الفساد السياسي

يُشاع أن الفساد السياسي هو ظاهرة عالمية دائمة الوجود. في الواقع، ليس من المستغرب أن تبرز حالات فساد سياسي عديدة والتي تكون غالباً بشكل يومي. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى فهم مفاهيمي واضح للفساد السياسي ومدى ارتباطه بأشكال الفساد الأخرى - وفكرة الفساد على نطاق أوسع - لا يزال يمثل إحدى العقبات الرئيسية في البحث عن الفساد السياسي. لطالما كانت دراسة الفساد السياسي أساسية في العديد من التخصصات الأكاديمية، وقد ركزت الأدبيات على تعريفات الفساد السياسي وأسبابه وآثاره وطرق مواجهته لهذه الظاهرة. بعض من هذه الأدبيات ينظر إلى الفساد السياسي باعتباره عائقًا أمام أي عملية ديمقراطية، ويعتبر ظاهرة يتعين القضاء عليها. علاوة على ذلك، فقد ارتبط الفساد السياسي بانعدام الحكم الرشيد والسياسة الباطلة. وقد ارتبط أيضًا بتأثير سلبي على الصعيد العام وعلى المصلحة العامة. ترتبط صعوبة مناقشة أي جانب متعلق بالفساد السياسي بالتحدي المتجذر في تحديد المصطلح وتحديد حدوده المفاهيمية. بالإضافة إلى ذلك، فقد تعرض الفساد السياسي للعديد من المناقشات التي تدور حول الطرق التي تم تعريفه بها، وحدود الأدوات المفاهيمية الحالية المستخدمة في البحث والتحليل للفساد السياسي، والنطاقات المحتملة للمصطلح نفسه. إن أحد التحديات التي تواجه تعريف الفساد السياسي وفهمه النظري تكمن في تعريف كلمة "السياسي" المصاحبة للفساد. كيف يختلف الفساد السياسي عن الفساد؟ هل تتطلب السياسة في الفساد أدوات تحليل مختلفة وفهمًا مفاهيميًا؟ بالإضافة إلى ذلك، هل يرتبط فهم الرأي العام والإرادة العامة بالضرورة بالفساد السياسي، وطرق فهمه وتحليله؟ مشروع "الفساد السياسي: النظرية والمفاهيمية"، هو مشروع بحثي يقوم به معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان. ويعتبر المشروع "الفساد السياسي" مجالًا محوريًا للدراسة نظرًا لضرورة توفير نهج أكاديمي جديد للفساد السياسي. بالإضافة إلى هذا المشروع، فمن المتوقع أن يعمل معهد مواطن بالتعاون مع أمان (التحالف من أجل النزاهة) على تطوير مؤشرات للفساد السياسي تكون بمثابة أساس لسياسات تطوير السياسات لمكافحة الفساد السياسي. وبخلاف معظم الأعمال والأنشطة المتعلقة بالفساد السياسي، لا يبدأ هذا المشروع بتعريف أو تحديد فئات لما يعنيه الفساد السياسي، أو من المفترض أن يعنيه. فتتناول المرحلة الأولى من المشروع، "الدراسات النظرية والمفاهيمية للفساد السياسي" بشكل خاص الطرق التي تم بها تعريف الفساد السياسي ومناقشته في الأدبيات ذات الصلة. إن الهدف من هذه المرحلة من البحث هو الخوض في مختلف المناقشات المفاهيمية والنظرية للفساد السياسي؛ لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها أي بحث عن الفساد السياسي؛ ومحاولة التوصل إلى فهم متفق عليه - وإن كان ربما محدودًا - لمفهوم الفساد السياسي الذي يمكن البناء عليه واستخدامه في المراحل البحثية اللاحقة. إن المراحل التالية من البحث، التي تتضمن مؤشرات، وتطوير السياسات، واستراتيجيات لمكافحة الفساد السياسي سوف تبنى على الصياغات المفاهيمية والنظرية لهذا الفساد، والعمل على التحقيق في قضايا تتعلق بالفساد السياسي، إضافة إلى الدراسات التحليلية. ومن خلال البحث على نطاق واسع في الدراسات النظرية والمفاهيمية للفساد السياسي، يهدف هذا المشروع إلى معرفة وفهم عميقين لهذه الظاهرة، لدراسته عن قرب، وتمييزه عن أشكال الفساد الأخرى، في حين أن تعريف الفساد السياسي بشكل ملموس هو مهمة صعبة، ومن المتوقع أن يساعد طرح المناهج المفاهيمية والنظرية العديدة للفساد السياسي في توفير فهم أكثر شمولاً لما يعنيه هذا المصطلح، وكيفية البحث فيه. لا يزال مشروع "الفساد السياسي - النظرية والمفاهيمية" في مرحلته الأولية، ويطمح إلى توفير نهج جديد للفساد السياسي، وذلك بالنظر إلى مناهج متعددة يتبعها معهد مواطن في مجال البحوث، والشبكات الواسعة النطاق والتعاون المستمر مع العديد من المنظمات والبرامج داخل وخارج جامعة بيرزيت.