائي الإسرائيلي، في حين يقبع الفلسطينيون في الأساس بلا حقوق، ويخضعون للإدارة العسكرية لأكثر من 50 عامًا. في الواقع، انطوى احتلال الضفة الغربية، ومن خلال سياسات براغماتية مختلفة في القدس الشرقية وقطاع غزة، على إخضاع الفلسطينيين لتمكين وإدامة الهيمنة اليهودية على كامل الأراضي التي سيطر عليها الانتداب البريطاني، والذي كان بحد ذاته المحطة النهائية لفلسطين العثمانية سابقًا. وعندما أخذ الاحتلال تدريجياً طابع الضم الجزئي بحكم الأمر الواقع، مثل ذلك امتداد المشروع الصهيوني وراء حدود الخط الأخضر لإسرائيل للعام 1967.
تم اتخاذ خطوة كبيرة في العام 2017 عندما أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (ESCWA) تقريرًا أكاديميًا مستقلًا بعنوان "ممارسات إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري" الذي تم إطلاقه لاستكشاف التصور المتزايد في جميع أنحاء العالم حول تأسيس إسرائيل لنظام فصل عنصري لحماية المشروع الصهيوني للهيمنة العرقية. كانت الدراسة تقييماً شاملاً لحجة الفصل العنصري مع الانتباه إلى خصوصيات السيطرة الإسرائيلية على الفلسطينيين في سياقات مختلفة، ورغم أن الأمم المتحدة هي التي كلفت إنتاج هذه الدراسة، فقد أوضحت فقرة التنصل أن التقرير لم يكن بيانًا من الأمم المتحدة، وأنه يمثل آراء مؤلفيه.
كان المنهج المميز الذي اتبعه تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا هو تحليل الأدلة حول الوسائل التي تتخذها إسرائيل لتحقيق الهيمنة التمييزية على الشعب الفلسطيني والحفاظ عليها. وتجدر الإشارة إلى أن المشروع الصهيوني كان مصراً على قيام الدولة اليهودية ضمن إطار قانوني شمل معظم عناصر الديمقراطية المؤسسية؛ الانتخابات، والمواطنة المتاحة بشكل مستقل عن العرق، وسيادة القانون، والقضاء المستقل، والسلطة التشريعية البرلمانية، وإطار قانون أساسي يشبه إلى حد ما الدستور. للتوفيق بين هذين الهدفين، لجأت إسرائيل مبكرًا إلى سياسات التجزئة، مما أدى إلى انقسامات متعددة في صفوف الشعب الفلسطيني من أجل إضعاف قدرة الفلسطينيين وإرادتهم على المقاومة. كانت أهم التقسيمات هي تلك التي بين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل أراضي إسرائيل ويخضعون لقوانين تمييزية تفرض مجموعة متنوعة من القيود وبين الفلسطينيين الذين يعيشون خارج السيطرة المباشرة. وبعد ذلك، تم تصميم الشروط المفروضة على المناطق المحتلة الثلاث؛ الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وغزة لخلق الفصل والتنافس. إضافة إلى ممارسات تمثلت بنقاط التفتيش المتعددة في الضفة الغربية، وانعدام الأمن للفلسطينيين في القدس الشرقية، والقيود القمعية القاسية على غزة بما في ذلك تقييد السفر إلى أجزاء أخرى من فلسطين المحتلة. وأضيف إلى كل هذا أشكال أخرى من التشرذم، بما في ذلك إنكار حقوق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية أو في البلدان المجاورة، ورفض الهجرة. وهناك شكل خبيث آخر من التشرذم نتج عن إطار مبادئ أوسلو، الذي قسم الضفة الغربية إلى مناطق "أ"، و"ب"، و"ج"، مما جعل التفاعل والإقامة خارج المنطقة "أ" مرهقًا وتقع عليه قوانين صارمة. وحاولت إسرائيل، باستخدام وسائل خفية، إبقاء التمثيل السياسي الفلسطيني مفككًا ومشتتًا قدر الإمكان، وعرقلت جميع الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة الفلسطينية فيما يتعلق بممارسة حق تقرير المصير.
وضع تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا إطارًا مفاهيميًا لادعاءات الفصل العنصري في سياق تأثير السيطرة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، بدلاً من حصر مفهوم الفصل العنصري في منطقة معينة. وهذا فرق مركزي عن طبيعة الفصل العنصري الممارسة في جنوب إفريقيا؛ فأظهر هذا التركيز على الناس بدلاً من الأرض انشغال الصهيونية بتصوراتها عن التهديد الديموغرافي الفلسطيني، والذي يفسر إلى حد كبير عمليات الطرد والاستبعاد والتجزئة. كما يختلف في هذا عن الطريقة التي تصف بها التقارير المؤثرة الأخرى الفصل العنصري الإسرائيلي.
أثار التقرير عند صدوره في آذار 2017، سلسلة من ردود الفعل التحريضية من القادة والدبلوماسيين الإسرائيليين، وأدى إلى جلسة عاصفة في مجلس الأمن الدولي طالب خلالها السفير الذي يمثل الولايات المتحدة في خطاب تهديدي بأن يرفض الأمين العام للأمم المتحدة الاعتراف بالتقرير. لم يعلق الأمين العام مباشرة على التقرير، لكنه أمر، مذعناً، بإزالته من موقع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. واستقال مدير اللجنة احتجاجاً على هذا التوجيه. في الواقع، لم تتحدَّ عاصفة الأمم المتحدة التي نتجت عن الهجوم جوهر الاستنتاجات أو التحليل المرافق للتقرير، لكنها أعطت التقرير اهتمامًا لم يكن ليحصل عليه في العادة، مما أدى إلى تأكيد واسع النطاق على محتواه في مجموعة متنوعة من الأوساط الأكاديمية والصحفية للادعاء المركزي للفصل العنصري الإسرائيلي، مما ساعد على تمهيد الطريق لما سيأتي.
أدى الكنيست الإسرائيلي عن دون قصد إلى تطور كبير في اتجاه تركيز المظالم الفلسطينية على الفصل العنصري عندما سن قانوناً أساساً في العام 2018؛ يؤكد هذا القانون على المبادئ الصهيونية المركزية بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، والعبرية لغتها الرسمية، والشعب اليهودي هو فقط من يتمتع بحق تقرير المصير. يتعارض الادعاء الأخير مع الأغلبية 14-1 في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية للعام 2004 في "النتائج القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، والذي أكد أن الشعب الفلسطيني يحق له ممارسة حقه في تقرير المصير، على الرغم من أنه لم يتم تحديد نطاقه.
وقد نُشرت في عام 2021 تأكيدات أكثر موثوقية لتهمة جريمة الفصل العنصري تناولت أسلوب الحكم الذي تمارسه إسرائيل. في 12 كانون الثاني، نشرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية "بتسيلم" تقييمها لتهم الفصل العنصري تحت عنوان "هذا هو الفصل العنصري: نظام فصل عنصري من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط." وإضافة إلى تلخيص الممارسات الإسرائيلية التي بررت الاستنتاج الرئيسي، توصل اقرير إلى نتيجة مهمة مفادها أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية كانت سياسات ضمّية في طبيعتها ومقصدها، ويقترن ذلك بتأكيد القانون الأساسي للعام 2018 على أن الاستيطان كان جزءًا لا يتجزأ من الدولة الإسرائيلية، مما خلق واقع الدولة الواحدة. دفع هذا بتسيلم إلى تحديد النطاق الإقليمي للفصل العنصري الإسرائيلي على أنه يشمل الضفة الغربية "المحتلة".
صدر تقرير أكثر أهمية يؤكد الفصل العنصري من قبل هيومن رايتس ووتش في 27 نيسان 2021 تحت عنوان "تجاوزوا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصري والاضطهاد". يحتوي هذا التقرير على نظرة عامة شاملة للسياسات والممارسات التي دفعت هيومن رايتس ووتش للخروج عن التيار الليبرالي السائد في الولايات المتحدة، وإضافة ثقلها الكبير إلى الزخم وراء شكاوى الفصل العنصري. يؤكد كلا التقريرين الاختراقيين على مركزية الجهود الإسرائيلية لضمان الحفاظ على التفوق اليهودي وتوسيع نطاقه، مما يستلزم ممارسات قاسية من قهر الفلسطينيين، والتي تمثل بحسب منطوق اتفاقية الفصل العنصري "أفعالًا لاإنسانية" وهي جزء لا يتجزأ من عناصر الجريمة. وتشمل هذه قوانين الهجرة التمييزية، وممارسات الاستيلاء اليهودي على الأراضي، والقيود المفروضة على تنقل الفلسطينيين، والقيود الصارمة على المشاركة الفلسطينية بما في ذلك التعامل مع انتقاد المشروع الصهيوني في أي من سياساته السابقة أو الحالية على أنه "تحريض" وجريمة يُعاقب عليها وفقا للقانون الإسرائيلي.
ملاحظات ختامية
على الرغم من عدم وجود تقييم قانوني دولي موثوق به للفصل العنصري الإسرائيلي، إلا أن الأدلة الموثوقة التي تم تجميعها وتحليلها حتى الآن تدعم بشكل ساحق ذلك الافتراض، ويتم قبولها بشكل متزايد من قبل الرأي العام العالمي على أنها وصفة لإيذاء الشعب الفلسطيني، وهذا ما لم تقبل به بعد الديمقراطيات الليبرالية في الغرب أو السجلات الرسمية للأمم المتحدة.
تبقى هناك مسألة عالقة، وهي ما إذا كان ينبغي تصور الفصل العنصري فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، وبالتالي يشمل ذلك اللاجئين والمنفيين، أو يقتصر على الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية أو السيطرة الفعلية.
إن واقع الفصل العنصري الإسرائيلي يُعرِّض الشعب الفلسطيني لجريمة فاضحة ومستمرة، وبالتالي يستحق تحقيقًا كاملاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية. يفرض القانون الدولي سلطة قانونية مميزة على الحكومات، والمؤسسات الدولية، والمجتمع المدني لاتخاذ خطوات لقمع ومعاقبة ارتكاب واستمرار الفصل العنصري، وبالتالي تبرئة المعارضة اللاعنفية، بما في ذلك حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات BDS الدولية، وهي امتداد لمقاومة المجتمع المدني الفلسطيني.
تُعد الحركة العالمية المناهضة للفصل العنصري ضد جنوب إفريقيا سابقة مفيدة توضح فعالية المقاومة اللاعنفية المنظَّمة للفصل العنصري. كما أن ذلك مفيد أيضًا في إثبات أن السلام العرقي وحقوق الإنسان الأساسية للمجتمعات السياسية لا يمكن تحقيقهما دون القضاء المسبق غير المشروط على بنى وسياسات وممارسات الفصل العنصري. من غير الواقعي التفكير في إمكانية تحقيق سلام دائم وعادل بين اليهود وغير اليهود في فلسطين التاريخية دون التخلي الجوهري عن المكونات العنصرية للمشروع الصهيوني.